خلال الشهرين المنصرمين تجلى دور لقطر على صعيد المشاركة في التنقيب عن الغاز والنفط في المياه الاقليمية اللبنانية، بعيداً عن محاولة النائب جبران باسيل طلب مساندة قطر مع الاميركيين لتجاوز موضوع اخضاعه لعقوبات مالية عن ماله المتحصل من تأخير تطوير الكهرباء للاستمرار في استجرار التزود بالمشتقات النفطية، الضرورية لانتاج الكهرباء، وقد شاهدنا مسرحية استقبال ناقلات بعقد موقع من وزير الطاقة الذي يعتبر من وزراء التيار الوطني الحر.
القطريون هم ثالث اكبر منتج للغاز في العالم بعد روسيا، وأستراليا والولايات المتحدة، وهم أكبر بلد مصدر للغاز السائل عالميًا لأنّ حاجاتهم المحلية لا تستوجب تخصيص نسبة مرتفعة من الانتاج لكفاية الحاجات المحلية في بلد صغير نسبيًا يتمتع بثروة هائلة من الغاز ويمتلك اسطولاً من ناقلات الغاز السائل، وأصبح احتياطه من المال يزيد على 700 مليار دولار، وتملك قطر نسبة من اسهم شركة مرسيدس ومركزي التسوق الاهم في لندن وباريس. وأصبح بنك قطر الوطني أكبر بنك عربي ومجموع ميزانيته يتجاوز 500 مليار دولار.
الاهتمام بلبنان يعود الى اعتبار القطريين لبنان من البلدان المميزة سواء على مستوى الطقس وتنوّع الطبيعة وتعدّد جامعاته المرموقة. ويتبدّى موقف القطريين في تملكهم لمناطق مميزة سواء في المنطقة ما بين عاليه وبحمدون والمنطقة الواقعة قرب مطعم فاضل على مقربة من بكفيا، وهذه الملكية تعود للشيخة موزا والدة الامير الحالي.
لقد أنجزت قطر اتصالات مع ايران لتسهيل رسم الخطوط البرية مقابل ترسيم الحدود البحرية الاسرائيلية، وكان لقطر الدور الاكبر في هذا المجال رغم ادعاءات نائب رئيس مجلس النواب اللبناني بأن علاقاته الوثيقة مع المبعوث الاميركي كانت من اهم اسباب انجاز اتفاق الترسيم، علمًا بأن الاتفاق انجزت تفاصيله منذ عام 2008 وتبلغت سلطات الامم المتحدة الترسيم الجديد منذ انجازه عام 2010.
أراد القطريون إعانة لبنان ولهذا السبب بالذات أنجزوا مكاتب بنك قطر الوطني في قلب العاصمة بيروت، وهم بالتعاون مع الصين طوروا نظامًا لسداد اكلاف استيراد لبنان من الصين بالعملة الصينية التي تؤدي الى توفير في الكلفة الاجمالية.
لقد أنجزت الشركة القطرية للغاز اتفاقًا مع شركتي إيني وتوتال لتحلان محل الشركة الروسية التي انسحبت من اتفاق التنقيب لأسباب اقتصادية تتعلق باستنزاف حرب روسيا على اوكرانيا نسبة ملحوظة من الاحتياطي الروسي.
يجب أن يعلم اللبنانيون ان القطريين التزموا منذ تاريخ اتفاقهم مع الولايات المتحدة على إنجازها اكبر قاعدة جوية عسكرية في العالم في قطر على امرين: التزام حماية قطر من اي هجمات اجنبية، وتأمين تواجد 10 آلاف جندي اميركي سواء من قادة الطائرات الحربية او اصحاب الاختصاص بمحركات الطائرات، ومنذ تاريخ الاتفاق اوائل التسعينات التزمت قطر بأن تحصل على موافقة الولايات المتحدة على اي قرار يتعلق بتطوير ثروة الغاز والنفط، وبالتالي هنالك اتفاق اميركي- قطري على تملك شركة قطر للغاز بنسبة 50% لكل طرف وإشراك شركة شل، ثالث اكبر شركة نفط عالمية اختارت التركيز على الغاز منذ عشر سنوات لاستشعارها بأن قضية البيئة وزيادة حرارة الارض تستدعي جهودًا عالمية لضبطها.
حينما زار جبران باسيل قطر منذ فترة قريبة كان يعلم بارتباط القطريين مع الاميركيين، وكان يعلم بأن حقل الشمال للغاز في المياه الاقليمية القطرية يمتد الى المياه الاقليمية الايرانية، كما هو الوضع مع لبنان واسرائيل، وسبب تأخر ايران عن تطوير الجزء الملازم لأعمال الانتاج في القسم القطري كان بداية حرب العراق وايران والخسارات المادية والبشرية الكبرى في سنوات الحرب التي امتدت على مدى 8 سنوات.
أوضح القطريون موقفهم من محاولات جبران باسيل استمالتهم لمساعدته في تجاوز مصاعب العقوبات المالية على ممارساته الاستثمارية بمستوردات مشتقات النفط ورفضه العروض السخية التي توافرت من قبل الصندوق العربي عام 2013 ومن حكومة ألمانيا بوجود المستشارة انجيلا ميركل في حينه على رأس وفد عرض انجاز معملين لانتاج الكهرباء بطاقة 3000 ميغاواط وانجاز معمل لمعالجة النفايات بطاقة 1000 طن.
العرض الالماني رفض بل حتى الوزير الطاقوي في حينه نائب بعبدا حاليًا سيزار ابي خليل لم يتوان عن الاشارة الى ان الطاقات الفنية اللبنانية طورت وسائل عمل ذات فعالية اكبر من مناهج الالمان… وماذا كانت النتيجة؟
استقدام خبير محاسبي واداري من شركة في لندن اعتمدت تسريحه ليصبح وزير الطاقة، وهو لم يقدم اي برنامج سوى زيادة مخصصات الصيانة، واموال استيراد المشتقات، وقد حصل على الجزء الاول (اموال الصيانة واستيراد مشتقات لفترة 4 اشهر) من دون ان يلتزم بشروط انجاز المناقصات، وبالتالي اذا اردنا اي تحسين على وضع الكهرباء علينا ان نأتي بخبير لبناني متمرس وصاحب تاريخ ناصع لتولي وزارة الطاقة، وأي وزارة جديدة تشكل بعد انتخاب رئيس جديد لا يجوز ان تشمل وزيرًا للتيار الوطني الحر. فهذا التيار لديه ست وزراء ونواب منهم ثلاثة يفوقون جبران باسيل معرفة ولا يتبقى سوى معرفة باسيل بأن دوره قد انتهى.