IMLebanon

من “السبت الأسود” الى “خميس النور”… حَوِّل

 

من تابع التغطية الإعلامية لتحرّك مساء الخميس، لا بدّ أنّه لاحظ ضبط الإيقاع لتصريحات المُتظاهرين، حيث تقتصر على سعر صرف الدولار والهمّ المعيشي، ونبذ التطرّق الى المواضيع السياسية، مع قمعٍ مُباشر يُمارسه المراسلون على من تُسوِّل له نفسه أن يتفذلك ويحكي عن السيادة المُصادرة والمُسهّلة للفساد، الذي حوّل اللبنانيين فقراء مُعوَزين. عدا نبذ السياسة تحت حجّة حِماية التحرّك، وكأنّها شيطان رجيم، تمسّ من يُقاربها وتقوده الى التهلكة، وتقضي على الثورة المأمولة، كذلك لاحظ متابعو التغطية، السلاسة في اختراق الشارع والتحكُّم به، هذه المرّة ليس باتّجاه الفتنة، ولكن باتجاه فولكلور”حبّوا بعضكم”، الذي حلّ بلمسة سحرية محلّ “سبّوا بعضكم”، وقدّم سردية قمة في الطائفية، مع التنويه بوِئام الطوائف التي يشكو رعاياها من الجوع. و”سنّي شيعي درزي مسيحي”، توحّدت مطالبهم بكبسة زر حارقة خارقة، ألغت نظريات المؤامرة وضرورة إطلاق الرصاص على المتظاهرين “الزعران”…

 

لكنّ للوِئام مدّة صلاحية، مُرتبطة بمن يملك أن يوقِظ هذه الفتنة، أو يأمُرها بالدُّخول في سُبات أهل الكهف.

 

ولا تنسَ ان الأيام القليلة الفاصلة بين “السبت الأسود” و”خميس النور”، حفل بتسريبات من هنا وهناك، عن احتمال طرد حسان دياب من السراي، وإعادة سعد الحريري إليه. ففرِح من فرح، واغتاظ من اغتاظ. وتمّ تهريب التعيينات على أساس أن جبران باسيل لحَّق حاله، وانتزعها، تحسُبّاً لمجهول ما بعد الحكومة الديابية التي قدّمت وتُقدّم له ولـ”الحزب” الإلهي لبن العصفور، لتُحافظ على وجودها، ولو كخيال الظل. وهذا هو المطلوب. بالتالي من يراهن على عكسه، ويستعجل على رزقه، تدينه خفته ما إن يطلع الصباح ولا تسكت شهرزاد التكتيك والتكتكة عن الكلام المباح او غير المباح.

 

وفي إطار التكتيك والتكتكة، أيضاً وأيضاً، انتقلت التسريبات الى رياض سلامة لتوحي بأن ورقته سقطت، وبأن التجييش الذي شاركت فيه “كتيبة الموتوسيكلات المجوقلة”، لم يكن سوى تمهيد لقرار مُرتقب من مجلس الوزراء بإقالته، وكسب ودّ الشارع الذي يُحمّله مسؤولية الكارثة النقدية التي أطاحب مُدخّرات اللبنانيين، والقيمة الشرائية لليرتهم المنكوبة.

 

وهناك من يستنفر مُتسائلاً: لماذا لا يبقّ سلامة البحصة؟ مع أن السبب بسيط وبديهي، فمن سهّل الفساد لهذه الطبقة السياسية لينهب أركانها البلاد مُقابل السكوت على سلاحه، يُراهن على أن المُتورّطين سيبقون صامتين حتى لا يقعوا، لذا، يتماسكون عندما يُخلخل ضابط الإيقاع كيانهم، من دون أن يسمح لهم بالوقوع.

 

هنا، ليس مطلوباً نحر الأضاحي. لأن آخر هموم المُمسكين بسِيادتنا ورِقابنا، تنفيس غضب الشارع بكِبش محرقة، وتحميله هذه السلسلة الطويلة من الخطايا والجرائم، لتزول اللعنة ويعود الخير، وتتدفّق أنهار المحبّة والرزق بين ضِفاف الخنادق الطائفية.

 

فالشارع مقدور عليه، مهما صال وجال متظاهرون لا يُجيدون، حتى اللحظة، تظهير مطالب تغييرية جذرية، من دون خوف أو حسابات ضيّقة طالعة من المذهب والطائفة.

 

ولنا في كل تحرّك عبرة لنتبين معيار القياس والتشبيه للمرحلة المقبلة، التي تقتضي الصمود بانتظار نتائج شدّ الحبال الإقليمي، ليُبنى عليها المقتضى الملائم.

 

وحتى ذلك الحين، من “السبت الأسود” الى “خميس النور”، حَوِّل…

 

ملاحظة: العكس يصحّ لدى من يملك زمام التحويل.