IMLebanon

إنتخابات الرئاسة تُسقط ورقة التين

 

مع بروز بوادر اتفاق بين كتلٍ نيابيةٍ مسيحيةٍ على مرشحٍ لرئاسة الجمهورية وهو الوزير السابق جهاد أزعور، حمل «حزب الله» وحركة «أمل» بقوةٍ على هذا الإتفاق المرتقب وأعلنوا رفضهم له لأنّه وكما قالوا يهدف إلى إسقاط مرشحهم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية. يؤشر هذا الموقف أولاً إلى أنّ الثنائي الشيعي لا يريد انتخابات لموقع رئاسة الجمهورية بل يريد من الجميع أن يسلموا بوصول مرشحه فقط إلى قصر بعبدا، وأنّ أي مرشح آخر يمكن أن تكون له حظوظ هو مرفوض تحت عناوين متعددة تصل إلى حد تخوين هذا المرشح وداعميه.

 

لقد أصبح واضحاً أيضاً أنّ «حزب الله» لا يريد للكتل المسيحية الوازنة رأياً في مسألة انتخاب رئيس للجمهورية إلا إذا كان رأي هذه الكتل مطابقاً لرأيه، وبالتالي سقطت ورقة التين التي كانوا يتلطون وراءها بأنهم ينتظرون توافق المسيحيين على رئيس.

 

لا يفرض «حزب الله» فقط رئيساً على خصومه ومعارضيه بل هو يفرضه أيضاً على حلفائه، فهو في العام 2016 فرض العماد ميشال عون رئيساً على حليفه سليمان فرنجية، واليوم يريد أن يفرض فرنجية على حليفه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وغداً قد يفرض على فرنجية وباسيل مرشحاً لا يريداناه.

 

إزاء هذا الواقع يسأل كثيرون: إلى أي حوارٍ وتفاهمٍ في الموضوع الرئاسي يدعو «حزب الله» والرئيس نبيه بري؟ وعلى أي أساس ينكر «حزب الله» حق الفئات الأخرى في تبني ترشيحات؟ وفي أي قاموسٍ أو دستورٍ قرأ أوصافاً لمرشحين من مرشح تحدٍ إلى مرشح مناورة؟ وهل كلمة «انتخابات» تعني وجود مرشحٍ واحدٍ ولا حق لآخرين بالترشح وحظوظ الفوز؟ وما خطأ أن يكون اسم أي مرشحٍ متبنى في لائحة بكركي؟ وهل أصبح كلام الثنائي المعسول تجاه بكركي حبراً على ورق؟

 

إنّ أي انتخاباتٍ رئاسيةٍ غير معلبة ستتيح لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية أوأي مرشحٍ آخر منافس الفوز في هذه الانتخابات ولن يكون بإمكان أحدٍ أن يشكك في النتيجة أو أن يعترض عليها. فالممارسة الديمقراطية تقضي بإجراء الانتخابات ما يستلزم أكثر من مرشحٍ أو أن يتم التوافق الوطني على مرشحٍ واحدٍ. وهذا التوافق لا يأتي نتيجة ضغطٍ أو ترغيبٍ أو ترهيبٍ. فالمسيحيون مع فرنجية أو مع غيره يريدون لموقع رئاسة الجمهورية ان يستعيد دوره ورونقه، ويريدون أيضاً أن يكون لهم في فيدرالية الطوائف هذه الكلمة الفصل في دعم مرشح ومعارضة آخر. وهذا ما يجسد المناصفة الفعلية التي تحدث عنها اتفاق الطائف وهي مناصفة في القرار وإدارة البلاد وليست فقط مناصفةً عدديةً في الشكل، ولكنها في المضمون سيطرة طائفة بقوة الأمر الواقع على طوائف أخرى.