IMLebanon

سيناريو الجلسة الثانية للحوار

سواءٌ أراد الرئيس نبيه برّي الانتقال في جلسة الحوار غداً من ملف الرئاسة إلى الملفات الأخرى أم لم يُرد، فالنتيجة واحدة، وهي الرفض واحتمال الانسحاب من الجلسة إذا ما أصَرّ العماد ميشال عون أو «حزب الله» على تجاوز هذا الملف.

تَعتبر قوى 14 آذار أنّ الانتقال إلى بحث ملف الآلية الحكومية أو آلية استعادة التشريع في المجلس النيابي، خطّ أحمر إذا لم يتمّ الاتفاق على ملف الرئاسة، وبما أنّ الملف الرئاسي مجَمّد في طهران، فإنّ مصير الحوار لن يكون بعيداً عن مصير الحوارات السابقة، التي انتهَت بالفشل بتحقيق أيّ هدف باستثناء التقاط الصورة وإصدار البيانات الجوفاء، والرهان على أن تساعد هذه الصورة في تخفيف الاحتقان، فهذا ما حصَل في العام 2006 وفي العام 2008، في جولتين من الحوار تبيّنَ أنّهما كانتا فقط عملية شراء للوقت.

تراقِب قوى 14 آذار أداءَ الرئيس نبيه برّي في إدارة الحوار، خصوصاً في وتيرة تحديد الجلسات، حيث عَمد إلى الدعوة بعد الجلسة الأولى إلى حوار بعد أسبوع، بما يَعني عدمَ وجود نيّة بالانتقال سريعاً إلى الملفات الأخرى بعد الفشَل المتوقّع في مقاربة الموضوع الرئاسي.

وترسم هذه القوى سيناريو متوقّعاً لما يمكن ان يحصل خلال أو بعد جلسة الغد، كأن يقول الرئيس بري بعد جولة مناقشات مثلاً: «يا جماعة وصَلنا إلى طريق مسدود في موضوع الرئاسة، فهل يجوز أن نبقى عالقين عنده، ولا ننتقل الى الملفات الأخرى؟» عندها ستؤكّد قوى 14 آذار على أولوية بحث ملفّ الرئاسة، ولن تقبلَ بمناقشة أيّ ملف آخر، فيصل الحوار إلى حائط مسدود، وهو ما سيَعني انسحابَ بعض الأطراف، أو الاستمرار بالجلسة وفق قاعدة حوار الطرشان.

تَصلح المناوشة التي جرَت بين العماد عون والوزير بطرس حرب، في الجلسة الأولى لوصف الوضع على حقيقته، فالعماد عون بطرحِه تحويلَ الحوار إلى هيئة تأسيسية، وبطرحِه انتخابَ الرئيس مباشرةً مِن الشعب، أفصَحَ عن النوايا الحقيقية لحزب الله الذي يَعمل للوصول إلى مؤتمر تأسيسي أي إلى انقلاب على الطائف.

وربّما لهذا السبب انفعلَ العماد عون وردّ على حرب الذي كشفَ بمداخلته، نيَّة فريق 8 آذار الانقلابَ على الطائف، واستعمال مجلس النوّاب ليس لإقرار قانون انتخابي جديد بل لتعديل الطائف، وهو ما يدلّ على ما يخَطّط له هذا الفريق، الذي يَمنع انتخابَ رئيس للجمهورية، ويعطّل الحكومة، ويريد من مجلس نيابي لا يعترف بشرعيته أن يعدّلَ الدستور، كي ينفّذ انقلاباً موصوفاً، يُحكِم فيه قبضتَه على السلطة، من رئاسة الجمهورية الى تشكيل الحكومة، إلى ترجيح الأكثرية في المجلس النيابي.

لأجلِ هذه الأسباب تتصلّب قوى 14 آذار في رفض النقاش على طاولة الحوار بما يخالف أجندة إعطاء الأولوية لانتخاب الرئيس، وقد بدا من خلال الكلمة المكتوبة للرئيس فