IMLebanon

ريفي لعون: لا الصّمت يُخيفنا.. ولا الضجيج

في منزله الأحبّ الى قلبه في طرابلس، يستريح وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي، كالعادة، مع عائلته في عطلة نهاية الأسبوع، فيما يتوافد الناس بلا مواعيد لمقابلته، فيلقاهم بعفوية وتلقائية إذ إنه يعتبر الجميع من أبناء المنزل.

تلفتك الحماية المتمركزة أمام مداخل المبنى الذي يقطنه ريفي، في ظلّ زحمة تخنق أهالي طرابلس الذين يؤكدون أنها غير طبيعية هذا الموسم على رغم أنّ المدينة تعايَشت مع الزحمة، علماً أنّ السائقين يجيدون الهروب منها عبر الأسواق العتيقة.

في المنزل الممتلئ بضيوف الصباح، يستقبلنا ريفي وهو يحتضن طفلاً بين ذراعيه مع زوجته التي تتحضّر لإطلاق مهرجانات طرابلس قريباً بصفتها رئيسة لجنة المهرجانات مُتحدثة بشغف عن الاستعدادات التي سيعلن عنها لاحقاً.

ولمّا سألنا ريفي عن الولد الذي يحتضنه، أجاب ضاحكاً إنه «أشرف الصغير»، فأوضحت السيدة سليمة أنّ «غالبية أبناء شباب قوى الأمن في المدينة أطلقوا اسم أشرف على أبنائهم»، فيما انهمكت والدة الطفل في رواية القصص عن بطولات ابنها في حماية الامن.

إنسحبنا مع ريفي الى الصالة المجاورة وقد بَدا وكأنّ العمل السياسي بدأ يستهويه، ومن ميدان الامن الى الميدان السياسي يعدّل في جلسته لنبدأ الحوار من ذكرى مصالحة الجبل التي كان يتابعها على التلفاز، فسألناه:

كيف تقرأ اليوم مصالحة الجبل؟

– المصالحة المارونية الدرزية أسَّست لتكوين جماعة الفكر السيادي الذي كان عابراً للطوائف، ونحن نبارك أيّ تقارب على مستوى الطوائف والمناطق. أمّا من لعب الدور المهم فيها فكان البطريرك مار نصرالله بطرس صفير رجل الاستقلال الكبير ووفّر لها الغطاء الروحي. لكن بعد كل تلك السنوات خفّ وهجها نتيجة تبدّل الظروف، لذلك إنّ إعادة التذكير فيها اليوم أمر ضروري وإيجابي لإنعاش الضمائر الوطنية.

من جهتنا نؤيّد المصالحات بين الافرقاء، وبيننا وبين الآخرين، ولكن ليس بواسطة السلاح غير الشرعي المفروض علينا أو على الآخر، وسنبقى نقاوم هذا السلاح مهما كلّف الامر، وإذا ظنّ البعض أنه سيمرّر مشروعه تحت عنوان أو غطاء «السلة المتكاملة» او «الحوار» الذي لا أعترفُ به واعتبره تمويهاً لِما سُمّي سلة متكاملة ومؤتمر تأسيسي، فهو واهِم.

أين المشترك بين المصالحات السابقة والحالية؟

– لا أرى وجه شبه بين المصالحات السابقة والمصالحات الحالية. فمصالحة الجبل كات ذات نوعية وطنية أما مصالحات اليوم فنوعيتها «مصلحية». الأولى أدّت الى جَمع جو إيجابي ووطني إنما المصالحات الاخيرة قرأها البعض وقرأناها ايضاً كتسوية ركّبت تحت عنوان «ضرورة انتخاب الرئيس».

ماذا عن قراءتك للحوار؟

– سمعنا في الحوار تهويلاً وتهديداً، ونحن نقول لهذا «البعض»: لا يمكن لأحد أن يهوّل علينا او يُهدّدنا. البعض قال «الله يِستر» أين سصبح البلد بعد شهر او شهرين؟ ونحن نقول إنّ لبنان لن يكون إلّا في مكانه الطبيعي و»ليَتضَبضب التهويليون».

