IMLebanon

الفراغ الرئاسي يدخل اليوم عامه الثالث والإنكفاء الدولي عن المساعدة على الحل مستمر

الفراغ الرئاسي يدخل اليوم عامه الثالث والإنكفاء الدولي عن المساعدة على الحل مستمر

عجز الحكومة سيُعيد فتح باب النفايات على روائح كريهة ستطغى على كل الملفّات

عودة الأزمة في فصل الصيف سيكون لها تداعيات خطيرة وغضب النّاس سيكون أشد وطأة مما سبق

يدخل الفراغ الرئاسي اليوم عامه الثالث في ظل غياب أي مبادرة محلية أو خارجية لإخراج هذا الاستحقاق من القعر، لا بل إن المناخات والمعطيات الموجودة توحي بأن استيطان هذا الفراغ في قصر بعبدا سيتمدد وقتاً إضافياً، طالما أن المشهد الإقليمي يعيش على وقع الحديد والنار والدمار لا سيما في المحيط اللبناني أي سوريا.

وما يبعث على الخوف بأن أمد الأزمة السياسية وتحديداً الرئاسية في لبنان سيطول، هو انكفاء الحراك الخارجي باتجاه المساعدة على ابتداع صيغة تُخرج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة، وهناك من يقول بأن الانكفاء الدولي عن لبنان سيستمر إلى حين تفكيك الألغام الموجودة أمام أية تسوية لأزمات المنطقة المتعددة، وبالتالي فإن العمل الحكومي سيبقى في حدود المشاريع العادية وهو عمل أقرب إلى تلك التي تقوم به حكومات تصريف الأعمال، ناهيك عن المجلس النيابي الذي تنتهي دورته العادية مطلع الأسبوع الطالع من دون وجود أي بوادر عن إمكانية إطلاق عمله التشريعي المتوقف من دون أي مبرر، هذا بغض النظر عن باقي مؤسسات الدولة التي دخلت مرحلة من الترهل المخيف نتيجة الأزمة السياسية التي تطبق الخناق على رئاسة الجمهورية.

وإذا كان من المسلّم به بأن لا انتخابات رئاسية قبل أن تبصر التسوية في المنطقة النور، أو على الأقل تبدأ عناوينها العريضة بالظهور من خلال تبريد الجبهات من اليمن مروراً بالعراق فسوريا، فإن ما ينتظر لبنان استحقاقات أخرى لا تقل تعقيداً عن الملف الرئاسي، وأبرز تلك الاستحقاقات هو ملف النفايات الذي سيطلّ برأسه من جديد وهو سيطغى بالتأكيد على كل الملفات والاستحقاقات كونه يُهدّد البلد برمّته، والسبب في ذلك أن كل الوعود التي أطلقتها الحكومة بعد مخاض استمر قرابة الثمانية أشهر تبينّت أنها كانت وعوداً وهمية أو من باب كسر الشر والدليل أنه حتى الآن لم تنتهِ المناقصات التي أعطيت مهلة حتى نهاية هذا الشهر، وأن مجلس الإنماء والاعمار قد تأخّر في إعداد دفتر الشروط للمناقصات حول تلزيم الحاجز البحري للكوستابرافا والمطامر وقد أثير هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء ما قبل الأخير من باب تحذير بعض الوزراء من أن يكون وراء ذلك تواطؤ من قبل بعض السياسيين لتأمين ذهاب التلزيم في اتجاه متعهدين محددين.

وترى أوساط متابعة في هذا المجال أن عجز الحكومة على المستوى السياسي والمالي سيبقي باب النفايات مفتوحاً على روائح كريهة تطغى على الأزمة السياسية بدءاً من الرئاسة مروراً بالحكومة وصولاً إلى قانون الانتخابات، معتبرة أن هذا الملف الخطير ضاعت معالجته بشكل جدّي في غياهب النكايات والمزايدات السياسية ناهيك عن دخول العامل المناطقي والمذهبي على الخط.

وتسأل الأوساط ما الذي يمنع إعلان الحكومة حالة الطوارئ بهذا الخصوص، سيما وأن عودة هذه الأزمة للظهور في فصل الصيف سيكون لها تداعيات صحية وبيئية وسياحية خطيرة، من الممكن ان تدفع الدولة نتيجتها اثماناً باهظة تفوق اضعاف، اضعاف ما كان يمكن دفعه في إيجاد الحلول الناجعة لهذه الأزمة؟ فهل المطلوب ان تحدث صدمة قوية وتكون نتائجها كارثية حتى تستفيض الحكومة وتذهب باتجاه أخذ الخيارات الصائبة في معالجة هذه الأزمة الوطنية الكبيرة؟!

وفي تقدير هذه الأوساط ان ملف النفايات وطريقة التعاطي السياسي مع هذه الأزمة فعل فعله في الانتخابات البلدية حيث ترجمت الحركة الشعبية الاعتراضية في أكثر من مكان، إما احجاماً عن الاقتراع، أو التصويت لصالح العديد من المرشحين المنفردين أو اللوائح التي اتفق على تسميتها لوائح المجتمع المدني، وهو أمر إما تجاهله السياسيون عن قصد، أو لم يتنبهوا له لأنهم في الأساس لم يأخذوا المزاج الشعبي ولو لمرة واحدة بعين الاعتبار، ولو كان ذلك حصل لكنا تجاوزنا الكثير.. الكثير من المشاكل التي نعاني منها اليوم.

وتدق الأوساط ناقوس الخطر من عودة مشاهد النفايات التي غمرت المدن والضواحي وحتى القرى والبلدات والتي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية، وهي تدعو الحكومة إلى مواجهة هذا الموضوع بكل جدية وبشكل مدروس وتجنب غضب النّاس الذي سيكون هذه المرة في حال عادت الأزمة أشدّ وطأة من الذي شاهدناه في المرة الماضية وسيكون لذلك بالتأكيد تداعيات خطرة جداً.

وتعتبر الأوساط ان الحل بسيط جداً ما دامت هناك دراسات وتجارب لدول عاشت هذه الأزمة وخرجت منها، واولى الخطوات التي يجب القيام بها هي حصول مناقصات بعيداً عن الصفقات ووضع مصلحة البلاد والعباد فوق أي مصلحة مناطقية أو مذهبية، وما لم يتم ذلك فإننا سنبقى في الدوامة، وسيدفع الشعب اللبناني الثمن من ماله وصحته.