IMLebanon

كيف يمكن التوفيق بين دعوة بري للتوافق وإصرار «حزب الله» على فرنجية؟

لم يعد السؤال المحوري، هل سيستقيل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أم لا؟ أو هل ستتم إقالته؟ بقدر ما تتركز الأسئلة في معظمها عن حجم التداعيات الكارثية على أوضاع لبنان المالية والمصرفية، لهذا الملف الخطير الذي فتح على مصراعيه، في واحد من أكثر الملفات القضائية دقة وخطورة، بما يمثله شخص بحجم حاكم مصرف لبنان، ينبغي أن يكون بعيداً من الشبهات، بحكم كونه مؤتمناً على استقرار النقد في لبنان، ومن أولى مهامه، حماية وتحصين العملة الوطنية من منافسات العملات الأجنبية والمضاربات.
ومع تقدم قضية سلامة الذي خضع لاستجواب من القاضي عماد قبلان، أمس، وتم حجز جوازي سفره، اللبناني والفرنسي، بشأن التهم الموجهة إليه، على سائر القضايا الأخرى، فإن أوساطاً وزارية، أعربت عن اعتقادها أن ملف سلامة سيفرض نفسه على طاولة اجتماع حكومة تصريف الأعمال، غداً، نظراً لخطورة هذا الملف الذي لا يمكن تصور ما سيترتب عنه من تداعيات، إذا لم يتم تطويقه، باتخاذ الإجراءات الحاسمة على هذا الصعيد. وهي مهمة ليست سهلة، ولكن يجب البحث عن مخرج، في إطار القوانين والأنظمة المرعية الإجراء التي يجب الاحتكام إليها.
وأشارت الأوساط إلى أن ملف سلامة أصبح يحتل الأولوية، ويستدعي تحركاً عاجلاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأنه لا يمكن الاستهانة بانعكاساته، بعد مذكرتي التوقيف الصادرتين عن القضائين الفرنسي والألماني، بعدما أبلغ القنصل الألماني في بيروت مدعي عام التمييز غسان عويدات شفهيا بصدور مذكرة توقيف ألمانية بحق الحاكم سلامة الذي قال إنه لم يبلغ بصدور مذكرة توقيف ألمانية بحقه، حيث تقدم وكلاؤه القانونيون في فرنسا، بطعن أمام القضاء الفرنسي لاسترداد مذكرة التوقيف الفرنسية المعممة عبر النشرة الحمراء. وشددت على أن هناك وزراء يريدون طرح الملف في جلسة الحكومة، في ظل دعوات لاستقالة سلامة، أو اتخاذ قرار بإقالته فوراً، مع الاعتراف بصعوبة الموقف، وتحديداً في ما يتصل بالإقالة، وما إذا كان بإمكان حكومة تصريف الأعمال القيام بذلك؟
هناك صعوبات لا يُستهان بها لإقالة الحاكم فهل تشكل الاستقالة الطوعية المخرج؟
وإذ تستبعد مصادر سياسية متابعة لهذا الملف، أن يبادر حاكم «المركزي» إلى الاستقالة، توازياً مع وجود صعوبات لا يستهان بها، لإقالته من جانب حكومة تصريف الأعمال، فإن الأنظار بطبيعة الحال ستكون مسلطة على ما سيتخذه القضاء اللبناني بحق سلامة، وما إذا كان سيستجيب للطلبين الفرنسي والألماني بتسليم الحاكم، وهو أمر مستبعد، على ما قاله وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال هنري خوري. ما سيجعل القضية تراوح، حتى انتهاء ولاية الحاكم في آخر تموز المقبل، مع ما لذلك من انعكاسات سلبية على مختلف الأصعدة. وتحديداً على صعيد سعر الدولار، وما إذا كان سيتأثر بهذه الانعكاسات، توازياً مع تزايد الحديث عن قرب وضع لبنان على اللائحة الرمادية التي تقربه أكثر فأكثر من اللائحة السوداء، إذا انزلقت الأمور نحو الأسوأ.
وسط هذه الأجواء، ومع عودة الملف الرئاسي إلى المربع الأول، بعد انقلاب «التيار الوطني الحر» على نتائج مشاوراته مع المعارضة، بعدما ظهر بوضوح أن رئيس «العوني» النائب جبران باسيل كان يراوغ في مشاورته مع الفريق الآخر، يبدو أن مصير الاستحقاق، قد أصبح مجهولاً ويكتنفه الكثير من الغموض، بعد النأي العربي عن هذا الملف وسقوط المبادرة الفرنسية. وقد كان لافتاً ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري، بأن أبواب المجلس النيابي أبداً هي ليست موصدة، لا أمام التشريع ولا أمام إنجاز الإستحقاق الرئاسي والذي نأمل ان يكون موعد إنجازه اليوم قبل الغد، وذلك رهن بتوافر الارادات الصادقة بأن تبادر كافة الكتل النيابية والنواب المستقلون الى توفير مناخات التوافق في ما بينها وإزالة العوائق التي تحول دون إنتخاب رئيس للجمهورية يعبر عن إرادة اللبنانيين يجمع ولا يفرق». وهو ما رأت فيه مصادر نيابية، دعوة للكتل النيابية إلى حسم أمرها، واتخاذ الموقف المناسب الذي يساعد على وضع الأمور في نصابها على هذا الصعيد.
وأشارت المصادر، إلى أن قوى المعارضة، تدرك منذ الأساس أن النائب باسيل، لم يكن جاداً في ما كان يدعيه بشأن التوافق مع المعارضة»، مشددة على أن «حزب الله وبالرغم من دعوة بري للتوافق، لا زال مصراً على موقفه الداعم لانتخاب فرنجية. وهذا بالتأكيد يعيق أي دعوة للتوافق، لا بل إن الأمور ستزداد تعقيداً، طالما استمر الحزب على تمسكه برئيس «المردة». وهذا إن دل على شيء، فعلى أن فريق ما يسمى بـ«الممانعة» مصر على انتهاج أسلوب التعطيل، طالما أنه متشبث بترئيس حليفه فرنجية، على غرار ما فعله مع الرئيس ميشال عون.