IMLebanon

الصراع الإقليمي والخلافات الداخلية تفرض التفاهم على موقف لبناني موحّد لمعالجة النزوح السوري

 

ستبقى ذيول السجال بين «تيار المستقبل» وبين «التيار الوطني الحر» قائمة حتى إشعار آخر ولحين حصول لقاء بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل يضع النقاط على حروف كيفية مقاربة مشكلة النازحين السوريين، التي لا يوجد تصور حكومي واحد متفق عليه بين مكونات الحكومة، وهو امر يتيح لما يُسمى المجتمع الدولي التدخل في كل شاردة وواردة وفي كل قرار لبناني يتعلق بالنازحين، خاصة في ما خصّ ترتيبات عودة من يرغب منهم، وسط معلومات من جهات سورية مقربة من السلطات الرسمية تفيد «أن أكثر من 300 شخص سوري يدخلون إلى سوريا من لبنان والدول الاخرى العربية والاوروبية مطلوبين للاحتياط والخدمة الإلزامية، ويتم منحهم أوراقاً خاصة لمراجعة شُعب تجنيدهم، وأن هناك ارتفاعاً كبيراً في عدد الشبان العائدين من المطلوبين لخدمة العلم إلى البلاد».

ويناقض هذا الكلام في حال صحّته كل المعلومات التي تتحدث عن تضييق واعتقالات وحتى الترويج لإعدامات لبعض الشبان العائدين، فيما اكد السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي لـ«اللواء» ان السلطات السورية «تقدم كل التسهيلات لعودة النازحين، وأنها أصدرت الكثير من المراسيم والقوانين والقرارات المتعلقة بتسهيل عودة الراغبين، لا سيما لجهة تقديم التسهيلات للمطلوبين لخدمة الجيش الالزامية والاحتياطية، وتعطيهم وقتهم للالتحاق براحتهم تبعا لظروف كل شخص».

اضاف السفير علي: حتى على صعيد الخدمات العامة والبنى التحتية فهناك عمل دؤوب برغم حجم الدمار الكبير لإعادة الاعمار، لكن ما يعيق احيانا هو الحصار الاقتصادي المفروض على سوريا، والذي يهدف الى إضعاف المناعة السورية، ولكن برغم ذلك فإن  مؤسسات الدولة تعمل ضمن الامكانات المتاحة حتى توفر كل ظروف الطمأنينة والاستقرار للمواطن السوري المقيم والعائد، وهناك لُحمة كاملة ضمن كل المؤسسات الادارية والجيش والقوى الامنية بهدف اعادة بناء ما تهدم، وهناك حاجة فعلية لليد العاملة السورية حيث عادت مصانع دمشق وحلب وحمص للعمل والانتاج، وبات المواطن السوري يدرك هذا الامر وهو ما يشجعه على العودة.

وقال السفير علي: «ان تزوير الحقائق والمواقف التي تصدر هنا وهناك لأهداف سياسية لا نرد عليها، وهو امر لا يضر سوريا ولا ينفع السوري النازح الذي يعيش في مخيمات النزوح في لبنان وغير لبنان ظروفا انسانية صعبة وتحت رحمة المساعدات المحدودة، بينما المطلوب ان تقديم هذه المساعدات للعائد بحيث يستفيد منها وهو في ارضه وبيته وضمن بيئته ودولته يعيش بكرامة وبحصانة وأمان اجتماعي حيث تتوافر فرص التعليم والطبابة والعمل، خاصة بعدما تبين ان كثير من السوريين غادروا سوريا بتحريض سياسي واضح».

وبغض النظر عن الموقف السوري الرسمي المشجع على الارض بإجراءاته المتخذة على عودة النازحين، فإن المعطيات السياسية المتعلقة بالصراع الدولي والاقليمي الكبير، تشير- حسب مصادر دبلوماسية لبنانية- الى ان ثمة قراراً كبيراً بإبقاء النازحين حيث هم من باب الضغط على النظام السوري للاستجابة لبعض الشروط والتنازلات السياسية التي تفرضها الادارة الاميركية وبعض دول اوروبا والمتعلقة بالحل السياسي للأزمة، وهو امر يرفضه الرئيس بشار الاسد وبدعم روسي واضح.

ونتيجة لهذا الصراع الكبير والمتعلق بمحاولة فرض نفوذ الدول الكبرى الدولية والاقليمية على المنطقة العربية وعلى سوريا والعراق بالتحديد، وبسبب النتائج الغامضة لما سيؤول اليه هذا الصراع وكيف سينعكس على دول الجوار السوري ومنها لبنان بشكل خاص، تطرح المصادر الدبلوماسية السؤال ايضاً عن «السبب الحقيقي لاستمرار ربط الدول المانحة تقديم التسهيلات والدعم لعودة النازحين بالحل السياسي للأزمة السورية؟ وتشير الى رفض لبنان الشديد لهذا الربط والذي عبر عنه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير الخارجية وبعض القوى السياسية الاساسية»؟

من هنا يمكن فهم موقف الوزير جبران باسيل وبعض القوى السياسية الاخرى الرافض لأن يكون ثمن مساعدات الدول المانحة للبنان تأخير عودة النازحين بقائهم حيث هم، لا بل استخدامهم اداة في صراع المحاور القائم، في الوقت الذي يطالب الجميع لبنان باعتماد النأي بالنفس، بينما يسعى البعض لإغراقه في صراع المحاور الاقليمي والدولي.

وتعتقد مصادر رسمية مطلعة عن قرب على الوضع القائم، انه بات من المفروض التفاهم على سياسة رسمية واحدة وواضحة لمعالجة ملف النازحين وإلاّ سيبقى الخلاف قائما بين مكونات الحكومة، وسيبقى السجال محتدما بين وجهتي نظر، ما يشكّل لغماً يهدد كل الوضع القائم، وتقول المصادر: ان ورقة العمل التي يعمل عليها وزير شؤون النازحين صالح الغريب – والتي ترفضها بعض القوى السياسية سلفاً- قد تُشكل ارضية ومنطلقا للحوار والتفاهم داخل الحكومة على مقاربة موحدة ولو جرى تعديل بعض افكارها ومقترحاتها بما يتناسب مع مصلحة لبنان أولاً، لكن المصادر تؤكد ان المهم في الموضوع صفاء النوايا، إذ يبدو أن بعض النوايا غير سليمة لمعالجة ملف النازحين.!