IMLebanon

حرب عالمية قذرة ما بين أيديولوجيتين مُتناقضتين: ديمقراطية ماكرة واشتراكية مُتهوِّرة

إنها لَحَربٌ عالَمِيَّةٌ بامتيازٍ، تلك الحربُ القائمةُ على الأراضي الأوكرانِيَّة، رَغمَ مَحصوريَّةِ نِطاقِها الجغرافي؛ إنها لحربٌ ضَروسٌ تُستَعمَلُ فيها كافَّةُ أنواعِ الأسلِحَةِ المُتاحَةِ، باستثناء ما هو مَحظورٌ دَولِيَّاً (أي الأسلِحَة النَّوويَّة والجُرثوميَّة والكيميائيَّة)، لقد أضحَت الأراضي الأوكرانيَّةِ كما الشَّعبِ الأوكراني بمثابَةِ حَقلِ تَجارُبٍ لاختِبارِ فَعالِيَةِ مُختلِفِ أنواعِ الأسلِحَةِ الحَديثةِ المُبتَكَرَةِ منذُ الحَربِ العالَمِيَّةِ الثانيَةِ ولغايَةِ اليوم، وستبقى كذلك إلى أن تَضَعَ هذه الحَربُ أوزارَها. حربٌ لا تَقتَصِرُ وسائلُها وأدواتُها على الأسلِحَةِ الحَربِيَّة، إذ استُعمِلت فيها وتُستعملُ أساليبٌ وأدواتٌ غير مألوفَةٍ، كشَبَكَةِ الإنترنت وما يُستَعمَلُ عَبرَها من وسائلَ تِقنيَّةٍ كالبرمَجِيَّاتِ الخَبيثةِ على اختلافِ أنواعِها وأساليبِ عَملِها واستِهدافاتِها التَّخريبيَّة، والتَّشويشِ الإلكتروني عبر الأقمار الاصطِناعِيَّة، ويُضافُ إليها الحِصارُ التِّكنولوجي الذي يتمثَّلُ بتَقييدٍ تبادُلِ التَّقنيَّاتِ والبَرمَجيَّاتِ الحَديثةِ والمُتطوِّرَةِ أو حَظرِ نَقلِها لبعضِ الدُّول؛ ويُضافُ إليها: الحِصارُ الاقتِصادي، حَظرُ التَّبادُلِ التِّجاري، حَظرُ تَصديرِ أو استيرادِ مَوادِّ الطَّاقةِ كالمُشتقاتِ البترولِيَّة، أو الغازِ الطَّبيعي وغيرُ ذلك من التَّقييداتِ الاقتِصادِيَّةِ والمالِيَّة التي تنالُ حركةِ الموادِّ الأساسيَّةِ والأموال.
يبدو جَلِيَّاً لأيِّ مُتابعٍ أو مُحلِّلٍ استراتيجي لما آلت إليه الأوضاعُ منذُ الحربِ العالميَّةِ الثانيَةِ أن الحَربَ البارِدَةِ التي كانت قائمَةً ما بين المُعسكَرِ الغَربي والتي اجتَمَعَت دولهُ تحت مُسمَّى حِلفِ شَمالِ الأطلسي بقِيادَةِ الوِلاياتِ المُتَّحِدَةِ الأميركِيَّةِ من جِهَةٍ، والمُعسكَرِ الشَّرقي والذي اجتمعت دولُهُ تحت مسمى حِلفِ وارسو بزَعامَةِ الاتِّحادِ السُّوفييتي من جِهَةٍ أُخرى، لم تَنتَهِ فُصولُها بعد، كما سَبَقَ واعتَقدَ الكثيرونَ منا عندَ تَفَكُّكِ الاتِّحادِ السُّوفييتي بنتيجَةِ المُبادَرَةِ التي أطلَقَها رَئيسُهُ الأَخير غورباتشوف تحت مُسمى «البريسترويكا» وإن خبت نارُها قرابةَ عقدٍ من الزَّمن وبالتَّحديدِ خِلالَ عهد بوريس يلتسن (1991 لغاية 1999).
