IMLebanon

آه… يا دموع البعلبكيات الثائرات

 

سلام يا ثائرات بعلبك وقاهرات الصمت والظلام وذارفات دموع تحرق الوجدان وتضيء شمعة على أدراج بعلبك وبآخر نقطة زيت بسراج الكرامة واحترام الذات، تلك الدموع في عيون عنفوانهن الجريح جذبتني من غربتي وارتحالي وأعادتني إلى حبيبتي ومدينتي وطفولتي وبيوت الطين التي كنت اسكنها وصارت تسكنني بالود والطيبة والأمان، يا بعلبكيات الأمل والرجاء لا تخجلن من رفع الصوت عاليا فأنتن تجددن أزمنة العزيمة والألفة والنقاء أيام أمهاتكن الرائدات البعلبكيات المحصنات الفاضلات كالمربية خديجة العجمي التي حملت راية تعليم البنات وماتيلدا ياغي رائدة التنوير والالتزام وإقبال الرفاعي رائدة الشجاعة والتجدد والانفتاح وغيرهن كثيرات.

 

آه يا دموع البعلبكيات كيف عبرتن آلاف الأميال لتبلغنني حيث أنا في المدن البعيدة واخترقتن ثنايا القلب والوجدان حيث خبأت بعلبك وهواها ونواها والذكريات مع الرفيقات البعلبكيات المناضلات هدى وحفيظة وسهام وليندا وسناء وليلى وسلام ووجيهة وهيفاء وزينة وسعاد ونوال وأصوات البعلبكيات الثائرات تجاوزت كل ساحات لبنان والشاشات وأسقطت مظلومية كل السلطات وتجاهل الإعلام لبعلبك والاكتفاء بتنميط صورتها القاتمة لعقود طوال، وما ابلغ دموع البعلبكيات الشاكيات ظلم ذوي القربى الأشد على النفس من وقع الحسام.

 

البعلبكيات الثائرات انشدن أغاني الحرية والأمل من ساحة هياكل بعلبك حيث منعن لستين عاماً من أن يكن شريكات في أمجاد المهرجانات حيث عبر الفنانون الكبار من لبنان والعالم إلى سلم الشهرة والمجد والأضواء على أدراج بعلبك تاركين المدينة وأهلها غارقين في القهر والحرمان والظلام، ثائرات بعلبك أدرن ظهورهن لتلك الجدران العالية ليطلقن زمن العدالة والمساواة واحترام الذات وزمن غناء البعلبكيات في الساحات بعد طول انتظار رافضات أن تكن مجرد مفردات عابرة في الأغنيات وصنعن مهرجاناتهن بأصوات البعلبكيات الثائرات وجددن روحية وصلابة المبدعين الرواد الكبار الذين رحلوا أمثال خليل المطران ولطفي حيدر ورفيق شرف وعبدوه مرتضى ومكتبته وعلي حسني الزين وحمزة الطفيلي وعاطف ياغي وعلي شرف وندوته وفيض كبير من المبدعين الكبار الأحياء والمبدعين الشباب.

 

يا ثائرات بعلبك لكن مني كل تحية ومودة وسلام بعيدة كل البعد عن الاصطفافات السياسية والشعارات وتنوع الساحات وما حدث وسيحدث على امتداد لبنان وبعيدا عن تبادل الاتهامات والادعاءات والاستهدافات والخصومات وبعيدا عن موقفي ومتابعتي لمسلسل التداعيات، فكل ذلك لا يعفيني من كتابة رسالة تقدير واحترام للبعلبكيات الثائرات ودموعهن الغاليات العزيزات سليلات الكرم والعطاء والكبرياء وهن الأخوات والبنات والحفيدات، وبنات القديسة بربارة شفيعة المدينة تختبئ في فينوس معبد الحب والجمال لتصلي للإله الواحد وتهشل في الحقول من الطغاة وبنات السيدة خولة بنت الحسين سليلة الأنبياء والشرفاء الشهداء تحث كل البعلبكيين على الوحدة والتماسك والمحبة والتسامح ونبذ الكراهية والبغضاء.

 

يا ثائرات بعلبك هذه رسالة تقدير ووفاء لدموعكن الغالية وإني أحملكنّ السلام إلى بيت الطين وخريف الدلب وأوراقه الصفراء وسلامي إلى البياضة والتنانير والنهر والشلال والمرجة والخوام وصيدح والجوهري وأكواب الشاي والليل والنجوم والشهب والعشاق وقمر تشرين والتسكع مع الرفاق، وآه… يا دموع البعلبكيات الثائرات وكيف أعادتني إلى بعلبك حيث اعتقد الرومان إنها أقرب الأمكنة إلى السماء.