IMLebanon

حاميها!؟

 

قبل ان يبدأ مجلس الوزراء بدرس مشروع الموازنة العامة، ارتفعت أصوات كبار المسؤولين في دولتنا العلية من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء لتطمئن الشعب اللبناني بأنهم جادون من خلال هذه الموازنة في محاربة الفساد المعشعش في كل مؤسسات الدولة ومرافقها العامة وصولاً إلى اجتثاثه من جذوره، وقد تركت هذه المواقف من كبار المسؤولين صدى ارتياح عند اللبنانيين كافة لا سيما وانها المرة الأولى التي يعترف فيها أهل السلطة بوجود الفساد وضرورة وضع حدّ نهائي لأنه اوصل الدولة اللبنانية إلى ما يشبه المزرعة أو المزارع الغارقة في الفوضى وعدم احترام القانون الذي بدونه لا معنى لوجود أية دولة ذلك لأن سيادة أية دولة مرتبطة بسيادة القانون فيها واحترامه من الشعب الذي يُشكّل في الأنظمة الديمقراطية العريقة مصدر كل السلطات.

 

وعندما انكب مجلس الوزراء على درس مشروع الموازنة، بدأت تظهر في بعض الأوساط المتابعة وفي وسائل الإعلام بوادر لا تبشر بأي خير ولا تشي بأن الوعود التي قطعها كبار المسؤولين قبل ان توضع الموازنة على طاولة مجلس الوزراء ما زالت سارية المفعول ما أدى الى تحرك شعبي واسع شمل كل القطاعات العامة تقريباً رافضاً هذه الموازنة التي غاب عنها تماماً أي إصلاح حقيقي يطال أوّل ما يطال الفاسدين والمفسدين الذين نهبوا المال العام على عينك يا تاجر الى ان اوصلو الدولة العلية إلى حافة الإفلاس واقتصرت الموازنة على الانتقام من الطبقات الفقيرة والمتوسطة ومحدودة الدخل في حين بقي الفاسدون والمفسدون الحقيقيون بمنأى حتى عن أية مساءلة بل جاءت الإصلاحات التي وضعت في الموازنة لكي تشرعن كل ما فعلوه من نهب وسرقة للمال العام، في مقابل ترقيعات من هنا وترقيعات من هناك انصبت كلها على الطبقات الفقيرة، في الوقت الذي كان المسؤولون يؤكدون على ان التقشف الذي اعتمدته الحكومة في الموازنة العامة لن يطال هذه الطبقة بأي شكل من الاشكال لكنهم في الوقت عينه اغفلوا من خطاباتهم الرنانة ومن تعهداتهم كل الوعود التي اطلقوها قبل البدء في درس الموازنة وفي مقدمتها تضمين الموازنة خطة كاملة لمحاربة الفساد واجتثاثه من جذوره، فأين أصبحت هذه التعهدات ولماذا اغفلت الموازنة تماماً مسألة الفساد والمفسدين ولم تتضمن الموازنة أية خطة واضحة لمحاربة هذه الآفة التي صنفت الدولة اللبنانية مع الدول الفاشلة، في حال استمرت في سياستها التقليدية أو الترقيعية كما هو الحال بالنسبة الى مشروع الموازنة الذي تنوي الحكومة العتيدة التقدم به الى المجلس النيابي في الأيام القليلة المقبلة، والجواب عل هذا الأمر معروف من قبل اللبنانيين كافة وهو ما ينطبق عليه المثل اللبناني الشهير «حاميها حراميها» إذ كيف يمكن للحرامي الذي افسد وأضرَّ من حوله ان يتولى هو بنفسه ان يضع حداً للحرامي والفاسد، وهكذا تتوضح الصورة إلى اللبنانيين على حقيقتها، وليس على الطريقة المعهودة التي تهدف أولاً وآخراً إلى خداع الشعب اللبناني بإنجازات لا وجود لها إلّا في المناسبات الانتخابية فقط.