اتخذ مجلس الوزراء قرارا في ٢٩ ايار الماضي، بزيادة اسعار المحروقات، بالتنسيق بين جميع الوزراء، استناداً لوزيرة الطاقة بالوكالة التي وقعت على القرار، معللاً الاسباب بانها لتمويل زيادات رواتب العسكريين في الخدمة والمتقاعدين ايضا.
وبعد ايام معدودة، بدأت حملة الاعتراض والرفض على القرار المذكور، ولاسيما من اكثر من كتلة وطرف سياسي، يشارك بفاعلية بالحكومة، ومنها كتلة الجمهورية القوية، التي انتقدت القرار بشدة، واكدت انها بصدد الطعن به امام مجلس الشورى لإبطاله ومنع تنفيذه، فيما هدد الاتحاد العمالي العام باتخاذ خطوات تصعيدية ضده، وهدد رئيس اتحادات النقل الذي يتحرك بايعاز من حركة امل بتنظيم اعتراضات رفضا للقرار المذكور، ناهيك عن موقف رافض وجَّهه عضو كتلة اللقاءالديمقراطي بلال عبد الله ايضا.
بمعزل عن صوابية قرار الحكومة زيادة الرسوم على المحروقات، او عدمه وما يرتبه من تكلفة اضافية على المواطن في هذه الظروف، يظهر بوضوح التناقض الفاضح في اداء الكتل النيابية، الممثلة بالحكومة، لجهة موافقة وزرائها على القرار المذكور داخل الحكومة، ومن ثم انتقاده خارجها في ما بعد والتصويب على اداء الحكومة بهذا الخصوص.
هذا التعارض بالاداء لهذه الكتل والاحزاب، بالتعاطي مع موضوع زيادة اسعار المحروقات، انما يعبّر بوضوح عن ازدواجية سياسية فاقعة، فهي توافق داخل مجلس الوزراء على قرار كهذا، لاظهار تعاونها وتأمين مصالحها من جهة، وتظهر معارضة ورفضاً له بالخارج، لتصوير نفسها امام الرأي العام، انها تدافع عن مصالح الناس وتقف الى جانبهم.
هذا الاداء السياسي المتناقض، يكشف هشاشة الاداء السياسي، وما بلغه من هبوط بالمستوى، ومدى الاستخفاف بعقول المواطنين، والاستهتار بمصالحهم، ولو ان هذه الانتقادات والتهجُّم السياسي على قرار رفع اسعار المحروقات كان صحيحاً وصادقاً، لكان الوزراء الذين يمثلون هذه الكتل المعترضة، إما خرجوا وقاطعوا الجلسة، أو قدموا استقالاتهم احتجاجاً، ولكن كل ذلك لم يحصل.