IMLebanon

مناوراتٌ قبل الحسم الرئاسيّ

 

بعد الجلسات الماراتونية والاستعراضية التي عقدها مجلس النواب حتى الآن من دون التوصّل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تحرّكت عبر فرنسا ومعها الاتصالات الدولية لمحاولة اختراق الانسداد المرشّح للاستمرار إلى وقت ليس بقصير. تصبّ هذه الاتصالات في الملعب الفرنسي الذي يستطيع أن يتواصل مع السعودية وايران في آن، وأن يستمرّ بالتنسيق مع الأميركيين، وأن يحظى بمساندة من الفاتيكان التي تحثّ على سرعة انتخاب الرئيس، خوفاً من تدهور الوضع إلى ما لا يستطيع أحد أن يقدّر نتائجه الخطرة.

 

بعد زيارته واشنطن يستعدّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لزيارة الأردن ولبنان ولم يبتّ بعد جدول أعمال الزيارة لجهة ما إذا كانت ستتجاوز تفقّد الوحدة الفرنسية العاملة في قوات الطوارئ الدولية، أم أنّها ستكون الزيارة التي تسعى فرنسا من ورائها إلى تسريع وتهيئة المناخ لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

 

يعمل الفرنسيون مع الجميع وأوّلهم، المملكة العربية السعودية التي أبلغت من يجب إبلاغه، أنها لن تدعم أي رئيس حليف لـ”حزب الله” بما يؤدي إلى استمرار مرحلة الرئيس ميشال عون برئيس يشبهه. يسمع من يزور الرياض موقفاً حازماً يؤكد رفض أي رئيس تابع “للحزب”، وينبّه من خطورة استمرار استباحة السيادة اللبنانية لتهريب الكبتاغون الى المملكة، ويشدد على انتخاب رئيس لا يكون تحدياً لأحد، لكن يكون مسؤولاً عن بدء عملية الإصلاح الجدي، الذي هو المدخل إلى تقديم المساعدة للبنان. المطلوب سعودياً استعادة الثقة بالمؤسسات اللبنانية وبالذين يتولون المسؤولية، وإلّا فإن الموقف السلبي سيبقى هو هو طالما لم تتغيّر مسبّباته.

 

في القاهرة يُسمع الكلام نفسه، لكن من دون الذهاب إلى التركيز بشكل كبير على “حزب الله”. يقول المسؤولون المصريون إنّ المطلوب انتخاب رئيس توافق عليه القوى اللبنانية يكون قادراً على حمل مشروع إنقاذي لأن الوضع اللبناني لا يتحمل التأخير واستهلاك الوقت، ويشدد المسؤولون المصريون على حفظ الاستقرار ولهذا يولون أهمية كبرى لدعم الجيش اللبناني، مع إبداء الثقة بقيادته التي نجحت في تجنّب مطبات كثيرة وحافظت على المؤسسة العسكرية والاستقرار.

 

تتعاطى الدوائر الدولية مع لبنان باعتباره واقعاً على خطّ زلازل دائم. ولهذا تشدّد هذه الدوائر على سرعة انتخاب الرئيس وعلى ملء الفراغ حتى تبدأ عملية الإصلاح التي هي المدخل إلى تعاون صندوق النقد الدولي وتالياً الدول المانحة التي تنتظر الإشارة الخضراء من “الصندوق”، كي تتحرك تجاه لبنان.

 

من دون الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لن يبدأ مسار المساعدات والقروض ولن يبدأ الاقتصاد اللبناني بالتعافي، وسيبقى يدور في حلقة مفرغة، على ايقاع الفراغ المرشّح لأن يمتدّ، ما دامت الأوراق المطوية في الملف الرئاسي لم تكشف بعد، ما يفتح الطريق إذا كشفت، أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي تبتّ الخيار الرئاسي الذي يمكن أن تتقاطع حوله الاعتبارات الداخلية والتوافقات الإقليمية، وهذا الخيار بات فعلاً على طاولة أكثر من جهة دولية وعربية، ويتعاطى معه “حزب الله” بمنطق الاستعداد لممارسة أقصى درجات الابتزاز، مع العلم أنّ القدرة على المناورة لدى “الحزب” قد تضاءلت إلى حدّ، لن يمكّنه من فرض شروطه متى آن أوان الحسم الرئاسي.