IMLebanon

ممارسات إستفزازية لوزراء تثير ردود سلبية بالداخل واستياء من الدول الخليجية

 

التصرفات والسياسات الخلافية المتواصلة عند طرح كل قضية على بساط البحث مهما كانت بسيطة، لا تساهم في إيجاد حلول مقبولة وموضوعية

يلاحظ من تصرفات وممارسات بعض الوزراء والمسؤولين، ان هناك من يتعمد إساءة علاقات اللبنانيين بين بعضهم البعض، تارة من خلال النفخ بالشعارات الطائفية وإثارة النعرات والحساسيات والتفرقة من باب تجاوز الدستور وتارة أخرى من خلال الادعاء بالحرص على تحقيق التوازن المفقود بين المسلمين والمسيحيين بفعل الاختلال الديمغرافي لصالح المسلمين في العقود الأخيرة، وما إلى هنالك من عبارات وشعارات استفزازية تعيدنا عشرات السنين الى ماضي الفتن والحروب الأهلية المشؤومة التي عاشها لبنان في تاريخه.

 

ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل لوحظ كذلك ان بعض الوزراء من الصف ذاته، تعمد بعد جريمة طرابلس الإرهابية الأخيرة إلى التفرقة بين المؤسسات العسكرية والأمنية على أساس طائفي، محاولاً رمي مسؤولية ارتكاب هذه الجريمة النكراء على جهاز أمني ينتمي مسؤولوه إلى طائفة أخرى، ما اثار بلبلة واشمئزاز لمثل هذا التصرف غير المسؤول، في الوقت الذي يحتاج فيه البلد إلى التكاتف بين كل مكوناته ومؤسساته ولا سيما الأمنية والعسكرية لمواجهة التحديات التي تشكلها آفة الإرهاب التدميرية ضد اللبنانيين في هذه المرحلة الحسّاسة والمعقدة التي تمر بها المنطقة والعالم.

 

وتجاوز الأمر كل حدود المعقول، عندما تكررت الإساءة المنظمة لعلاقات لبنان مع الدول العربية تحت عناوين مسألة العمالة وفرص العمل هذه المرة وشمول هذه الإساءات الدول الخليجية وكأنه لا يكفي اللبنانيين الاضرار التي تسبب بها هذا الفريق السياسي جرّاء ممارساته المتردية بالداخل على كل المستويات في السنوات الماضية، لتطال هذه المرة الجاليات والعاملين اللبنانيين في هذه الدول.

 

فهل مثل هذه الممارسات والمواقف المثيرة للخلافات والانقسامات تصب بمصلحة لبنان واللبنانيين، أم تنحصر بمصلحة الفريق النافخ في بوق الخلافات والتفرقة هذه؟

 

لا شك ان ردود الفعل الناقمة على تصرفات هذا الفريق وسياساته الخاطئة التي وضعت البلاد على كف عفريت في الأسابيع الماضية والدعوات المستهجنة لمثل هذه التصرفات، تؤكد على عدم صوابية ما يحصل وسوء الممارسة السياسية التي أوصلت البلاد إلى وضعية التفرقة وإثارة النعرات بين اللبنانيين، بالرغم من كل محاولات غسل اليدين وإنكار ما أعلن من مواقف بهذا الخصوص من مسؤولي هذا الفريق وحتى الاعتذار من اللبنانيين، في حين ان ما يحصل على هذا الصعيد يزيد من تآكل صدقية السلطة السياسية وعهد الرئيس ميشال عون بالتحديد، كون من يتولى إدارة هذه الممارسات يتبع مباشرة لتياره السياسي، الذي بات على صدام مع أكثرية المكونات السياسية الداخلية في الآونة الأخيرة وليس مع طرف دون الآخر.

 

فهذه التصرفات والسياسات الخلافية المتواصلة عند طرح كل مسألة أو قضية على بساط البحث مهما كانت بسيطة، لا تساهم في إيجاد حلول مقبولة وموضوعية لها، لا سيما إذا تمت مقاربتها على أساس طائفي ومذهبي ومن باب العودة إلى الماضي تحت الشعارات الممجوجة، بل تزيد في حدة الخلافات والتباينات القائمة وتضع البلاد مجدداً على مسار الاهتزازات والارتجاج السياسي الذي يطغى حالياً على عقول ونفوس الطبقة السياسية ويؤثر سلباً على الأوضاع العامة في البلد كلّه.

 

وكأنه لا يكفي لبنان معاناته جرّاء سلسلة من التداعيات للحروب الدائرة بجواره في سوريا وغيرها من الدول العربية، ووجود مئات الآلاف من اللاجئين السوريين على أراضيه وتردي الأوضاع الاقتصادية في المنطقة العربية عموماً بفعل الصراعات الدائرة، وانعدام فرص العمل بالداخل والخارج على حدٍ سواء، حتى تزيد الخلافات المستحدثة حالياً بين اللبنانيين تحت العناوين والشعارات الطائفية والمذهبية المطروحة في الوقت الحاضر من حدة مؤثراتها على الأوضاع النفسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين على كافة المستويات، في حين ان المصلحة الوطنية تتطلب من هؤلاء المسؤولين والوزراء المعنيين بهذه التصرفات والممارسات المثيرة للخلافات والاستفزازات المنتظمة من وقت لآخر، تصويب بوصلة سياساتهم والتزام الحد الأدنى من المسؤولية التي تحتم عليهم مراعاة مشاعر وأحاسيس ومطالب اللبنانيين على اختلاف توجهاتهم والابتعاد عن كل ما يثير الانقسامات والتباعد بينهم، الا إذا كان في حسابات هذا الفريق السياسي إصرار على ممارسة مثل هذه السياسة الاستفزازية ضد الآخرين على أمل تحقيق مكاسب وتبؤ مواقع تعيد الأمور إلى الوراء كما كان سائداً قبل الحرب الاهلية المشؤومة في أواسط سبعينات القرن الماضي، مع ما يمكن ان تستحضر مثل هذه التصرفات الرعناء من ردود فعل قد تتجاوز المعهود منها إلى ما هو أسوأ وأخطر على وحدة لبنان والعيش المشترك بين اللبنانيين.