IMLebanon

الرهان رئاسيّاً على “اللافيتو الخُماسي” خاسر

 

 

بعد نحو عام وثلاثة أشهر من الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، لا يزال رئيس «تيّار المرده» سليمان فرنجية المرشّح الرئاسي الوحيد لـ»الثنائي الشيعي»، ولا يزال «حزب الله» وحركة «أمل» يعتبران أنّ هناك حظوظاً لإيصال فرنجية إلى القصر الجمهوري. هذه الحظوظ يتحدّث عنها «الثنائي» منذ ترشيح فرنجية، إلّا أنّها لم تهلّ بعد لا من الداخل ولا من الخارج. ولم يزِد تعطيل الإستحقاق الرئاسي من حظوظ مرشّح «الثنائي»، حتّى الآن، بل أنّ «ثبات» الرفض المسيحي لانتخاب فرنجية والتوصُّل إلى موقف واحد من «اللجنة الخماسية من أجل لبنان» يصبّ عند «الخيار الثالث»، إضافةً إلى التحوّلات الاستراتيجية – السياسية في المنطقة، كلّها عوامل تضعف أسهم «مرشح الفريق» في البورصة الرئاسية.

 

يكرّر «الثنائي» منذ أكثر من عام، «ميزات» مرشّحه التي تجعل حظوظه الرئاسية قائمة، من أنّه من «المسيحيين الأقوياء» و»الأقطاب الأربعة» ولن يستغلّ موقعه الرئاسي لتوسيع نفوذه وشعبيته أبعد من حدود زغرتا إلى عدم نيّته باحتكار الحصص المسيحية في الدولة أو إقصاء الآخرين كما فعل الرئيس السابق العماد ميشال عون، فضلاً عن علاقة عائلة فرنجية التاريخية بالسعودية، وأنّ أيّ دولة لم تُعلن رفضها انتخابه في حال توافق اللبنانيون على إسمه. وراهن «الثنائي» على كسر الرفض المسيحي، تارةً عبر إشارة من السعودية إلى حلفائها ومرّةً عبر نجاح «الحزب» في إقناع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بانتخاب غريمه الشمالي. الورقتان سقطتا، ولا يزال «الثنائي» يُراهن.

 

الآن، يراهن «الثنائي» على موقف «الخماسية» (الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، قطر ومصر)، إضافةً إلى تبديل في الموقف السعودي. ويستند رئيس مجلس النواب نبيه برّي على ما سمعه من سفراء «الخماسية» الذين زاروه أخيراً، فلقد أبلغوا إليه، بحسب ما صرّح، أن «لا مرشّح لدينا على الإطلاق ولا فيتو على أي اسم». وأشار تحديداً إلى أنّ هذا الموقف يشمل السعودية.

 

هذا الكلام لا يدلّ إلى أيّ تغيير لا في موقف «الخماسية» ولا في موقف الرياض، ولا يعني أنّ طريق بعبدا باتت معبّدة أمام فرنجية، بحسب جهات سياسية منخرطة في المسار الرئاسي. فبالنسبة إلى «اللا فيتو»، هذا موقف كلاسيكي، إذ أنّ أيّ دولة لا تقحم نفسها في إشهار فيتو على إسم مرشح رئاسي في دولة أخرى بنحو علنيّ ورسميّ. وها هي إيران التي تسلّح «حزب الله» وتموّله وتدخله في حروب وتقف وراء قراراته، تكرّر دائماً أنّها لا تتدخّل في الشأن اللبناني. وتعتبر هذه الجهات، أنّ بري يحاول أن «يلعب على الكلام»، فـ»الخماسية» حدّدت الخيارات والمواصفات الرئاسية في بيان الدوحة، التي تصبّ لدى «خيار ثالث» بخلفية سيادية وإصلاحية. وهذه المواصفات لا تنطبق على مرشّح «الثنائي».

 

وبالتالي، إنّ رهان مريدي فرنجية على موقف «الخماسية» هذا خاسر، تماماً كما أنّ الرهان على تبدّل الموقف السعودي ساقط أيضاً، بحسب مصادر سياسية على تواصل مع الرياض. وتؤكّد هذه المصادر أنّ الموقف السعودي ثابت منذ لحظة الدخول في زمن الإنتخابات الرئاسية ولم يتبدّل، خصوصاً أنّ مرحلة الشغور تزامنت مع اتفاق بكين الذي رعى تفاهماً سعودياً – إيرانياً. وتشير إلى أنّ المملكة لا تريد من الإستحقاق الرئاسي أن يُشكّل انتصاراً لمحور السيادة في مواجهة محور الممانعة، لكنّها في الوقت نفسه لا تريد أن يشكّل فرصةً لتحقيق «الممانعة» انتصاراً على حساب «السيادة». لذلك، إنّ السعودية هي من الدول الأولى التي دعت إلى اعتماد «الخيار الثالث»، لكي لا يُعطي انتخاب الرئيس أيّ إشارة لترجيح كفّة محور على آخر. ولذلك لم يتمكّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سابقاً من إقناع ولي العهد محمد بن سلمان بـ»المقايضة» التي تحمل إسم فرنجية رئيساً. فبالنسبة إلى السعوديين الآن، لا يمكن أن ينتصر فريق على آخر في لبنان ويجب على الرئيس أن يكون على مسافة من الجميع. ولكي تتمكّن السعودية من دعم الدولة اللبنانية، لا يُمكن أن يتسلّم «فريق الممانعة» الرئاسة.

 

أمّا معارضو وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، فيعتبرون أن لا حظوظ لديه في هذه المعركة، إذ «هل يُعقل بعد أكثر من عام على الشغور، أنّنا لا نزال نتكلّم عن حظوظ فرنجية؟ لو كان يملك أيّ حظ لكان من رشّحه أوصله إلى الرئاسة». ويعتبر هؤلاء أنّ رهان «الثنائي» الفعلي يتركّز على التعطيل المستمرّ، إمّا لأنّهم يراهنون على أنّ هذا التعطيل يجعل خصومهم يعيدون النظر في موقفهم، انطلاقاً من تجارب سابقة، وإمّا لأنّ هذا التعطيل المستمرّ يُمكن أن يفتح الباب أمام تعويضات ومقايضات في مفاصل معيّنة.