بانهيارِ الإتحادِ السُّوفييتي وتقكِّكِهِ نتيجةَ انفصالِ واستقلالِ عددٍ من دولِ أوروبا الشَّرقيَّة وبلادِ البلقان، وحلولِ الاتِّحادِ الروسي محلَّهُ كوريثٍ شرعي على السَّاحةِ الدَّوليَّة. بدى هذا الاتِّحادُ الوليدُ مُثقَلاً بالأعباءِ الاقتِصادِيَّةِ، مُربكاً سياسيَّاً على السَّاحةِ السِّياسيَّةِ الدَّوليَّةِ، منُشغِلاً بهمومِهِ الإقتِصادِيَّةِ والمَعيشيَّةِ، وشَغفِ المواطنين بمزيدٍ من المَظاهِرِ التَّحرُّرِيَّةِ نتيجَةَ الانبِهارِ بعَدَدٍ من المُنتجاتِ الغَربيَّةِ وربَما بممارساتٍ دخيلةٍ مُتَحرِّرَةِ أقربُ إلى التَّفلُّت القيمي. كل ذلك أدى غلى انشِغالِ المسؤولين في الدُّولِ التي انبثقت بنتيجَةِ تفكُّكِ الإتِّحادِ المُنوَّهِ عنه، وتكريسِ جُلَّ جُهودِهِم للتَّصدي للانتِفاضاتِ الشَّعبِيَّةٍ التي تَفجَّرت نتيجَةَ تَردي الأوضاعِ الاقتِصادِيَّةِ والماليَّةِ والاجتِماعِيَّةِ والثَّقافيَّةِ إن جازَ التَّعبير، الأمرُ الذي أدَّى إلى حالةٍ أقرَبُ من التَّخبُّطِ الذاتي والضَّياع. كان لتلك المتغيِّراتِ انعكاساتٌ سَلبيَّةٌ على الصِّناعاتِ العَسكَرِيَّة الروسيَّة، التي بدت وكأنها مُتخلِّفةٌ عمن مواكبةِ التَّطور التِّقني الذي وصَلَت إليه التِّقنيَّاتُ العَسكَرِيَّةُ الأميركِيَّة، ما انعكسَ سَلباً على سِمعةِ الأسلِحةِ الروسيَّةِ بشقَّيها الإستراتيجيَّةِ والتَّكتيكيَّة، ما أدى إلى انحِسارِ المَبيعاتِ الروسيَّةِ من الأسلِحَة.
كُلُّ ذلكَ أدَّى مُجتَمِعاً إلى تَراجُعِ دَورِ الإتِّحادِ الروسي سِياسيَّاً وعَسكريَّاً واقتِصاديَّاً على السَّاحَتينِ الدَّوليَّةِ والإقليمِيَّةِ إلى حدِّ بَدا معه عاجِزاً عن الدِّفاعِ عن أقربِ أصدِقائِه وحُلفائهِ السَّابقين، وهذا ما أتاحَ للولاياتِ المُتَّحِدةِ الأميركيَّةِ فُرصَةً للتَّخلُّصِ من العَديدِ من الأنظِمَةِ التي كانت تتظلَّلُ بالعباءةِ السّوفييتيَّةِ وبخاصَّةٍ في البلقانِ وأوروبا الشَّرقيَّةِ ومِنطَقَةِ الشَّرقِ الأوسَطِ، منها: النِّظامُ الإشتراكي في كل من رومانيا ويوغوسلافيا، وتشيكوسلوفاكيا وبلغاريا، ومؤخَّراً في كُلٍّ من العِراقِ وليبيا بعضُها من خِلالِ تَظاهراتٍ موجَّهةٍ ومَدعومَة، والبعضُ الآخر بالقُوَّةِ العَسكريَّة، وكاد نِظامُ البعثِ القائم في سوريا أن يَسقُطَ على غِرارِ مَثيلِهِ في العِراقِ لولا قرارُ الرئيسِ الرُّوسي الحالي (فلاديمير بوتين) الذي حَسَمَ الموقِفِ عَسكَرِياً لِصالِحِ نِظامِ البَعثِ برئاسَةِ بشَّار الأسدِ الذي كانت تدعمُهُ إيران على حِسابِ الثَّورةِ الشَّعبيَّةِ التي ثارَت في وَجهِه، والتي دُعِمت من عَدَدٍ من الدُّوَلِ العَرَبيَّةِ وتُركيا.
