IMLebanon

سؤال برسم الحوار

على قاب قوسين أو أدني، يُنتظر أن يبدأ الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله انطلاقاً من المبادرة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري، وتجاوب السيد حسن نصر الله معه من دون شروط مسبقة.

وقبل أن تبدأ الاجتماعات بين الفريقين بانتظار الاتفاق على جدول الأعمال الذي حدّد الرئيس الحريري خطوطه العريضة، إنقسم اللبنانيون حول النتائج المحتملة لمثل هذا الحوار في ظل الخلاف الجوهري العميق المتراكم منذ قرابة العشرة سنوات حول سلاح الحزب ومشروعه الذي يتنافى مع قيام الدولة على حد تعبير كل قيادات قوى الرابع عشر من آذار وفي مقدمها تيار المستقبل.

فريق رحّب بهذا الحوار بين خصمين لدودين وعلّق آمالاً كباراً على ما يمكن أن يسفر عنه من نتائج لعل أهمها وقف الاحتقان بين الطائفتين السنّية والشيعية وإبعاد شبح الفتنة المذهبية التي أطلّت برأسها بسبب استمرار الخلاف بين الطرفين ومعه تراكم الاحتقان على المستوى الشعبي وليس آخرها التفاهم على انتخاب رئيس توافقي للجمهورية على أن لا يكون من فريق 14 آذار ولا من فريق 8 آذار، خصوصاً وأن فريق 14 آذار أعرب عن استعداده لسحب ترشيح أحد أركانه الدكتور سمير جعجع مقابل سحب ترشيح أحد أركان قوى الثامن من آذار النائب ميشال عون.

والمتفائلون الميّالون الى هذه المعادلة ميّالون أيضاً الى الاعتقاد بأن حزب الله سيوافق عليها، وإلا لما وافق أصلاً على مبادرة الحريري التي تنطلق من هذه المعادلة، أي سحب الاثنين لمصلحة الرئيس التوافقي.

وهؤلاء المتفائلون يتمسكون بتفاؤلهم بطرح رئيس تيار المستقبل من خلال مبادرته وهو قبوله بعدم البحث لا في سلاح حزب الله ولا في تورطه الى جانب النظام السوري باعتبار أنهما نقطتان خلافيتان لا مكان لهما في هذا الحوار واقتصار جدول الأعمال على أربع قضايا: تنفيس الاحتقان السنّي – الشيعي، إنتخاب رئيس توافقي، إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية وإجراء هذه الانتخابات، ويعتبرون أن حصر الحوار بهذه النقاط الأربع، يسهّل الطريق للوصول الى نتائج إيجابية تريح البلاد والعباد من هواجس كثيرة، جراء استمرار القطيعة بين الفريقين واستمرار الاشتباك السياسي مع ما يخلفه من احتقان على المستوى الشعبي يلوح من خلاله شبح الفتنة المذهبية القابع وراء الأبواب.

أما الفريق الثاني المتشائم أو الذي يستبعد وصول الحوار الى نتائج مُرضية للجميع وإن كانوا لا يعارضون القائلين بأنها تخفف من الاحتقان المذهبي بين السنّة والشيعة، فهو لا يجد بأن هناك إمكانية ولو واحد في المئة في وصول الحوار الى اتفاق على انتخاب رئيس توافقي يوقف التدهور الذي طاول كل مرافق البلاد من مؤسسات رسمية ومصالح مستقلة الى الحالة الاقتصادية المزرية والوضع الأمني الذي يزداد تدهوراً يوماً بعد يوم بالرغم من الجهود المضنية التي يبذلها الجيش لمنع وقوع البلد في المحذور الذي ينبّه منه الغرب والشرق معاً وذلك بسبب ما أعلنه حزب الله بعد موافقته على مبادرة الحريري من تمسكه بمرشحه النائب عون لرئاسة الجمهورية وإصراره على أن لا بديل عنه لأنه الأقوى في الطائفة المارونية كونه يتمتع بالأكثرية الشعبية وبالحيثية السياسية، فضلاً عن أمور أخرى يعتبرها الحزب استراتيجية تجعله لا يتخلى عن ترشيح النائب عون ولو أدى هذا الموقف الى فشل حواره مع تيار المستقبل. غير أن هؤلاء المتشائمين لا يريدون التقليل من أهمية الحوار في ظل المفصل التاريخي الصعب الذي يمر به البلد وفي ظل ما يحصل في الاقليم ومن حوله من تطورات دراماتيكية من دون أن يكون لها أي أفق، إذ يكفي في نظرهم أن ينجح هذا الحوار في تنفيس الاحتقان السنّي – الشيعي لوقت ما، لما له من انعكاسات إيجابية على مجمل الأوضاع في البلاد. فمن الذي أصاب الهدف من الفريقين؟ الجواب على هذا السؤال متروك للأيام المقبلة.