IMLebanon

شهداء 6 أيار… “ذخائر” الصحافة الحرّة

 

 

ليس “عيد شهداء الصحافة” الذين قضوا في 6 أيار 1916 مناسبة لتمييزهم عن لبنانيين كثيرين دفعوا حياتهم قتلاً ام جوعاً بفعل استعمار بني عثمان الذي رَبَض على صدر البلاد 400 عام، بل هو افتخار متواضع بمن كانوا في الخطوط الأمامية، رصاصُهم أقلامهم، وتُرُسُهم صدورهم، واستشهدوا تحت راية الحرية المؤسِّسة لمعنى لبنان.

 

لا تشبه هذه المناسبة مثيلاتها لدى الشعوب المستقرة. فدُولها تقرأ أحداث ماضيها بوصفها تاريخاً، فيما أحداثنا الغابرة حاضرةٌ لأن واقعنا يكررها بصيغ لا تغير جوهر الصراع المستمر بين التائقين الى السيادة والحرية وبين المدمنين على التبعية والاستبداد.

 

وإذ نستعيد سِيَر اثني عشر من أهل الصحافة والرأي عُلِّقوا على الأعواد قبل 106 أعوام في ساحة الشهداء، نُكبر فيها النبلَ المترفع عن الطائفية والمُنافح بكلمة الحق في وجه الظلم والاحتلال طلباً للاستقلال وإقامة الدولة الواضحة الهوية والانتماء.

 

منذ الاستقلال يخوض اللبنانيون وصحافتهم تجارب مُرة لتثبيت معنى لبنان ومقومات الكيان كونهم لم يتوصلوا جميعاً الى قناعة بأن الدولة هي نقطة اللقاء، التي تختم فصول الاحتلالات والنزاعات الأهلية والتطلعات فَوق – الوطنية وتجعل ممارسة الحرية تنافساً تحت الدستور والقانون لتحسين نوعية العيش والاجتماع.

 

كُتب على اللبنانيين والصحافيين الأحرار في ظل “الجمهورية الثانية” أن يخوضوا مجدداً صراعاً وجودياً يتعلق ببقاء لبنان ووحدته وحرياته، بعدما اعتقدوا أن “وثيقة الوفاق” حوَّلت الماضي الأليم ذكريات ودروساً ووضعت حداً للخروج على النظام العام وأسست لدولة القانون والسيادة.

 

قَدَر الصحافة الحرة ان تكون دوماً في قلب المعركة، وهي اليوم، في مواجهة منظومة الفساد والسلاح وأدواتها، تتعهد أن تبقى صوت أهل ضحايا 4 آب والمودعين المسروقين وكل لبناني متضرر من عهد فاشل وسلطة مافيا لم تتردد في نهبٍ منهجي أوصلَ الى الافلاس.

 

دفعت الصحافة اللبنانية الحرة أرواحاً وأثماناً باهظة دفاعاً عن سيادة لبنان وحق شعبه في دولة طبيعية، نظامها ديموقراطي يحترم تداول السلطة والحريات. وستبقى أمينة لـ”ذخائر” 6 أيار ولتلك التضحيات عبر الكلمة الكريمة في مواجهة لغة الانحطاط، وخطاب الحرية في مقابل سردية التبعية والاستزلام.