IMLebanon

كسر عظم… وتنسيق

 

يُسَجَّل لحكومة “حزب الله” التكنوقراطية أنها قضت على فعالية أفرقاء اللون الآخر. أنهت بعضهم، ودجنت البعض الآخر وفق متطلبات التوازن الذي تحتاجه استراتيجية الممانعة المدروسة لاستثمار السيطرة على السيادة اللبنانية. لكن اللون الواحد في الحكم بدأ يفرز قيحه. وتحديداً مع التحضير لاستحقاق رئاسة الجمهورية.

 

فقد نشبت معارك كسر العظم من هنا وهناك. وكل من يحسب نفسه مرشحاً بدأ إعداد ملف أوراق اعتماده، ليس من خلال السيرة الذاتية وما تتضمنه من خبرات وإنجازات وكفاءة، وانما من خلال نشر الغسيل الوسخ لغريمه، على أمل أن تسقط ورقته، فتخلو الساحة له. أكثر من ذلك، معارك كسر العظم تجاوزت رفاق الصف الواحد لتقتحم البيت السياسي الواحد.

 

بعضها معلن، وبعضها الآخر مكتوم القيد، يعمل أصحابه بباطنية، ويتقصون آخر المستجدات التي تصيب الطامحين الوقحين الذين يعرقلون دروبهم للوصول الى سدرة المنتهى. ويهللون عندما يحرق المتنافسون في الصف الأول مراكب بعضهم البعض، في تعادل سلبي يغرقهم ويبعدهم عن مرتجاهم. حينها ينام الباطنيون على حرير الأحلام الرئاسية، التي يمهدون لشق طريقها بحرص على تظهير الصورة وفق معايير تلفت انتباه المايسترو صاحب الحل والربط، وبخفر وصمت تحاشياً لغضب ولي العهد القوي الحالي. ويعملون باجتهاد على أمل ملء الفراع بالفراغ، لا يوفرون سبيلاً ليتباهوا بحرصهم على التشريع والقانون، وكأن هموم الدولة وحاجات المواطن في ضميرهم تؤرقهم ليلاً ونهاراً. ويقدّمون أنفسهم مواظبين ومنقذين دستوريين حصيفين وشرسين في آن.

 

والمايسترو يتفرج، ويترك للجراميز أن يتصارعوا كالديكة، سواء على الفتافيت من النثريات الكفيلة بتشكيل مادة دسمة للفضائح في المؤتمرات الصحافية المتلاحقة التي يتسابق اليها أصحاب الطموح الرئاسي، أو عبر المزايدات في الطوباوية والعنتريات الكرتونية، ما دام الحل والربط عنده، وبموجب أجندته بمعزل عن أي مقاييس أخرى.

 

فالمايسترو يتعالى عن الصغائر، يتركنا نتسلى بها مع خيال المحللين والمجتهدين الذين يعرفون خطوطهم الحمر ولا يتجاوزونها، وكأن دورهم يقتصر على صرف انتباهنا عنه، وهو يواصل رعاية الفساد الأكبر، مستخدماً معادلات مدروسة على النقطة والفاصلة، ليصادر آخر سنت مثقوب في جيوبنا، وآخر حبة قمح غفلت عنها دجاجة رعناء، وآخر نقطة وقود يمكن أن تتسرب من صهريج غير مرئي وعابر للحواجز الأمنية والمعابر غير الشرعية.

 

والأنكى أن المطلوب، وفق المايسترو، هو مخاطبة النظام الأسدي، الشريك في التهريب والمستفيد الأول منه، والابتهال إليه لينسق مع حكومة “حزب الله” التكنوقراطية لوقف التهريب. ويا أيها الطامحون الى الرئاسة، عليكم أن تدرجوا هذا البند في معارك كسر العظم. وحتى تنالوا الرضى عليكم الإكتفاء بالتشهير بالشريك اللبناني من الخصوم عندما تتطرقون الى ملفات التهريب والفساد المتشابكة، وإغفال الشريكين السوري والإيراني اللذين تعبر إليهما المواد المهربة..