IMLebanon

من أجاز لريفي تصريف الأعمال؟

بعد تشكيل حكومة المصلحة الوطنية الحالية في 15/2/2014، صدر المرسوم الرقم 11260 في التاسع من نيسان قضى بتعيين وزراء بالوكالة عند غياب الوزراء الأصيلين، وهذا ما درجت عليه كل الحكومات السابقة كي لا يتطلب منها تسيير عمل الوزارة عقد جلسة لمجلس الوزراء لتسمية مَن يملأ الشغور في حال غياب الوزير الأصيل، الأمر الذي يحدث فراغاً في الوزارة التي تغيّب عنها من أنيطت به؛ وهو أمر يتناقض مع المبادئ الدستورية لجهة استمرارية المرفق العام.

إن هذه المعطيات تتناقض كلياً، في الشكل والمضمون، مع الممارسة التي ظهرت وتمثلت باستقالة وزير العدل اشرف ريفي وما أعقبها أخيراً لجهة عودته إلى تصريف اعمال الوزارة. فاستقالة الوزير، بإعلانها والتقدم بها إلى رئاسة مجلس الوزراء، تصبح نهائية ومن المستحيل قانوناً الرجوع عنها، سيان برفضها من مجلس الوزراء أو بالتريث بقبولها من مجلس الوزراء ورفضها من رئيس الجمهورية، لأن الاستقالة كما القبول بالتوزير هما من الحقوق الشخصية التي لا تخضع إلا لإرادة صاحبها. وإذا كان ذلك يظهر من أسباب عديدة فلا بأس من الإشارة إلى أن المشترع الدستوري قد احترم ذلك عندما وضع أحكاماً لإقالة الوزير بينما تجنّب أي ذكر لكيفية استقالته أو حتى ذكرها.

لذلك فإن عودة الوزير السابق اشرف ريفي إلى تصريف اعمال وزارة العدل لا يمكن ان تكون مبنية على كونه «الوزير السابق» أو «الوزير المستقيل». ولعل الفاقع في مثل هذه الممارسة أن عملية التصريف من الوزير ريفي تتعارض مع مضمون المرسوم 11260، المشار إليه سابقاً والنافذ الإجراء، الذي أناط وزارة العدل بالوكالة بالوزيرة أليس شبطيني ولم يوكل الوزارة التي «تغيّب» عنها ريفي إلى الوزير ريفي نفسه، فالوزير السابق أشرف ريفي لم يعد ذا صفة بالنسبة لكل ما يتعلق بوزارة العدل أو أي وزارة، ولا يمكن قانوناً اختراق هذه الشمولية حتى بوقف نفاذ المرسوم 11260، باعتبار أن المرسوم البديل لن يتضمن أي ذكر لريفي بعد استقالته.

إن هذا يفرض القول إنه إذا كانت استقالة ريفي نهائية منذ التقدم بها إلى رئاسة مجلس الوزراء ولا يمكن اختراقها بأي إجراء يتوافق مع احكام الدستور، فكيف يمكن لوزير بعد استقالته تصريف أعمال الوزارة ولم تكلفه أي جهة بهذا العمل؟ وما هو مصير المرسوم الذي حدّد الذين تناط بهم الوكالة عن الوزراء المتغيبين؟

إن حسم هذه القضية المستجدّة يتطلب موقفاً صريحاً من رئيس الحكومة تمام سلام، فحكومة المصلحة الوطنية ليست بحاجة إلى «روائح» جديدة بعد أن استعرت روائح النفايات. فهل يحسم الأمر عبر مجلس الوزراء أم من دونه لوضع هذه الإشكالية في نصابها الصحيح فتسجّل لمصلحة الحكومة، وعندها تمكن المراهنة عليها لإنجاز ما هو أكبر؟

ولكن من أجاز لمن استقال أن يصرف الأعمال؟!