أين سيكون لبنان في المستقبل؟

– سنصمد على رغم كل شيء، وإذا كان البعض يعتبر أنّ التطورات الاقليمية لصالحه فهو واهِم وليراقب الأحداث جيداً، لأنه سيرى أنه مخطئ في القراءة. في المقابل أنا مع تقارب جميع اللبنانيين، ولكن مثلما شكّلنا حكومة ربط نزاع سابقاً، ستكون لقاءاتنا إذا تَمّت بين الأفرقاء التي نختلف معها، رَبط نزاع.

ماذا بالنسبة الى الحوارات الثنائية؟

– أنا ضد الحوارات الثنائية وأؤيّد طرح رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل. فالمواضيع الحساسة تطرح في المؤسسات الدستورية وليس مسموحاً أنّ نعطّل المؤسسات الدستورية ونبحث عن بديل لها وكأننا نلغي الدستور.

نقول للشريك في الوطن: «عد الى الوطن». لك الحقوق والواجبات نفسها التي لنا. سلاحك وباء عليك قبل أن يكون وباء على الوطن، وهو لن يؤثر في قراري أو يدعوني الى التراجع والتساهل مع مبادئي.

ما جديد اللواء ريفي، هل صحيح أنه يؤسّس لحزب؟

– قبل الانتخابات البلدية كنّا نعمل مع فريق عمل محدود جداً، أمّا بعد الانتخابات فبات مطلوباً منّا التطوير، لكن ضمن أيّ صيغة؟ فأنا لا استعجل الأمور إنما سنطورها بالتأكيد، ونعمل اليوم على ابتكار الصيغة. إلّا أننا لسنا مستعجلين وسنتركها لما بعد الانتخابات النيابية، وهي ترتكز على تشكيل حركة موسعة ومتطورة اكثر.

في المقابل سنبارك ترشيحات أشخاص يشبهوننا وليسوا فاسدين ويعملون لخدمة الشعب وليس العكس، يكونون أصحاب كفاءة علمية وأخلاقية لأننا نعلم في الصميم ما يطمح اليه اللبنانيون، كما سنقدّم إلى الناس نماذج يفخرون بها لأنّ المواقع هي للتكليف وليس للتشريف.

هل تستهويك رائحة النفط اللبناني؟

– نقول للجميع إنّ البترول هو ملك جميع اللبنانيين. فبترول لبنان ليس ملك البترون أو مُلك جبران باسيل، وبترول طرابلس ليس لأشرف ريفي. هذا التفكير لن نسمح بأن يستمر. الناس تميل فعلاً الى التغيير الحقيقي وتريد شباباً أكفّاء غير فاسدين، لأنّ الفساد بلغ أطنابه في لبنان وكسر الـScore والمقاييس، وهي حالة غير مسبوقة في حياة اللبنانيين، حيث أصبح البلد مزرعة بكل معنى الكلمة.

كيف ستخوض الإنتخابات في كل لبنان؟

– سأخوضها في الأماكن التي نرى فيها آذاناً صاغية لطروحاتنا وخطابنا وأفكارنا، وإذا لم نكن موجودين فعليّاً سنعمل على تغطية الذين يشبهوننا والذين يحملون أفكاراً تشبه أفكارنا.

هل سيحترم اللواء ريفي صمت العماد ميشال عون كما طلب من الجميع؟

– أنا أحترم الآخر عموماً، إنما في النهاية لا الضجيج يخيفنا ولا الصمت يخيفنا. وأقول لعون: إذا كنت اليوم تحتمي بسلاح غير شرعي نذكّرك بأننا عسكريون ولا شيء يمكنه التهويل علينا أو إخافتنا، وأنت مثلنا عسكري فإذا كنت تلتقي معنا على بناء الدولة بلا تغطية من «الدويلة» فنحن نرحّب بك، أما إذا رفضت فسنستمر في الوقوف بوجهك وأنت الأقدم كعسكري والأعلم بأنّ حصرية السلاح يستحقّها فقط الجيش اللبناني الذي كنتَ أنت يوماً قائده وتعرف قيمته.

وختم ريفي حديثه مُستذكراً أحداث السابع من آب، فقال: «كانت محطة وطنية ساهمت في توضيح وحشية النظام السوري والنظام اللبناني يومذاك، وأبرزت وطنية الشباب الذين تحمّلوا أمواجها ورعونة هذا النظام، وأحيّي هؤلاء الشباب الذين شكّلوا الشعلة الأولى للحرية والسيادة والاستقلال».