IMLebanon

3 أيام على نهاية عهد الرئيس الاستقلالي الـ13.. الشغور يتقدّم

 

 

متى ينزل «التوافق الإقليمي – الدولي» على نواب 2022؟.. الواقع والتجارب!

 

ثلاثة أيام وينتهي عهد الرئيس الاستقلالي الثالث عشر، ليدخل البلد كما هو مرجح في شغور رئاسي للمرة السادسة منذ العام 1952، حيث تراوحت مدة هذا بين يومين وسنتين ونصف السنة، وبشكل عام فان انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان منذ العام 1943 يشكّل تحدّيا دائما في الحياة السياسية، والتدقيق في كيفية وصول وانتخاب الرؤساء الـ 13 والظروف التي أحاطت بعمليات الانتخاب، يثبت أن جميع الرؤساء مرّوا بمخاض صعب قبل الوصول الى الكرسي الأولى التي كان يحسمها الخارج (الدولي) والواقع الإقليمي، وهو ما كان يطلق عليه «الوحي»، لهذا الاسم أو ذاك، علما أن الظروف اليوم تبدو أشدّ تعقيدا من الماضي بسبب الوضع والصراع الدولي المحتدمين، والواقع الإقليمي وخصوصا العربي المأزوم، إضافة الى التباين الحاد بين مختلف الأطراف اللبنانيين حول مشروع الرئيس وقدراته وإمكانية الوصول الى قصر بعبدا.

 

بيد أن النقطة الأخيرة بشأن الأطراف اللبنانيين، لا تشكّل عقبة كأداء في شأن انتخاب الرئيس العتيد، وتثبت كل التجارب الرئاسية السابقة ذلك، ففي العام 1952، وإثر استقالة الرئيس بشارة الخوري، كان مجلس النواب الذي انتخب عام 1951 بأكثريته، مع انتخاب حميد فرنجية لرئاسة الجمهورية، لكن كميل شمعون شحذ كل أسلحته للمعركة، وكان أول ما فعله استنجاده بأصدقائه الإنكليز الذين وثقوا به، فلم يخيّبوا ظنه، فأنجدوه في فترة كان الصراع الإنكليزي – الفرنسي على لبنان على أشدّه، وإن وراء الكواليس. كما استنجد شمعون بصديقه وصديق الإنكليز حاكم سوريا آنئذ وهو أديب الشيشكلي، فوجد فيه عونا على فريق من اللبنانيين يتأثر بسياسية سوريا، فأعان الشيشكلي شمعون، حيث مارس الأول ضغوطا على نواب الشمال الذين كان فرنجية في عداد كتلتهم النيابية وعلى نواب بيروت، وهكذا بفضل ضغوط الشيشكلي من جهة، وتدخّل السفير البريطاني في بيروت من جهة أخرى، تحوّلت الأغلبية النيابية الى جانب كميل شمعون الذي انتخب في 22 أيلول 1952 رئيسا للجمهورية.

وكميل شمعون نفسه الذي زوّر انتخابات 1957 من أجل تجديد ولايته، وأسقط جميع رموز المعارضة، من أمثال: كمال جنبلاط وأحمد الأسعد وصائب سلام وعبدالله اليافي وغيرهم فيما عجز عن إسقاط صبري حمادة والرئيس الشهيد رشيد كرامي ومعروف سعد، وبالنتيجة كانت الأغلبية النيابية هي أغلبية شمعونية، لكن هذه الأغلبية عجزت عن التجديد للرئيس الاستقلالي الثاني، وامتثلت للوحي الأميركي الناصري بانتخاب قائد الجيش اللبناني آنئذ اللواء فؤاد شهاب الذي كان شمعون يعتبره عدوه اللدود، في 4 آب 1958. وكان هذا الانتخاب قد وصف بأنه تم بعد توافق إقليمي ودولي وبصفة خاصة مصري – أميركي والتي شاء مايلز كوبلاند صاحب كتاب «لعبة الأمم» أن يصفه «بأنه جاء مطابقا لما كان يريده جمال عبد الناصر»، مضيفا: «حتى بدا وكأن جنود البحر الأميركيين جاءوا الى لبنان لخدمة أهداف ناصر لأن رئيس الجمهورية الجديد كان عبد الناصر أول من رشحه مع رئيس حكومته رشيد كرامي لقيادة لبنان».

مع اقتراب ولاية الرئيس فؤاد شهاب من نهايتها، عقد في صيف عام 1964 اجتماع في المنزل الصيفي للرئيس صبري حمادة في سوق الغرب، حيث رشح النهج الشهابي، عبد العزيز شهاب رسمياً للرئاسة.

ومع اقتراب موعد انتخاب الرئيس الجديد، وفيما كانت الشاليه التي استأجرها عبد العزيز شهاب في مسبح الاكوبولكو في محلة الأوزاعي تعجّ بالزوار، في نفس الوقت الذي كان منزل المرشح الرئاسي في عاليه يعجّ بالنواب والأصدقاء القدامى.. والجدد.. كما أيضاً منزل شقيق عبد العزيز، الكولونيل عبد القادر شهاب يغصّ بدوره بالمريدين والزوار.

فجأة.. ومع اقتراب موعد الاستحقاق، رنّ الهاتف في منزل الرئيس المحتمل في عاليه، وبدا التجهم على وجه من رد على المكالمة.. وما هي إلا لحظات حتى بدأ النواب ينفضون من منزل عبد العزيز شهاب، وبدأ عدد الزوار في عاليه والأوزاعي بالتناقص، ليصبح المكانان خاويين تماماً.

في هذا الوقت، كان فندق الكارلتون يشهد اجتماعاً موسّعاً للنواب النهجيين الذين نزلت إليهم كلمة السر الشهابية أو «الوحي»: وزير التربية شارل حلو هو رئيسكم.. وانتخب حلو فعلاً بعد تعمّد «وحي» فؤاد شهاب بتزكية ناصرية – فاتيكانية.

بعد ان بدأت مسيرة اتفاق الطائف قبل 33، وبعد اغتيال الرئيس رينيه معوض في 22 تشرين الثاني، أعتقد الجميع بعد رفض النائب الراحل بيار حلو أن يكون رئيسا للجمهورية، ان جان عبيد هو الرئيس البديل، خصوصا أن نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام اتصل يومها بالرئيس رفيق الحريري في باريس، طالبا منه إحضار جان عبيد إلى دمشق بسرعة.

وفي مساء 23 تشرين الثاني 1989 وصل عبيد الى دمشق مع الحريري على متن طائرته الخاصة، وفي الليلة نفسها أيضا، وصل النائب إلياس الهراوي بصحبة ميشال المر الى دمشق، وانتهت الطبخة الرئاسية لمصلحة إلياس الهراوي.

 

في عام 2009 كانت الأكثرية النيابية التي انتخبت في ذاك العام لمصلحة 14 آذار لكنها عجزت عن انتخاب رئيس للجمهورية عام 2014 اثر انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وسيطر شغور رئاسي استمر حتى 31 تشرين الأول 2016 بانتخاب النائب العماد ميشال عون.

هل ستتغيّر السيرة الرئاسية عن التجارب السابقة التي مرَّ بها لبنان منذ العام 1943 في نهاية 2022؟

لننتظر التوافق الإقليمي – الدولي ورسائله، الى نواب «الأمة» الذين سنجد أكثريتهم غب طلبها.

حبذا لو نعود الى بيان الحكومة الاستقلالية الأولى في أيلول 1943 ونحذف منها كل ما يتعلق بالانتداب، وسنجدها لكُثر إصلاحا من كل بيانات الحكومات الاستقلالية.