IMLebanon

قراءة بالمقلوب

أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله، في خطابه أمس، اعطى جرعة تفاؤل كبير بالنسبة الى الحوار الجاري بين الحزب وتيار المستقبل، بتوقعه أن يسفر عن نتائج إيجابية على أكثر من مستوى لا سيما على صعيد تنفيس الاحتقان السنّي – الشيعي ومنع الفتنة بين الطائفتين، وخطّأ نصر الله الذين يشككون في هذا الحوار وفي نجاحه، وكأنه بذلك يردّ على مواقف سابقة للرئيس فؤاد السنيورة شككت في هذا الحوار وفي ما يمكن أن يسفر عنه من نتائج.

لكن السيّد اعتبر أن هذا الحوار لا يمكن أن يكون بديلاً عن الحوار الوطني، بقدر ما يعبّد الطريق إلى هذا الحوار الذي يتوقف عليه مستقبل لبنان، وهنا تكمن المسألة، التي حملت البعض ومنهم الرئيس السنيورة على عدم بناء الأوهام بالنسبة إلى الحوار مع حزب الله استناداً إلى التجربة السابقة، وهي تجربة مؤتمر الحوار الوطني الذي بدأ أعماله في ساحة النجمة في العام 2006 واستكمل بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في أعقاب أحداث السابع من أيار المشؤومة ثم توقف هذا الحوار بعدما انقلب حزب الله مرة ثانية عليه، ونسف كل ما توصلت إليه طاولة الحوار من اتفاقات بدءاً بوضع سلاح المقاومة في عهدة الدولة مروراً بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وتحديد الحدود مع سوريا، وصولاً إلى سياسة النأي بالنفس وإعلان بعبدا الذي كلّف العماد سليمان عدم التمديد له وكلّف البلاد فراغاً في رئاسة الجمهورية منذ سبعة أشهر ونصف الشهر وما زال الامر حتى الآن غامضاً.

هذه التجربة المرّة مع حزب الله الذي انقلب على هذه الاتفاقات من جانب واحد ولم يسأل أو يستشر شركاءه في الوطن عندما ذهب إلى سوريا للقتال إلى جانب النظام السوري مسقطاً بذلك سياسة النأي بالنفس وإعلان بعبدا، وقبل ذلك عندما رفض تحديد الحدود إستجابة لمطلب الجانب السوري وانقلابه الشهير على الاتفاق المتعلق بشأن سلاح المقاومة، ثم انقلابه الشهير أيضاً على حكومة الوحدة الوطنية التي تشكّلت بعد اتفاق الدوحة وإسقاطه حكومة الرئيس سعد الحريري وهو يهمّ بالدخول الى القصر الرئاسي الأميركي لمقابلة الرئيس باراك أوباما والبحث معه في كيفية الحصول على دعم الولايات المتحدة للبنان من أجل الخروج من الأزمات التي كانت تعصف به بدفع من حزب الله بالذات.

وكان من الطبيعي بعد هذه التجربة الفاشلة أن يقف فريق من اللبنانيين ويشكك في الحوار القائم بين الحزب وتيار المستقبل ويرفض أن يبني عليه قصوراً في الهواء، وكان من الطبيعي أيضاً أن يظهر داخل التيار من يتحفظ على النتائج المتوخاة من هذا الحوار ويرحّب في الوقت نفسه به، استناداً إلى منهج التيار القائم على الحوار والانفتاح على كل المكونات اللبنانية وتحديداً على حزب الله الذي يمثّل على الساحة اللبنانية شريحة واسعة لا يمكن ولا يجوز تجاهلها في أي محطة من المحطات اللبنانية.

وبمعزل عما سبق، الجميع يتمنى النجاح لهذا الحوار بدءاً من الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية ووصولاً إلى وقف الاحتقان السنّي – الشيعي وإراحة البلاد إلى أن تصبح الأجواء مهيّأة ومتاحة للعودة إلى طاولة الحوار الوطني وتنفيذ الاتفاقات السابقة وفي مقدمها إعلان بعبدا.