استِفاقةُ الاتِّحاد الروسي جاءت بعد استِلام فلاديمير بوتين «ضابطٌ سابقٌ في جهازِ الـ«كي جي بي» الذَّائع الصيت لمَقاليدِ السُّلطَةِ، في الاتِّحادِ الرُّوسي للمرَّةِ الأولى بتاريخ 2000 ولغايةِ 2004، وأعيدَ انتخابُهُ لولايَةٍ ثانيَةٍ من تاريخِ 2004 لغايَةِ 2008، ومن ثُمَّ انتُخِبَ للمرَّةِ الثالثةِ عام 2012 بعد انتهاء ولايةِ حَليفِهِ ديمتري مدفيديف (4 سنوات) لغاية 2018، ومن ثمّ انتُخِبَ للمرَّةِ الرَّابعِ عام 2018 وما يزالُ يَشغُلُ هذا المنصِبِ لغايةِ اليوم. وضعَ بوتين نصبَ عينيهِ إعادة إحياءِ إرثِ الإتِّحادِ السوفييتي كقُطبٍ دوليٍّ مِحوريٍّ أساسِيٍّ على السَّاحةِ الدَّوليَّةِ مُستعيضاً عن مُعادلةِ التَّوازُنِ الثنائي التي كانت قائمةً إبَّان عهد الأخير إلى توازُنٍ مُتعدِّدِ الأقطابِ تلعبُ فيه روسيا والصين دوراً هامَّاً إلى جانبِ الولاياتِ المُتَّحِدةِ الأميركيَّة، وقد استفادَ بوتين من طولِ الفَترَةِ التي قَضاها في الحُكمِ لإعادَةِ بناءِ وتَطويرِ التَّرسانَةِ العَسكريَّةِ لروسيا، محاولاً إظهارَها مُتفوِّقَةً على التِّنولوجِيَّاتِ العَسكريِّةِ الغَربِيَّة.
لم يرق هذا الأمرُ للإدارةِ الأميركيَّةِ التي ما كادت تنعمُ بتفرُّدِها في التَّحكُّمِ في السَّاحةِ الدَّوليَّةِ بعد انهيار الاتِّحاد السُّوفييتي، لذا عَمِلت على تَقليبِ شُعوبِ الدُّولِ التي كانت تَدورُ في فلكِ الاتِّحادِ السُّوفييتي على الأنظِمَةِ الإشتراكِيَّةِ وساعَدتها على الإطاحَةِ بها، وشَجَّعت بعضَها على الانضِمامِ لِحلفِ شَمالِ الأطلَسي، وكان من اهَمِّ تلك الانتِفاضاتِ «الثورةُ البُرتقاليَّةُ» في أوكرانيا التي جاءت بنظامٍ مُعادٍ لروسيا. لم يَستِطِع بوتين وقفَ مساعي الولاياتِ المُتَّحِدةِ الأميركيَّةِ للتَّضييقِ على روسيا تحت رايَةِ نشرِ الدِّيمقراطيَّة في الدُّولِ التي كانت منضويَةً في الاتِّحادِ السّوفييتي، كما لم ينجحَ في لجمِ وتيرةِ التَّحولاتِ المُناوئةِ لبلدِه ما دفعه للإستِشعارِ بخَطَرٍ استراتيجي يُهدِّدُ مَكانَةَ روسيا على السَّاحَةِ الدَّوليَّةِ فانتَفضَ مُتدَخِّلاً في سوريا ونَجحَ في الحُؤولِ دون إسقاطِ بشَّارِ الأسَدِ، باعتبارِ سوريا حليفاً استراتيجيَّاً لروسيا وتمثِّلُ بالنِّسبةِ لها نافذةً هامَّةَ لضمانِ وصولِها إلى المِياهِ الدَّافئةِ وأقامَ فيها قاعدةً بحريَّةً هامَّةً في طَرطوس، تكمنُ أهميَّتُها في كونها خلفَ قاعدةِ إنجرلك الأميركيَّةِ في تركيا.
