IMLebanon

قطع طرقات «سياسي»… والحَراك: الفَقر يؤدي إلى الشغب لا إلى الثورة

 

 

لا يمكن تصنيف أحداث أمس من قطع للطرقات وشغب، في إطار التحركات الروتينية للمجموعات الحراكية على الأرض وسط هيمنة واضحة من قوى سياسية، تتخذ من الحراك لبوسها وأخرى من داخل أحزاب السلطة، على المشهد.

 

يمكن لهذا المشهد ان يشبه ما حدث في شهر آذار الماضي حين فقد الحراكيون مبادرة الارض لصالح القوى نفسها سواء في العاصمة بيروت أو في المناطق حيث يمكن لعاصمة الشمال طرابلس ان تشكل مثالا على هذا الصعيد.

 

ذلك لم يحُل دون نزول عشرات من مجموعات مدنية الى الشارع أو من يسمون بـ«ثوار الأرض» أي الذين لم يتركوا المشهد، لكن الرسائل السياسية الى الحكومة لا يمكن فصلها عن اهداف من نزلوا لقطع الطرقات وخاصة ما يتردد عن ضلوع «تيار المستقبل» في الاحتجاجات، حسب حراكيين ومتابعين على الأرض، اضافة الى مجموعات تتحرك ضمن اجواء حزبي «الكتائب» و«القوات اللبنانية» في المناطق حيث الطابع المسيحي، وطبعا لكل طرف اهدافه من هذا النزول في وجه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تُعد المتضرر الاكبر من تلك الاحتجاجات ويمكن القول إن الحراك نفسه يتضرر هو الآخر من أي صبغة عنفية وطائفية للاحتجاجات.

 

وبعد ان تهدأ الامور، ستعود الاحتجاجات الى طابعها الروتيني من مجموعات مدنية وحقوقية كان أبرز اعمالها اخيرا اقتحام وزارة الشؤون الاجتماعية بعد ان كانت اقتحمت قبلها وزارة الصحة.

 

هذه المجموعات والطابع العام للحراكيين الذي، للتذكير، بدأ نسبيا قبل 17 تشرين 2019، كانا في هذه الاثناء يخوضان معاركهما في النقابات والجامعات حيث حققا نجاحات نسبية قد لا تعكس بالضرورة مشهد الانتخابات النيابية العام المقبل.

 

على ان الجميع يعلم بأن السلطة ستلجأ، كما العادة، ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي (إن حصل)، الى استثمار قدرتها في اجتذاب الناخبين أو رشوتهم حسب ادبيات المجموعات، وهو ما دفعها الى اللجوء الى تلك الاقتحامات فالشؤون الاجتماعية والصحة هما وزارتان تتسمان بالدسم الانتخابي. وبالنسبة الى الناشط علي عباس الذي تقدم المتظاهرين في وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن لا شك لديه بأن البطاقة التمويلية ستشكل اداة للسلطة لزبائنيتها.

 

اقتحمنا وزارة الصحة فاتهمونا بالعونية، ثم وزارة الشؤون حيث اتهمونا بالنقيض السياسي، لكن هدفنا واضح، يقول ردا على سؤال حول أفق تلك التحركات: إيصال رسالة الى السلطة بأننا لسنا ساكتين وان 17 تشرين لم تنته، فهم يكملون بمخططهم وكأن شيئاً لم يحدث، مع الفساد والسرقات، ونحن من جهتنا لن نعطيهم براءة ذمة.

 

ويضيف رسالة اخرى لا تقل أهمية: يجب ان يعلم الشعب ايضا انه مستهدف ونتأمل منه ان يعي اكثر ما الذي يحدث؛ ونحن لا نستطيع ان ننجز من دون مؤازرة الجميع، وللذين يوجهون إلينا انتقادات وسؤال «ماذا فعلتم؟»، نقول: لا نستطيع الإنجاز لوحدنا.

 

لا يقين لدى المجموعات حول إجراء الانتخابات من عدمه، لكن عباس ومن مثله في الحراك يحتفظون بموقف راديكالي لناحية عدم التحالف مع أيّ من أحزاب المنظومة حتى من يعترض عليها، وهو الحال بالنسبة الى تأييد التحركات في الشارع «فنحن نؤيد اي حركة ثورية لا اجندات سياسية لها».

 

وبالنسبة الى الانتخابات، فالمجموعات المدنية التي يعبر من مثل عباس عن لسان حالها، قد تدفع ثمن راديكاليتها كون مجموعات كثيرة ستتحالف مع أحزاب وشخصيات كانت يوما في المنظومة مثل «الكتائب» وميشال معوض وأشرف ريفي يرفض الناشط في «المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» التحالف معهم، «فلن نساعدهم على الفوز في الانتخابات».

 

يضيف: نحن مجموعات ضد المنظومة سواء من كان في السلطة او خارجها ولا نريد العودة الى انقسامات السلطة من 8 و14 آذار. الواقع اننا لسنا منغلقين ولكن تحالفاتنا وخياراتنا واضحة وقد دفعنا الثمن في الانتخابات النقابية لكي لا نضحي بكل الإرث الذي ناضلنا من اجله.

 

يدرك الناشطون صعوبة المهمة امام منظومة مترسخة منذ أكثر من 30 سنة، ويعلق الناشط الحقوق على ذلك بالقول: اذا عادت الاحزاب من الانتخابات منتصرة فهذا يتحمل مسؤوليته من سينتخبهم من الشعب.

 

لكن يبدو مؤسفا خروج غالبية الشرائح الشعبية من الشارع، والواقع ان «نبض الناس بات في ما تلتهي به وما يتعلق بأوضاعها المعيشية وسط حالة احباط وذُل ما لا يجعل شرائح واسعة وقودا للثورة؛ فالفقر يؤدي الى شغب وسرقات وليس الى ثورة».

 

وبذلك تتحدد ايضا مهمة الحراكيين في «كبّ ملح على الجرح» حسب عباس، وتحديد «من اوصلنا الى هنا والتوضيح للناس انهم كذبوا لإفقار الناس ومن ثم شراؤهم بالرّخيص».

 

والخلاصة التي يعلمها الجميع أن الاحزاب لا تزال قوية والتغيير للمنظومة لا يحصل في سنة او سنتين، لكن الناشط الحقوقي يؤكد ان التغيير الحاصل في النقابات مهم جدا «وهناك جوّ ضد كل الحالة الموجودة وقد تشكل ائتلافات النقابات حالة تغييرية تنعكس على البلد في كل الميادين ما يجعل الناس تثق بالنقابات مع تقديمها برنامجا ومبادىء توحي بالثقة، لتكبر تلك الحالة شيئا فشيئا مثل كرة الثلج، شرط تشكيل حالة اعتراضية واحدة وصياغة

 

المشروع البديل في صناديق الانتخابات».