IMLebanon

روسيا مطوّقة ببركان لبنان والتوسّع التركي والتشيّع الإيراني

 

يتأثّر لبنان بسياسات كل دول العالم، فالشعب الفقير الذي كان يتظاهر نصرةً لقضايا عالمية يواجه وحيداً خطر الإنهيار، في حين أن حكّامه ينتظرون ماذا سيكون مصير الملفات الكبرى في المنطقة ليبنوا على الشيء مقتضاه.

 

دخلت روسيا بقوة منذ أشهر على الملف اللبناني، لذلك بدأ بعض حكّام لبنان والسياسيين التهافت لزيارتها لعلهم يجدون فيها والي عكّا جديداً أو والي شام آخر بعد خروج جيش الإحتلال السوري من لبنان.

 

لكن الحقيقة كانت مُرّة، فالدول الكبرى لا تقيم إعتباراً للأشخاص بل يهمها مصالحها، لذلك فان روسيا تُفتّش عن المصالح التي يمكن أن تؤمنها من لبنان وتحمي ظهرها في سوريا، في حين أن العطف الفرنسي تجاه لبنان إستثنائي ولا يمكن تطبيقه على كل الدول الفاعلة عالمياً، خصوصاً أن العلاقات اللبنانية الفرنسية وتحديداً المارونية – الفرنسية تمتدّ على مدى مئات السنوات.

 

وفي المعلومات حسب إعترافات مسؤولين روس فان دورهم في لبنان ليس فاعلاً لأسباب عدّة أبرزها أنهم لا يريدون أن يدخلوا كطرف يدعم إحدى القوى اللبنانية، كذلك فان نفوذ الولايات المتحدة الأميركية كبير في بلد الأرز ويقابله نفوذ إيراني، كذلك فانهم لا يملكون القدرات المالية الكافية للتأثير في السياسة اللبنانية، لذلك فان كل الكلام عن إمكان إحداثهم خرقاً في الملف الحكومي لا يمكن البناء عليه.

 

في المقابل، فان موسكو تنظر إلى لبنان كحديقة خلفية لحماية قواتها المنتشرة في سوريا، وتكشف معلومات ديبلوماسية مطلعة على الموقف الروسي لـ”نداء الوطن” أن موسكو متوجسة بشكل كبير من إندلاع نيران الفوضى في لبنان، فتلك النيران لن تبقى محصورة في بيروت بل ستحرق كل العواصم المحيطة، وسيتأثّر وجودها العسكري في سوريا”.

 

وتؤكّد المصادر أنّ هناك أموراً كثيرة تزعج روسيا، فعدا عن الأزمة اللبنانية، هناك أرضية متحرّكة في سوريا، فموسكو على نزاع غير معلن مع كل من طهران وأنقرة.

 

وفي السياق، تلفت المصادر إلى توجّس روسي كبير من النشاط التركي في شمال سوريا، فأنقرة تحتل مساحة سورية تصل إلى حدود 17 ألف كلم مربّع وتنشر نحو 23 ألف جندي تركي، إضافةً إلى احتضانها للجماعات الإسلامية في إدلب والباب والمناطق السنية التي تسيطر عليها، وما يثير مخاوف روسيا أكثر هو تشكيل بيئة حاضنة للفكر التركي في تلك المنطقة وإنتشار عملية “التتريك” سياسياً ودينياً وإجتماعياً.

 

وتشير المصادر عينها، إلى أن الخطر على الوجود الروسي لا ينطلق فقط من أنقرة بل إن النفوذ الإيراني موجود، ويبدي المسؤولون الروس إمتعاضهم الشديد من عمليات التشييع الواسعة النطاق التي تحصل في سوريا، وإقامة مخيمات خاصة للإيرانيين في ضواحي دمشق من أجل نشر أفكار الثورة الإسلامية في إيران، كذلك إقامة تجمعات بشرية للشيعة في دمشق من أجل تغيير الواقع الديموغرافي. وأمام كل هذه المعطيات، توضح المصادر الديبلوماسية أن الرئيس السوري بشّار الأسد على خلاف كبير مع النظام التركي كما أن العلاقة مع الإيرانيين ليست على أفضل مستوى، لذلك يحتمي أكثر وأكثر بالعباءة الروسية.

 

وتشدد المصادر على أن موسكو تراقب الوضع في سوريا ولا تريد القيام بأي تحرّك في المرحلة الحالية وتنتظر نتائج المفاوضات، وترى أن هناك “قبة باط” أميركية لتوسّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في حين أن علاقة الرئيس فلاديمير بوتين ليست على أفضل حال مع إدارة الرئيس جو بايدن.