IMLebanon

لا مرشح تسوية بين فرنجية وأزعور

 

 

يسود اعتقاد راسخ لدى غالبية الأوساط المهتمة بالاستحقاق الرئاسي، انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يدعو إلى جلسة انتخابات رئاسية جديدة، ما لم يكن مضموناً انّها ستكون ناجزة، ولذلك ثمة من يتوقع ان تكون الفترة الفاصلة عن 15 حزيران المقبل حبلى بالتطورات الرئاسية ترشيحاً واقتراعاً، في الوقت الذي يزداد ترشيح رئيس تيار»المردة» تقدّماً، في ظل انعدام الترشيحات التي يمكن ان تشكّل منافساً جدّياً له.

تقول مصادر مواكبة للاستحقاق الرئاسي، انّ ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور لم يرقَ بعد إلى مستوى التبنّي لدى «التيار الوطني الحر» ولا لدى قوى المعارضة من «قوات لبنانية» و«كتائب» و«تغييريين» ومستقلّين، إذ ليس هناك من تبنٍ له حى الساعة، وبالتالي لا يجوز طرح معادلة: ازعور لا يملك تأييد أكثرية 65 نائباً، وفرنجية لا يملك تأييد اكثرية 65 نائباً، وبالتالي يجب الذهاب إلى «مرشح تسوية».

ففرنجية، تؤكّد المصادر، يمتلك 60 صوتاً حتى الآن، فيما ازعور لم يتمّ الاتفاق عليه بين القوى السياسية المسيحية، وبالتالي لا تزال هذه القوى تتقاطع سلباً على رفض فرنجية، ولم تتقاطع ايجاباً على ترشيح منافس له، ويتبين ذلك من قول عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سيمون ابي رميا تلفزيونياً: «حتى الساعة لم أتبلّغ رسمياً عن أي توافق بين الأحزاب المسيحية، وأسمع من الإعلام عن اتفاق بينهم على جهاد أزعور، لكنه لم يُطرح على طاولة التيار، ولا معلومات لديّ عن اتفاق مماثل». فيما قال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك: «نحن ننتظر حسم «التيار الوطني الحر» موقفه من جهاد أزعور لنعقد إثر ذلك إجتماعاً لتكتلنا ونتخذ قرارنا النهائي». في حين قال عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب فيصل الصايغ: «قرارنا ليس اليوم بل بعد الإتفاق المسيحي، وموافقة جهاد أزعور وإطلاق حركته، وفي حال فشل في الحصول على أصوات شيعية فنحن نتجّه للتصويت بالورقة البيضاء».

 

ويتبيّن للمصادر من خلال هذه المعطيات، انّ الاستحقاق الرئاسي هو أمام ترشيح قوي جدًا وجدّي جداً اسمه سليمان فرنجية، يدعمه 60 نائباً حتى الآن، وهو مدعوم فرنسياً وروسياً مع حياد سعودي إيجابي. وكذلك حياد مصري إيجابي، وحتى الجانب القطري يقف على مسافة واحدة من الجميع وليس صحيحاً انّه يروّج لأي مرشح. وبالتالي فإنّ قول البعض انّ ترشيح ازعور يلغي ترشيح فرنجية ليست واقعياً.

 

وفيما الفريق المعارض يسعى إلى ان تستصدر القوى المسيحية بياناً تعلن فيه تأييدها لأزعور، مستعجلة هذا الامر قبل دخول البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى قصر الاليزيه اليوم للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فإنّ هذا الامر، في تقديرات المصادر نفسها، لن يؤثر على الموقف الفرنسي، لأنّ فرنسا إذا ما تمّ الاتفاق بين القوى السياسية المسيحية على ازعور، لن تتخلّى عن مقاربتها لترشيح فرنجية، وانما ستقول لهذه القوى «إذهبوا إلى المجلس النيابي وانتخبوا»، لأنّ الإدارة الفرنسية تدرك انّ ما من رئيس لبناني يستطيع القيام بواجباته إذا لم يكن على وئام مع «حزب الله» وسوريا، لأنّ الإشكاليات الحقيقية في لبنان تتصل بهما.

 

وإلى ذلك، هناك نقاش يدور في بعض الاوساط حول مدى ذهاب رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الى النهاية، في اتجاه دعم ترشيح ازعور، في وقت يرى فريق من السياسيين انّ لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع «كل الحق» في ان يخشى أو يتوجس من موقف باسيل «لأنّ هدف باسيل الحقيقي، في رأي هؤلاء السياسيين، هو استعمال هذه المعارضة عبر المناورة، بغية الضغط على «حزب الله» لكي يتخلّى عن ترشيح فرنجية، وبالتالي الاتفاق مع «الثنائي الشيعي» على مرشح يكون من كنف باسيل او مسيطراً عليه، فتكون النتيجة انّ «القوات» و«الكتائب» والمستقلين، قد حصدوا رئيساً «يا محلى فرنجية» إزاءه. لماذا؟ لأنّ فرنجية الرئيس يسعى إلى جمع المسيحيين ولا يمكن لباسيل ان يسيطر عليه، بينما الرئيس الآخر سيكون امتداداً لعهد الرئيس ميشال عون»، حسب السياسيين ايّاهم، الذين يأخذون على المعارضة بكل تلاوينها، انّ خطوتها في اتجاه ازعور «غير مدروسة على الاطلاق»، وانّ عليها ان تستمع الى جمهورها.

