IMLebanon

تراجع “حزب الله” جنوباً بلا “مقابل” في الداخل!

 

 

يقول سفير في إحدى العواصم المتابعة للوضع اللبناني، إنّ «التوازن الداخلي» هو سبب التعطيل والتأخير في الاستحقاق الرئاسي، وليس التوازنات الخارجية كما يعتقد كثيرون في لبنان. ويعتبر أنّ اللبنانيين «يضخمون» الأمور كثيراً ويربطون كلّ استحقاق داخلي بحركة العالم فيما أنّ هذا العالم لديه اهتمامات أخرى ولا يُمكنه أن يقوم بـ»عمل» اللبنانيين. ويشير إلى أنّ الأفرقاء السياسيين في الداخل يمكنهم أن يتوافقوا على انتخاب رئيس الآن، وقبل انتهاء الحرب في غزة، أو في الجنوب، وسيحظى هذا «التوافق» بمباركة دولية.

 

هذا الاتفاق أو التوافق متعذّر، فقبل انتهاء الحرب في غزة لن يقبل «حزب الله» البحث في أي ملف. مباشرةً وبوضوح، أعلن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أن لا بحث مع الموفدين الدوليين في أي موضوع قبل انتهاء الحرب. «حزب الله» كان مُعرقل التوافق أيضاً طيلة فترة الشغور الرئاسي التي تخطّت السنة، إذ إنّه ظلّ متمسكاً بترشيح رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية على رغم المعارضة المسيحية لوصوله وعدم توافر ظروف لانتخابه. ولا يزال «الحزب» حتى الآن متمسّكاً بترشيح فرنجية، إلّا أنّه «يُجمّد» الملف الرئاسي إلى ما بعد الحرب.

 

البعض يعتبر أنّ «الحزب» قد يحصل على «deal» مع واشنطن يشمل مكاسب داخلية بدءاً من رئاسة الجمهورية مقابل تراجعه إلى شمال الليطاني، غير أنّ جهات ديبلوماسية وسياسية عدة، تشير إلى أن لا ربط بين ملفي رئاسة الجمهورية والـ1701، ولا ربط بين الوضع على الحدود الجنوبية والوضع الداخلي عامةً. وبالتالي، لا صحة أنّ «حزب الله» يتلقّى عروضاً على شكل نفوذ ومواقع في الدولة مقابل تراجعه إلى شمال الليطاني.

 

هذا الانسحاب ليس مطروحاً لدى «الحزب» حتى الآن. في المقابل، ترى مصادر معارضة له، أنّه «لم يعد يملك أي ورقة مقايضة بعد عملية «طوفان الأقصى». وتعتبر أنّه الآن أمام خيارين: السيئ أم الأسوأ. وعليه أن يختار بين أن يتراجع إلى شمال الليطاني بالديبلوماسية وإمّا أن يُضطر إلى التراجع بالحرب. وبالتالي إنّ المعروض عليه، هو الانسحاب من جنوب الليطاني، إمّا بالحسنى وإمّا بالقوة، ولا خيارات أخرى أمامه، وهو ليس في موقع يمكّنه من المقايضة.

 

وجهة النظر المعارضة هذه، تنطلق من معطيات ديبلوماسية تفيد بأن لا عروض مقدّمة إلى «حزب الله» تشمل مكاسب داخلية مقابل تطبيق الـ1701، ومن الواقع الذي يشير إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية لا تريد الحرب، إلّا أنّ إيران لا تريد الحرب أيضاً، وإلّا كانت دخلت في حرب شاملة تستدرجها إليها إسرائيل بشتى الطرق. وبالتالي بات واضحاً بالنسبة إلى إسرائيل أنّ إيران لا تريد الحرب، وهي تلعب على هذا العامل. ويبقى الهدف الإسرائيلي المُعلن: انسحاب «الحزب» إلى ما وراء الليطاني، إمّا طوعاً وإمّا بالقوة. أمّا مصير السلاح خلف الليطاني، فهذا ليس من ضمن اهتمامات تل أبيب أو واشنطن، فما يريدانه من «السلاح» الآن، هو إبعاده لتأمين المستوطنات وأمان سكانها.

 

لكن عدم الاهتمام بالسلاح شمال الليطاني، لا يعني تسليم البلد لإيران عبر تعزيز نفوذ «الحزب». فبالنسبة إلى مصادر معارضة، أحد لن يُعطي «الحزب» أي تعويض، لأنّ واقع الميدان فرض عليه ذلك، فضلاً عن أنّ منحه «ربحاً» يعني تركه يُمسك بالدولة في لبنان، ما يعني أنّ إمكانية إعادة التحضير والتهيئة لمواجهة جديدة مع اسرائيل ستبقى قائمة، ولن تقبل واشنطن أو أي دولة غربية بذلك. فما بعد 7 أكتوبر يختلف عمّا قبله، وسقطت نظرية أنّ أذرع إيران في المنطقة «حرس حدود» لإسرائيل، يعملون على لغة الأيديولوجيا والتعبئة ضدها ولا يطلقون أي رصاصة صوبها. بل بات هناك توجُّس الآن، لدى كلّ الغرب، وليس إسرائيل فقط، من أذرع إيران كلّها ومن إيران نفسها، لجهة أن تتحيّن الفرصة المناسبة لإسقاط اسرائيل.

 

إلى المعطى الخارجي، تعتبر المصادر إياها، أنّ هناك قوى سياسية موجودة في الداخل، وهذه القوى التي تمكنت من إسقاط مبادرة خارجية لإيصال فرنجية إلى الرئاسة الأولى، لن تقبل الآن بأي تسوية أو مقايضة على أي مستوى، بل باتت متشدّدة أكثر، لأنّ «الحزب» الذي يستمرّ في جرّ لبنان إلى حروب ودمّر البلد واقتصاده، يجب العمل في اتجاه منع تأثيره على الدولة وليس زيادة مفعول تأثيره.