بادرَ بوتين إلى شنِّ حملةٍ عسكريَّةٍ على أوكرانيا بتاريخ 24 شباط 2022، مُستفيداً من وجودِ أغلبيَّةٍ عرقيَّةٍ روسيَّةٍ في جمهوريَّتي دونيتسك لوغانسك الشَّعبيتين، محاولاً اللعبِ على الوترِ العرقي الأوراسي، ودخل إلى دونباس في شرق أوكرانيا ممهداً لذلك بخطابٍ أعلن فيه أن حملته تستهدفَ تجريد أوكرانيا من السِّلاحِ واجتثاثِ ما أسماهُ بالنَّازيَّةِ فيها، وبدأ بقصفٍ عنيفٍ طالَ مُختلِفَ المواقِعِ الإستراتيجيَّةِ في أوكرانيا، ويبدو أنه أخطأ التَّقدير لاعتِقادِهِ أنه قادرٌ على قلبِ النِّظامِ الأوكراني بتَقليبِ الشَّعبِ على الرئيسِ فولوديمير زيلنسكي، ولكن العالمَ أجمَعَ بما في ذلك الغَربُ فوجِئ بإصرارِ الأخيرِ على المُواجَهَةِ والقِتالِ وعَدَمِ الانصِياعِ لإملاءاتِ بوتين، ودعى الغربَ لمناصرتِهِ ودعمِهِ بالأسلِحةِ والمواقِفِ السياسيَّةِ وكان له ما أراد حيث تمكَّنَ من الصُّمودِ، ولم يزل، رغمَ الخَسائرِ البَشرِيَّةِ والمادِّيَّةِ التي لحِقَت بأوكرانيا وستلحقُ بها.
ثمَّةَ رابِحٌ واحِدٌ في هذه الحَرب هو «الولاياتُ المُتَّحِدةُ الأميركيَّة»، والتي بدت مَظاهِرُ مكتسباتِها بمُجرَّدِ أن انطلقت شرارةُ الحَرب، التي ولَّدت انشقاقاً عاموديَّاً بين المواطنين الروس وأشقائهم الأوكرانيين الذين لطالما شَكَّلوا شَعباً واحِداً/ من أصول أوراسيَّة، كما أحدثت جرحاً عميقاً قد لا يلتئمُ بمئاتِ السِّنين، ما يحولُ دونَ تَوحُّدِ الدَّولتين مُجدَّداً، ويُضافُ إلى تلك المكتسباتِ المعنويَّةِ ما ستجنيهِ الشَّركاتُ الأميركيَّةُ المُصنِّعةُ للأسلِحةِ نتيجةَ تزويدِ حُلفائها بالأسلِحَة؛ كما كشَفت هذه الحرب ضَعفَ أوروبا وتبعيَّتِها لأميركا، وعَجزِها عن تأمينِ أدنى مُقَوِّماتِ صُمودِها وبخاصَّةٍ حاجَتَها لمَوادِّ الطَّاقَةِ وبالتَّحديدِ للغازِ الرُّوسي. أما روسيا فكَشَفت الحَربُ اعتِمادَ اقتِصادِها على عائداتِ الغاز، وقد تُقوِّضُ اقتِصادَها فيما لو حُرِمت من عائداتِ مبيعاتِها للغازِ إلى دولِ أوروبا، والتي قد تتفاقَمُ نتائجها في ظِلِّ ما يُفرضُ عليها من عُقوباتٍ اقتِصادِيَّةٍ وحِصارٍ غير مُعلنٍ، هذا بالإضافةِ إلى كَشفِ عَوراتَ جيشِها وأسلِحتِهِ الاستراتيجيَّة وقلَّةِ مخزوناتِها من الذَّخائرِ الحربيَّة. وسيدفعُ العالمُ أجمعَ ثمناً باهظاً لهذه الحربِ إن كان على المُستوى الاقتصادي أم نتيجةَ النَّقصِ الكبير في المحاصيلِ الزِّراعيَّةِ الأوكرانيَّةِ المتنوِّعة، والتي كانت تغذي العديد من دول العالم بما فيها دولٌ أوروبيَّةٌ غربيَّة.
