IMLebanon

قراءة أولية

قطار الاستحقاق الانتخابي البلدي والاختياري اجتاز يوم الأحد المنصرم محطته الثانية إدارياً وأمنياً بسلام مستكملاً مساره في اتجاه الجولة الثالثة في محافظتي الجنوب في الثاني والعشرين من الشهر الجاري على أن تجري الجولة الرابعة والأخيرة في محافظة الشمال يوم الأحد في التاسع والعشرين منه. وعلى أهمية الدلالات السياسية للنتائج التي أفضت إليها المرحلة الأولى، فإن إنتخابات محافظة جبل لبنان فاجأت المتابعين إن في نسب المشاركة العالية للجبليين أو في إبراز خصائص سياسية وإنتخابية لم تكن محسوبة حيث استحضرت كل أنواع التعبئة الشعبية في معظم مناطق محافظة الجبل، لا سيما في مدينة جونية التي تُعتبر معقل المارونية، حيث شهدت نوعاً من الاصطفاف السياسي والحزبي لم تكن حتى بكركي بعيدة عنه بين الزعامتين المارونيتين النائب ميشال عون رئيس تكتل التغيير والإصلاح والدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، واستخدمت فيها كل أنواع الأسلحة المسموح بها وغير المسموح من تعبئة ومال، وخلافهما، بهدف وحيد هو إبراز الأقوى والتفرّد بالقيادة المارونية إنطلاقاً من جونية التي تُعتبر معقل المارونية السياسية، إلا أن كل هذه التعبئة بكل مقوّماتها لم تؤمّن الفوز الكاسح لأحدهما ولا سيما للجنرال في عرينه الإنتخابي إذ فازت لائحة كرامة جونية التي يدعمها وخاض معركتها شخصياً مع خرق من لائحة جونية التجدّد والتي يدعمها الحكيم بأربعة مقاعد وبات من الصعب في ضوء ما أفرزته صناديق الاقتراع على الجنرال تسييل ما أفرزته جونية في السباقين اللذين يخوضهما على التفرّد بالزعامة المارونية وفي السباق الذي يخوضه إلى بعبدا، ذلك أن عاصمة الموارنة لم تعطه التفويض الذي كان ينتظره ولم تكرّسه الزعيم المسيحي الأقوى بلا منازع كما يدّعي ويتباهى، وفي ذات الوقت لم توفّر للحكيم الفرصة نفسها.

وما يُقال عن النتائج التي أفرزتها المعركة الانتخابية في جونية ينسحب على نتائج إنتخابات سن الفيل والدامور حيث سجّلت القيادة الكتائبية فوزاً على التحالف العوني – القواتي، ناهيك عن انتخابات دير القمر التي نجح تحالف شمعون – البستاني في خرقها، وأيضاً شكّلت نتائج الاستحقاق الانتخابي البلدي والاختياري في قضاء المتن، تراجعاً ملحوظاً للزعامتين المارونيتين لمصلحة العائلات بزعامة الأرثوذكسي النائب ميشال المرّ، كما شكّلت النتائج التي أفرزتها الانتخابات المسيحية في المحافظات كافة، وفق المحللين، وحتى وفق قراءة الحليفين اللدودين عون وجعجع كل من موقعه وطموحاته للتربّع على عرش الزعامة المارونية في الانتخابات النيابية المقبلة إذا قيض لها أن تحصل بعد سنة، ولم يعمد إلى التمديد مرّة ثالثة للمجلس الحالي.

إن هذه الصورة عن الواقع المستجد لا تقتصر على الساحة المسيحية فقط بل تنسحب على صعيد الساحة الإسلامية أيضاً سنّياً في ضوء انتخابات بيروت، وشيعياً من خلال انتخابات بعلبك والضاحية، ومن خلال ارتفاع أصوات تجرّأت للمرة الأولى ربما على الوقوف في وجه ثنائية حزب الله – أمل والشواهد كثيرة حتى الساعة.