IMLebanon

ماذا يعني عزوف سعد الحريري؟

 

ماذا يعني عزوف الرئيس سعد الحريري عن المشاركة في الانتخابات النيابية؟

 

حتى الآن، لم يُبلّغ رئيس الحكومة السابق «كلمة سره» إلا لقلة من الناس الذين التقاهم في اليوم الأول من عودته إلى بيروت، على غفلة. يحمل الرجل قراره في جيبه، وجلّّ ما يريده من هذه الزيارة، كونها ليست عودة نهائية للاستقرار في لبنان من جديد، هو ابلاغ القوى السياسية وفي طليعتهم نواب «كتلة المستقبل» وكوادر «تيار المستقبل» وحلفاؤه وأصدقاؤه، بقراره النهائي المتخذ منذ فترة.

 

مذ أن استقرّ في الإمارات العربية، وحده سيناريو ابتعاده عن العمل السياسي هو الغالب على ما عداه. هذه المرة بدت مختلفة عن غيرها من المرات والمراحل. لم يوجّه الحريري منذ اقدامه على هذه الخطوة، أي إشارة مخالفة لها. وكلّ من يزوره ويلتقيه في مقرّ إقامته في أبو ظبي، لا يخرج بأي انطباع مغاير. كلّ المؤشرات تشي بأنّ تركيز الحريري بات على البزنس. أما السياسة فتبدو وراءه، لاعتبارات غير مرتبطة به أبداً. ويتردد أنّه بصدد القيام بمشاريع استثمارية في مصر وذلك بطلب من الإمارات العربية المتحدة.

 

ولهذا، لم تحمل عودته إلى بيروت إلا عنواناً واحداً: ابلاغ المعنيين بقرار عزوفه عن المشاركة في الانتخابات النيابية، كمقدمة للانكفاء عن العمل السياسي. أقله في المرحلة المقبلة. ومع ذلك، يقول النائب هادي حبيش في حديث تلفزيوني «إنني اطّلعت على بعض التقارير عن إبلاغ رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، لمفتي الجمهوريّة اللبنانيّة الشيخ عبد اللّطيف دريان، نيته عدم الترشح للإنتخابات النيابية، وسألت للتأكد وتم إبلاغي أن الحديث غير دقيق».

 

ولكن أياً من المطلعين على حركة رئيس «تيار المستقبل» لا يستطيع أن يجزم العكس. لا بل ثمة تأكيد بأنّ قراره متخذ منذ مدّة، وكلّ من رصد صورته أمس لمس الانزعاج على محياه وعلى سلوكه. ومع ذلك، كان السؤال الأبرز: هل سيكون قرار العزوف شاملاً؟ بمعنى الطلب من «كتلة المستقبل» عدم الترشح أيضاً والانكفاء السياسي؟ أم سيكتفي برفع الغطاء السياسي ليترك القرار للنواب والمقربين منه؟

 

بانتظار انقشاع الرؤية حول بيت الوسط، يمكن الإشارة إلى ما يلي:

 

– التشرذم سيسود في «تيار المستقبل» في حال صحّت التوقعات، خصوصاً وأنّ زعامة الحريري لم تعد هي ذاتها كما تكونت في العام 2005، ولكن قراره سيكون بمثابة محطة مفصلية على مستوى الطائفة، والفريق السياسي.

 

– ثمة نواب في «كتلة المستقبل»، هم بمثابة «ودائع» لا يمثلون الحالة الحريرية، لن يتأثروا بقراره، لا سلباً ولا ايجاباً، وسيخوضون المعركة الانتخابية بمعزل عما سيكون توجه سعد الحريري. النائب وليد البعريني نموذج حاضر عن تلك الفئة. ومن يتمتع بالحيثية الشعبية التي تسمح بخوض الاستحقاق من دون غطاء الحريرية أو دعمها المالي، لن يتفرج على صناديق الاقتراع تفتح من دون أن يكون شريكاً في صناعتها. وهؤلاء ليسوا بقلّة، لا بل هم متحمسون لخوض الانتخابات وبدأوا منذ مدّة يفلشون خريطة التحالفات الممكنة أمامهم.

 

– القوى السنية التقليدية ستستثمر في هذه الفرصة لقضم مواقع نفوذ «تيار المستقبل» ووراثته لكون خروج الحريري من الحلبة سيكون له تأثير سلبي كبير على معنويات جمهوره وقواعده، وقد يلتحق كثر منهم بالزعامات المحلية. «تيار العزم» لن يقف متفرّجاً أو سينأى بنفسه، حتى لو قرر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عدم الترشح وترك مقعده لأحد المقربين منه. الزعامات السنية المناطقية قد تحاول توسيع حضورها على حساب «الحريرية»: فيصل كرامي، عبد الرحيم مراد، نهاد المشنوق، فؤاد مخزومي، الجماعة الاسلامية، الأحباش، اسامة سعد…