IMLebanon

هل تذهب جهود روسيا سدى إذا لم تتجاوب الأطراف اللبنانية؟

 

موسكو على خط الازمة اللبنانية. الامر ليس بجديد وبغريب. فقد سبق لها ان بدأت منذ أشهر إتصالات مع قيادات الصف الاول في لبنان، ووجهت لبعضهم دعوات لزيارة روسيا، ولبى الدعوة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، وحزب الله بوفد نيابي وحزبي، وسيزورها نهاية هذا الشهر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.

 

وثمّة معلومات تشير الى إحتمال توجيه الدعوة الى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وبعض المرجعيات الروحية المسيحية والاسلامية، عدا عن ان مستشارَيْ رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة للشؤون الروسية امل ابو زيد وجورج شعبان شبه مقيمَيْنِ في موسكو.

 

اكثر من ملف لبناني تعمل ويمكن ان تعمل عليه موسكو، والابرز مؤخراً ملف تشكيل الحكومة. لكن هناك اهتمامات اخرى منها ملف عودة النازحين السوريين، وملف النفط والغاز في البحر، معطوفا على مفاوضات ترسيم الحدود البحرية اللبنانية جنوباً وشمالاً. عدا موضوع الاستثمارات الاقتصادية الروسية في  لبنان، والمشاركة في عمليات اعادة الاعمار في منطقة مرفأ بيروت وسواه، وفي مشاريع البنى التحتية وغيرها من مشاريع ومنها لقاحات مضادة لفيروس كورونا.

 

لماذا يدخل الروسي الآن بهذا الزخم الى لبنان؟ وأي أهداف سياسية – عدا المصالح الاقتصادية والتجارية – يسعى الى تحقيقها؟

 

أثارت الاشكالات الواسعة حول تشكيل الحكومة إهتمام الروس، وبات الاسراع في تشكيلها مطلباً روسياً اسوة بالمطلب الاميركي والاوروبي وبالشروط والمعايير ذاتها، ولو إختلفت بعض الاهداف والأولويات بين موسكو وبينهم. إذ تصر روسيا على مشاركة كل الاطراف في تشكيلها من دون إستثناء اي طرف. فموسكو تُمسِك الوضع في سوريا سياسياً وعسكرياً مع إيران، وأي وضع في لبنان ينعكس على سوريا يعني روسيا، فكيف مع تشكيل حكومة يُفترض ان تضطلع بمهمات كبيرة بعضها مرتبط بالأزمة السورية وبعودة النازحين والوضع الاقتصادي، وموضوع الحدود البحرية وإرتباطها بمشاريع خطوط الغاز والنفط مستقبلاً. عدا عن موضوع الإرهاب على الحدود وتأثيره على الوجود العسكري الروسي، والتسوية في الشرق الاوسط وما يُطرح لها من مشاريع واقتراحات.

 

وبالتالي فإن المصادر المتابعة ترى ان خروج الأمور عن السيطرة في لبنان سيؤثر سلباً على الوضع في سوريا، خصوصا مع إنهيار الوضع الاقتصادي في لبنان الذي أرخى بظلاله على سوريا، حيث تراجعت قيمة الليرة السورية بالتوازي مع تراجع قيمة الليرة اللبنانية. عدا عن احتمال تأثيره على الوضع عند الحدود الجنوبية.

 

الاهتمام الروسي بلبنان غير المفاجئ، تَقَاطَع مع إهتمام اميركي غير مفاجئ ايضاً، حيث تزامنت زيارة الرئيس سعد الحريري الى موسكو مع زيارة معاون وزير الخارجية الاميركية ديفيد هيل الى بيروت، وتركيزه على موضوعي تشكيل الحكومة ومفاوضات ترسيم الحدود. ما يعني ان هناك تقاطعاً اميركياً – روسياً حول معالجة ازمات لبنان، ولو اختلف الاسلوب والادوات. وان القرار الدولي بمساعدة لبنان وحفظ استقراره ما زال قائماً، شرط ان يتجاوز اللبنانيون خلافاتهم حول تشكيل الحكومة.

 

المهم ماذا سيحقق الروسي من خلال دخوله المباشر على خط الازمة؟ وهل سيتجاوب المعنيون اللبنانيون، أم تذهب جهوده سدى، كما حصل مع الفرنسيين قبل اشهر، وكما يبدو انه حصل مع ديفيد هيل، الذي لم يحقق إختراقاً في جدار الازمة الحكومية، ولم يحقق سوى دفع موضوع مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الى الواجهة مجدّداً، لجهة تحديد الموقف الاميركي المتمسك باستنئاف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها أي من دون مرسوم تعديل الحدود، والتعهد بنقل الرغبة اللبنانية الى الكيان الاسرائيلي باستئناف المفاوضات.