وأخطرُ ما سيلقاهُ العالمُ من هذه الحرب، هو العودةٌ لِسباقِ تَسلُّحٍ غير مَسبوق، وربما تَفلَّتُ صِناعاتِ أسلِحةِ الدِّمارِ الشَّامِلِ وفي طليعتِها الأسلِحةِ النَّوويَّة. وستكونُ دولُ أوروبا أولى الدُّولُ المُبادِرَةُ إلى تَعزيزِ قُدُراتِها العَسكرِيَّة، كل ذلك سيكون على حِسابِ المُجتَمعاتِ البَشَرِيَّةِ عامَّةً وعلى شُعوبِ الدُّوَلِ الفَقيرَةِ والضَّعيفَةِ عامَّة، وسيكون الشَّعبُ العربي من المحيطِ إلى الخليجِ أكثرُ من سيدفعَ أثماناً باهِظَةً لهذه الحرب، نتيجَةَ حالَةِ التَّفكُّكِ والتَّنازُعِ بين الحُكَّامِ وعَجزِ الجامِعَةِ العَربِيَّةِ عن بلورَةِ رؤيَةٍ عَرَبِيَّةٍ موحَّدَةٍ لِحِفظِ المَصالِحِ العَرَبِيَّةِ المُشترَكَةِ ولو بِحَدِّها الأدنى.
هي حربٌ عالميَّةٌ مَحصورةٌ جُغرافيَّاً «لغايةِ الآن» ولكِنَّها مُنفلِشةٌ من حيثُ الضَّالِعينَ والمُتوَرِّطينَ فيها. حَربٌ أقَلُّ ما يُقالُ فيها أن دوافِعَها قَذِرَةٌ قائمةٌ على التَّسلُّطِ والهَيمَنَة، تتحكَّمُ بها وداعَةٌ ديمقراطِيَّةٌ مُزيَّفةٌ وماكِرَة، وعنجَهِيَّةٌ اشتراكيَّةٌ فارغةٌ مُتهوِّرَة، لا تُعيرُ اهتماماً لما يواجِهه عالمنا المُعاصرِ من تهديدات وكوارث. حربٌ عرفنا كيفَ اندلعت ولكن أحداً لا يعرِفُ كيفَ تَنتهي؛ حَربٌ أعلنها بوتين ولكنه سيكونُ عاجِزاً عن إعلانِ وَقفِها، لأن إنهاءَها رهنُ مَشيئةِ الولاياتِ المُتَّحِدةِ الأميركِيَّة، والتي لا مصلحةً لها بوَقفِها قبلَ قضائها على مُقوِّماتِ روسيا الاقتِصاديَّةِ والعَسكَرِيَّة، وإسقاطِها من نادي كِبارِ الأقطابِ الدَّوليين وحجبِ تأثيرِها الفاعلِ عن السَّاحَةِ الدَّولِيَّة وإلهائها بأوضاعِها الدَّاخِلِيَّة، بالتَّضييقِ عليها اقتِصادِياً وتِقنِيَّاً، وإثقالِها بعقوباتٍ قاسِيَةٍ ومُطالَباتٍ بتَعويضاتٍ مُرهِقَةٍ عَمَّا تَسبَّبت به حَربِها على أوكرانيا وما ستتبَّبُ به من دَمارٍ وخَسائرَ بَشَرِيَّةٍ ومادِّيَّة، ورُبما ليس قبلَ إقصاءِ بوتين عن الحُكمِ في روسيا وتحميله وإياها تبعاتِ الحرب.
حَربٌ سيتغلَّبُ فيها النَّسرُ الأميركي وهو يُراقِبُ بهدوءٍ وعن بُعدٍ وبمَكرِهِ المَعهودِ ذاك الدِّبَ الروسي المُتَخبَّطِ في الوحولِ الأوكرانيَّةِ ساخِراً من زئيرِهِ الصَّاخِبِ وما يَحمِلُهُ من تَهويلٍ ووَعيدٍ بالوَيلِ والثُّبورِ وعَظائمِ الأُمور.