IMLebanon

لماذا لا ينتخب “الحزب” الرئيس من دون موافقة السعودية؟

 

في العام 2014 خطا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري خطوة المخاطرة، والتقى العماد ميشال عون في روما سراً، كاسراً المحظور، فشكّل ذلك اللقاء، رحلة الألف ميل التي أوصلت عون إلى بعبدا، ولو بعد حين. ويعرف الجميع أن وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل، أجهض لقاء روما في مهده، ليعود ترشيح عون على شكل تسوية كاذبة، أدّت في العام 2016 إلى انتخابه رئيساً، بعدما غسلت السعودية يدها من دم لبنان.

 

عملياً لا تزال المملكة العربية السعودية في الموقع نفسه، على الرغم من السنوات الست من عهد عون، التي ثبت فيها أنّ الرفض السعودي لانتخابه كان صائباً، ومن اللافت أنّ صفقة جديدة بنسخة شبيهة بالعام 2016 تُعرض على المملكة، ولا تزال الأسباب التي دعتها إلى التحفّظ والرفض قائمة، لا بل زادت وتأكدت، نتيجة للتجربة السيئة السابقة.

 

هندسة الصفقة أتت عبر مصادر عدّة، فحواها الموافقة على انتخاب سليمان فرنجية رئيساً، ونواف سلام رئيساً للحكومة، بما يعني الاتفاق على تقاسم للسلطة، ما يمكن وصفه بالفخ المحكم للقوى السياسية التي تواجه «حزب الله» وفريقه، لأنّ التقاسم هذا، هو تقاسم وهمي، لن يلبث أن يتم الانقلاب عليه، تحت سقف الرئيس الثابت في بعبدا لست سنوات، ورئيس الحكومة والحكومة المتحركة التي يمكن اسقاطها، بالثلث المعطل، وبالثلث الفوضوي في الشارع.

 

ما كان مستغرباً، أن تتبنى بعض الجهات والمرجعيات في الداخل هذه الصفقة، وفق قاعدة الواقعية الموهومة، التي وصلت بإحدى المرجعيات إلى التساؤل في اللقاءات غير المعلنة: «من شو بيشكي سليمان فرنجية»، لكن ذلك عاد وتوقف لأنّ الطرح لاقى معارضة في المهد، لا بل تجري استعدادات لتأمين الثلث المعطل للنصاب، في حال توجه «حزب الله» وحلفاؤه إلى تحديد جلسة لانتخاب سليمان فرنجية بالنصف زائداً واحداً، تفادياً لسنوات ست جديدة من استمرار الأزمة وبحدّة أكبر.

 

أمّا في ما يتعلق بموقف السعودية، فقد بات أكثر وضوحاً: لسنا معنيين بطرح أي اسم، ونحكم على انتخاب الرئيس من خلال أدائه. طبعاً يحمل هذا الكلام الكثير من الحزم، لعدم تكرار الخطأ، وبناء عليه لن تؤيد السعودية ولن تدعم رئيساً لـ»حزب الله»، وكل من يريد السير بهذا الخيار فليتحمل المسؤولية.

 

بالنسبة للسعودية، سبق للرئيس سعد الحريري أن جرّب إقامة هذا التوازن في العام 2016 وفشل، فكيف يمكن للتوازن أن يتأمّن برئيس حكومة غير مستند إلى أي دعم شعبي، وبقدرة هائلة لـ»حزب الله» على المناورة والانقلاب على أي اتفاق.

 

سيكون من باب السذاجة الموافقة على صفقة مكشوفة الأهداف، والوقوع مرة جديدة في فخ «حزب الله»، إذ يكفي رصد الأسباب التي تدفعه إلى اشتراط تأمين الموافقة السعودية على اسم الرئيس، لتبيان مدى إصراره على إشراك الجميع في تنظيف أوساخ الانهيار، وعلى استدراج السعودية لتمويل دولة «حزب الله»، وهو ما لن تكرر فعله المملكة، خصوصاً في عهد الأمير محمد بن سلمان.