 

على انّ المأزق الحقيقي الذي يواجهه «التيار الوطني الحر» والمعارضة، هو ترشيح عضو «تكتل لبنان القوي» ابراهيم كنعان. فالأخير يبدو انّه مقتنع بأنّ ترشيحه «يشكّل نقطة تقاطع قوية». ويرى بالتالي انّ حظوظه متقدّمة جداً في حال تمّ اعتماده، وانّه يستطيع حصد تأييد «القوات» بالدرجة الاولى، وكذلك تأييد «حزب الله» وحركة «امل»، في اعتبار انّه يمثل «التيارالوطني الحر». كما يرى ان لا مشكلة لديه مع البيئة السنّية، وبالتالي فهو ورفاقه يعتبرون انّ ما من حجة لدى باسيل لعدم اعتماده، ومن هنا يجد باسيل نفسه بين «شاقوفين»: الاول، إذا اعتمد ترشيح ازعور يخسر تحالفه مع «حزب الله». والثاني، إذا لم يعتمد ازعور، فإنّ البطريرك الراعي سيحمل اسم كنعان إلى فرنسا.

 

ومن هنا، ثمة من السياسيين المعنيين من ينصح باسيل بالذهاب إلى الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي يقدّره ولديه تجربة طويلة معه، فباسيل يعرف جيداً اكثر من غيره كيف يتصرف «حزب الله» في هذا المضمار. فالحزب، يقول الناصحون لباسيل، «لن يتخلّى عن دعم ترشيح فرنجية. وهذا ما قاله السيد نصرالله لك، وأنّه ليس لديه خطة (ب). فاذهب اليه وصحّح ما أخطأت به، وادعم فرنجية الفارس الذي يتمتع بالشهامة والفروسية ولا يطعن في الظهر، وبالتالي تجنّب نفسك كل هذه الارباكات والتناقضات».

 

 

لكن، وحسب بعض زواره، لا يزال باسيل يعتبر انّ دعم «حزب الله» لترشيح فرنجية لا يشبه دعمه لترشيح الرئيس ميشال عون سابقاً، وبالتالي يعتقد الرجل انّ في إمكانه ان يضغط لكي يتراجع الحزب عن ترشيح فرنجية. ألّا انّ باسيل يخطئ هنا في هذه النقطة، إذ انّ أحدى المرجعيات المعروفة زارته قبل ايام، خرجت بانطباع انّ السيد «يرى فرنجية رئيساً ويؤمن بقوة» في ذلك.

 

وإلى ذلك يعود المواكبون للاستحقاق الرئاسي إلى القمة العربية التي انعقدت في السعودية الاسبوع الماضي. فيقولون انّ ما سبقها كان جيداً، فكيف بعد ان جاءت القمة ناجحة، فالأجواء خلالها وبعدها اكثر من جيدة، وبالتالي هذا ما لم ينعكس حتى الساعة على الاستحقاق الرئاسي، فمجرد انعكاسها سيتحول المتردّدون جميعاً الى تأييد فرنجية، إذ لن يكون هناك رئيس في لبنان يشكّل استفزازاً لسوريا، وهذا ما تحرص عليه المملكة العربية السعودية التي من المستبعد بل من سابع المستحيلات ان تذهب بعد هذه القمة الناجحة وبعد الاستقبال الحار الذي شهدناه للرئيس السوري بشار الاسد في جدة، إلى دعم ترشيح من لا تطمئن له سوريا وليس «حزب الله»، فالطمأنينة هنا هي لسوريا وليس للحزب، وبالتالي بعد كل هذه الهمروجة التي سادت الاسبوع الماضي لا يزال هناك ترشيح واحد قوي هو ترشيح فرنجية.

 

وثمة من اتصل بأزعور ولمس منه انّه يدرك أنّ ترشيحه هو ترشيح مطية لضرب فرنجية والتأسيس لمرحلة يمكن ان يُطرح فيها قائد الجيش العماد جوزف عون، وهذا ما لمسه الرجل ايضاً من القيادات الشيعية التي التقاها او اتصل بها. وهناك امر اكثر اهمية، وهو انّ ازعور يدرك ان تقاطع باسيل ـ جعجع على اسمه استفز الطائفة السنّية لاعتبارات واضحة تتصل بأداء باسيل وجعجع إزاء «اتفاق الطائف»، فالاول قد تعرّض لصلاحيات رئيس الحكومة ونكث بـ«الطائف» ولديه مشكلة جوهرية مع البيئة السنّية ليست خافية على احد. اما الثاني فإنّ مشكلته مع الرئيس سعد الحريري الذي يعتبره كثيرون الرمز السنّي الاول في لبنان لا تزال كبيرة، كما انّه خسر الدعم السعودي له، وبالتالي فإنّ ترشيح ازعور يفتقد الى الميثاقية الوطنية، والدليل الى ذلك هو توسيع كتلة «الاعتدال الوطني»، بحيث بلغت 12 عضواً، وهي لا تؤيّد ازعور. كما انّ التغييريين سيجددون كتلتهم عبر ضمّ النواب اسامة سعد وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد، بحيث ستكون هناك كتلة اخرى لا تؤيّد ترشيح ازعور، وبالتالي فإنّ ترشيحه ولد ميتاً ومن المستبعد ان يقبل الرجل ان يضع نفسه في هذا المكان.