IMLebanon

من غزّة إلى الرياض… حروب وتقاطعات لا تُنتِج رئيساً

 

يستمرّ الجيش الإسرائيلي في توغّله داخل قطاع غزة مخلّفاً مئات الضحايا ودماراً هائلاً. ولا توجد خطة طوارئ لدى دول المنطقة والمجتمع الدولي لمواجهة الحرب المدمّرة. والأكيد حتى الساعة عجز محور «الممانعة» عن خوض حرب شاملة.

من جهته، يترقّب لبنان مسار الحرب وإمكان أن يُجرّ إليها وسط خوف من النتائج الكارثية التي ستحلّ به. ولم تُبادر مصر أو سوريا أو إيران إلى فتح الجبهات. ويدفع لبنان الثمن الأغلى للصراع العربي- الإسرائيلي منذ عام 1948، ووصل به الأمر نتيجة الحروب والأزمات والفساد إلى حدّ تهديد كيان الدولة بالزوال.

وليس هناك من وضع أسوأ من وضع لبنان اليوم، فرئاسة الجمهورية فارغة، والحكومة تُصرّف الأعمال، والمراكز الأساسية في الدولة فارغة أو مهدّدة بالفراغ، كما في قيادة الجيش. ووسط كلّ ما يجري فإنّ كلام رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية على انتصار «حماس» وقربه من الرئاسة إذا تحقّق الفوز المنشود، أعاد تسليط الضوء على مسألة انتخاب رئيس الجمهورية.

واستكمل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سلسلة مناشداته لكي يُنتخب رئيسٌ في هذا الزمن البائس. وطغى اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي على هامش القمة العربية الإسلامية المشتركة المنعقدة في الرياض، على الأحداث السياسية في المنطقة.

وإذا وُضعت الأحداث في الميزان، يدخل ملف رئاسة الجمهورية في آخر اهتمامات الدول الإقليمية، وحتى قوى الداخل. وما يطغى حالياً هو صوت الحرب والرصاص والمسيّرات.

وتؤكّد المعلومات عدم وجود أي تقدّم جدّي في الداخل بالنسبة للملف الرئاسي، فكلام البطريرك يأتي في سياق مناشداته الدائمة لانتخاب رئيس، وهو لا يحمل أي مبادرة بعد عودته من الفاتيكان ومن زياراته الخارجية. ويتواصل مع القادة المسيحيين وبقية الأفرقاء لكي يُجنّب قيادة الجيش الفراغ، فموضوع التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون يتقدّم في الوقت الحالي على الملف الرئاسي، فيما لم يحرّك اللقاء مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا المياه الرئاسية الراكدة.

وأتى كلام فرنجية على انتصار «حماس» في إطار عفوي وهو غير منسّق مع «حزب الله» أو رئيس مجلس النواب نبيه برّي، فتفكير الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ومحور «الممانعة» محصور في جبهة الجنوب وحرب غزة، ولا وقت لطرح الملف الرئاسي.

وبالنسبة إلى قوى المعارضة، وعلى رأسها «القوات اللبنانية»، تتمثّل الأولوية بعدم جرّ لبنان إلى حرب مدمّرة وتطبيق القرار 1701. وهذا ما يُنادي به رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في كل إطلالاته.

ولم يُبحث في الرياض، سواء خلال القمة الإسلامية العربية أم القمة السعودية – الإيرانية، الملف اللبناني إلّا في إطار تجنّب الحرب ومنع تمدّد حرب غزة إلى دول الجوار، وعلى رأسها جبهة الجنوب اللبناني.

وبناءً على العوامل الداخلية والخارجية، يتبيّن وفق المعطيات أنّ لا قرار بحلّ الأزمة الرئاسية اللبنانية وأزمة لبنان العامة، فالتركيز العربي والإيراني والدولي منصبّ على غزة، ولا يستطيع أي محور لبناني استغلال اللحظة لتغيير المعادلة. ويسيطر التعادل بين فريقي «حزب الله» والحلفاء، من جهة، و»القوات اللبنانية» وبقية قوى المعارضة، من جهة أخرى.

ولا تُظهر الرياض أي اهتمام استثنائي بالملف الداخلي اللبناني، بل تتعاطى من ضمن الصورة العربية الكبرى مع لبنان وبقية الدول. لذلك تسقط كل التحليلات التي تتكلّم على تسوية قريبة أو تظهير أي نتائج لقمة الرياض. حتى لو استمرّ الحوار الأميركي – الإيراني، فهذا الحوار يهتمّ بملفات أكبر من ملف لبنان مثل الملف النووي الإيراني وحرب غزة والسعي إلى عدم تمدّد الحرب إلى دول الجوار، من هنا تبقى الرئاسة اللبنانية معلّقة على حبال الانتظار الثقيل.