IMLebanon

رئاسة «الكتائب» محسومة سلفاً.. والتنافس «شكلي» ؟!

فيما يسيطر «الجمود» على الحياة السياسية في لبنان، في ظلّ «الفراغ القاتل» الذي تتنقّل عدواه بين مختلف المؤسسات من دون حسيبٍ أو رقيب، ووسط الخشية من وقوع «المحظور» سياسياً وأمنيًا على خلفية «الانفجار» المرتقب في أيّ لحظةٍ من بوابة بلدة عرسال وجرودها، يبدو حزب «الكتائب» خارج الصورة، هو المنهمك بما يصطلح البعض على تسميته بـ «ربيعه»، في إشارة إلى مؤتمره العام الذي سيعقد على مدى ثلاثة أيام في 12 و13 و14 حزيران المقبل، والذي يُنتظَر أن تنبثق عنه قيادة «كتائبية» جديدة، شكلاً ومضمونًا.

من هنا، تنطلق مصادر في حزب «الكتائب» لتؤكد أنّ مجرّد انعقاد هذا المؤتمر سيكون نقطة مضيئة في نفقٍ مُظلمٍ يعاني منه لبنان، بمؤسساته المختلفة، وحتى بأحزابه المتنوّعة، التي عملت بمعظمها وفق العرف اللبناني الجديد، فهي إن لم تمدّد لقيادتها وتركيبتها كما هي من دون أيّ تغيير، قامت بكلّ بساطة بإرجاء مؤتمرها العام مرّات ومرّات، خشية حدوث انقسامٍ داخل صفوفها، في إطار التداعيات المحتملة لفوز فريقٍ محدّد. هذه العقلية والذهنية اللبنانية لا يزال حزب «الكتائب» يتفوّق عليها، بحسب المصادر، التي تلفت إلى أنّ الحزب لا يزال متمسّكاً منذ الخمسينيات بإجراء هذا المؤتمر بصورة دورية كلّ أربع سنوات، وفقاً للنظام الداخلي للحزب، والذي يحدّد الخطوط العريضة لسياسة الحزب.

رغم ذلك، فإنّ مؤتمر هذا العام يكتسب أهمية استثنائية، كونه سيُفضي أولاً لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للحزب يخلف الرئيس أمين الجميل، الذي قرّر العزوف عن الترشح وفتح المجال أمام من يرغب، ممّن يستوفون الشروط الحزبية وأولها أن يكون قد ناضل في صفوف الحزب لمدّة خمسة عشر عامًا بالحدّ الأدنى. وإذا كان رئيس إقليم مرجعيون – حاصبيا بيار عطالله أول من قدّم رسميًا للأمين العام طلب ترشحه لمنصب رئاسة الحزب، فإنّ كثيرين اعتبروا ذلك مجرّد محاولة للإيحاء بديمقراطية الانتخابات، في وقتٍ يعلم القاصي والداني أنّ الرئيس الجميل لم يكن ليتخذ أصلاً قرار العزوف لو لم يكن قد ضمن أنّ مقعده الرئاسي سيذهب إلى «وريثه الشرعي»، أي النائب سامي الجميل، بل إنّ البعض يقول أنّ القرار بوصول الأخير لهذا المقعد متّخذ منذ عشر سنوات، وتحديدًا منذ استشهاد شقيقه النائب بيار الجميل، والذي كان يفترض أن يكون من نصيبه.

بيد أنّ المصادر «الكتائبية» تستهجن مجرّد الحديث عن «وراثة» داخل الحزب، مشدّدة على أنّ حزب «الله، العائلة، الوطن» هو أبعد ما يكون عن الإقطاعية، وإنّ العودة إلى تاريخه كافية للتيقّن أنّ شخصيات من خارج دائرة آل الجميل تبوّأت رئاسته في أكثر من مرحلة، وأنّ ذلك مُتاحٌ ديمقراطياً في أيّ لحظة. أما ترشح النائب سامي الجميل، فتقول هذه المصادر أنّه حقٌ بديهي وطبيعي له لا يمكن أن يحرمه منه فقط كونه نجل الرئيس أمين الجميل، خصوصًا أنّ أحداً لا ينكر على القيادي الشاب، من مؤيّديه وخصومه على حدّ سواء داخل الحزب وخارجه، نشاطه الواسع وهمّته العالية، وهو الذي بنى منذ سنوات شبكة علاقاتٍ واسعة أكسبته شعبية لا يُستهان بها، كما أنّ ساحات النضال شاهدة على تواجده فيها على مدى سنوات، ما يعني أنه لم يسقط بالمظلّة بين ليلةٍ وضُحاها، حتى أنّه استبق الاستحقاق الانتخابي بفتح «صفحات جديدة» مع معارضيه، وعلى رأسهم ابن عمّه النائب نديم الجميل، الذي بات الرهان على «معارضة» يُطلقها ضدّه في «خبر كان».

تستبعد المصادر أن تقتصر قائمة المرشحين لرئاسة الحزب على الجميل الابن وعطالله، مرجّحة أن تكرّ سبحة المرشحين خلال الساعات القليلة المقبلة، وهي تستهجن وصف الانتخابات المرتقبة بالصورية أو شكلية، معتبرة أنّ في ذلك «إهانة» لـ «الرفاق» المرشحين قبل غيرهم، علمًا أنّ القرار الأخير يبقى بيد «السلطة الناخبة» المؤلفة من نحو 400 عضو بينهم 70 عضواً حكميين هم رؤساء الأقاليم والمصالح والمجالس والندوات، و330 منتخباً، وفق قاعدة one man one vote، وهو ما يسمح بتمثيل كلّ أعضاء الحزب بمن فيهم الأقليات بشكلٍ أو بآخر.

وإذا كان التنافس على الرئاسة محسومًا سلفاً نظراً للقوة التمثيلية التي يمتلكها الجميل، كما يؤكد أكثر من مصدر، فإنّ هذا لا يمنع وجود «معارك حامية» في مكانٍ آخر، كما تقول المصادر «الكتائبية»، خصوصًا على صعيد نائبي الرئيس، وكذلك المجلس السياسي الذي يتألف من 28 عضواً، حيث تنفي المصادر أن يكون النائب الجميل بصدد التسويق للائحة «معلّبة» على طريقة «زي ما هيي» الذائعة الصيت، بل هو سيحرص على الوقوف على مسافةٍ واحدةٍ من الجميع، بما فيه مصلحته الشخصية ومصلحة الحزب في المرحلة المقبلة، لتُترَك الكلمة الفاصلة للمندوبين، وهو سيتعاطى مع من سيختارونهم بلا تردّد وبكلّ روح إيجابية.

في حزب «الكتائب»، لا أحد يرث أحداً. هي عبارة تتقاطع المصادر «الكتائبية» على تردادها مراراً وتكراراً، بما يعكس «امتعاضاً» في مكانٍ ما من وضع الحزب في صفٍ واحدٍ، مع أحزابٍ لم يتردّد زعماؤها في «توريث» أبنائهم مقاعدهم دون الكثير من العناء. تقول المصادر أنّ هذا الأمر لا ينطبق على النائب سامي الجميل الذي فرض نفسه سياسياً وشعبياً ونيابياً، هو الذي وصل إلى الندوة البرلمانية نتيجة معركةٍ حامية خرق فيها «لائحة الخصم»، والذي لن يصل لرئاسة الحزب إلا نتيجة «معركة» أخرى، وحدهم «الكتائبيون» سيحدّدون مدى «حماوتها» في نهاية المطاف…