IMLebanon

«سعد الحريري أنقذ لبنان»

لا بُدّ لي بدايةً من التوقّف عند رسالة تلقيّتُها من القارئ الصديق «وليد كامل النصولي»، طرح عليّ فيها سؤالاً صعباً وطالبني بإجابة، ووعدته بأن تكون هوامش اليوم هي الإجابة على «سؤاله ـ المعادله»: «أنا على يقين بأنّ مواقف «الحكيم» ـ الدكتور سمير جعجع ـ تتمتّع بأعلى درجات الوطنيّة والمنطق والإستقلاليّة، كما أنّني على يقين أيضاً بأنّ الجنرال ميشال عون لا يتحرّك إلا بما يُرضي حزب الله، وأنّ الكتائب خاصرتنا الرّخوة، وأنّ ولاء سليمان فرنجية لعائلة الأسد لا مجال للشكّ فيه(…) وإن استمرّ هكذا تكتّل سيولّد ردّ فعل تعصّبي غرائزي في الشارع الإسلامي والمسيحي، وأول بوادر التجييش بقيادة الأستاذ «ش.ج»، وكل هذا سينتهي بنظري بـ»انتخاب» سليمان فرنجيّة رئيساً(…)».

ثمة شائعة منتشرة وبشدّة مفادها «أنّ اتفاقاً تم بين فلاديمير بوتين وبشار الأسد يكون بموجبه سليمان فرنجية رئيساً، ونهاد المشنوق رئيساً للحكومة»، وأقول إنّ المستهدف وبخبثٍ شديد بهذه الإشاعة هو الوزير نهاد المشنوق تحديداً ومن «الجوقة ما غيرها»، نقطة انتهى.

أظنّ أن هذا سؤال القارئ وليد النصولي طرحه كثيرون خلال اليوميْن الماضييْن، وحركة السؤال تختصرها حال الشَّحن التي أصاب توترها الجميع، بدا السؤال حركة مفرغة: «حزب الله يعطّل انتخابات الرئاسة مستخدماً ترشيح ميشال عون، فكيف يمشي سمير جعجع بتعطيل حزب الله عبر «النوايا» التي جمعته مع ميشال عون»!! ومن دون شكّ هناك من أذكى مخاوف كثيرة وصوّر المطالبة بإضافة بنديْ قانون استعادة الجنسية، وقانون الانتخاب على جدول أعمال جلسة اليوم التشريعيّة» على أنّها حربٌ دائرة بين المسيحيين والمسلمين، وكأنّ اللبنانيين المسلمين لا يريدون استعادة جنسيتهم التي لم يكتسبها أولادهم بفعل الهجرة وحال الضياع التي عاشتها مؤسسات الدولة خلال مرحلة الحرب على مدى نصف قرن ويزيد، أما القانون الإنتخابي الجديد فالإجماع الوحيد بين الأضداد السياسيّة اللبنانيّة بمن فيهم حسن نصرالله أمين عام حزب الله، هي حاجة لبنان إلى قانون انتخابي لإعادة تكوين السلطة، حتى وإن كانوا غير متفقين على شكل هذا القانون.

خلاصة الأيام الحادة الماضيّة نقع عليها في مكانيْن فقط ردّوا فيها الحقّ لصاحبه، المكان الأول البيان الصادر عن الرئيس سعد الحريري والذي بمعزل عن نقاط التسوية التي اجترحها ليخرج لبنان عيشه المشترك من عنق الزجاجة، لم يَخِب الظنّ بتعويل الدكتور جعجع على حكمة سعد الحريري وتيار المستقبل، بل على العكس، تلقّف الرئيس الحريري المناشدة، وردّ عليها فقال: «إشكالات وطنيّة»، بهذه الكلمات وصف الرئيس الحريري عدم إدراج مناقشة قانون جديد للانتخابات على جدول أعمال الجلسة «كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري من اشد الحرصاء على المحافظة على الشراكة الوطنية والعيش المشترك»، وأكد تمسّك تيار المستقبل «تشبثه بهذه المبادئ وباتفاق الطائف وبالمناصفة».

وبنفس الدّرجة لاقى الدكتور سمير جعجع مبادرة الرئيس سعد الحريري معتبراً أنّ «الشراكة الوطنية هي فوق كل اعتبار»، واصفاً نتائج المخرج من المأزق بأنّه: «كان انتصاراً للمبادئ التي طالما نادى بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي جسّدها في هذا اليوم بالذات خير تجسيد الرئيس سعد الحريري»، وبصرف النظر عن كلّ الذين سارعوا ودبّجوا مقالات الشحن في أبشع صوره، أو أدلوا بدلو التحليل فطلع معهم أنّ «معادلة سعد الحريري ـ سمير جعجع» فرطت، وأنّ ثنائية سليمان ـ سامي تقف في مواجهة جعجع ـ عون!!

لطالما أكدنا أن 14 آذار ليست نسخاً كربونيّة وأن الآراء تتعدّد فيها، للأسف كان «المشكل» على جدول أعمال المجلس النيابي، وسارع كثيرون ليوحوا بأن صراعاً يدور بين تيار المستقبل ـ القوات اللبنانيّة، «خدونا بحلمْكن يا جماعة»، ولِمَن قرعوا بالأمس طبول الحرب «خاب أملكم بالركوب».. فأحداث اليومين الماضيين كانت بحثاً عن مخرج، لا تحضيراً لاندلاع حرب ما!!

ولكن، هل سيرتاح اللبنانيّون؟ أشكّ في ذلك، فمن استمع لكلام حسن نصرالله أمين عام حزب الله بالأمس عن «التسوية»، يُدرك أن باب الرّياح سيُفتح في وجه لبنان إذ قال بعدما عطّل وعقّد الدولة الهشّة والمجتمع الهشّ «وأغلق» في وجه لبنان وشعبه أبواب الرّحمة، قال: «أصبحنا بلدا معلقاً»، وما هو أخطر من كلّ ما جرى خلال اليومين الماضيين، هو فتح نصرالله مزاده للتسوية و»بالكيلو مش بالحبّة»، بالأمس وبعدما استعرض حزب الله أمام الشعب اللبناني جيشه العسكري وأرانا مقاتليه «شيباً وشبيبة» يقسمون «كما قسم الجيش اللبناني إنما بنصّ مغاير»، يقسمون «قسماً إيرانيّاً» بأن «يكونوا على نهج الخميني والخامنئي»، قال نصرالله: «تعالوا لنضع الأمور الأساسية في سلة واحدة ونجري تسوية، عندما أقول تسوية يعني «العالم بدا تأخذ وتعطي»!!

عشرة أعوام أخذ فيها حزب الله لبنان رهينة، فما الذي يريدنا أن نعطيه إياه أو يريد أن يأخذه منّا، وما الذي قد يعطينا إياه حزب لا يلتزم بتعهدات واتفاقات وإعلان ـ وثيقة، ويتنكّر لها كلّها، أيّ تسوية، مع أهل التقيّة؟! لن يرتاح اللبنانيّون، فحسن نصر الله فتح بازار «المثالثة» ورسميّاً!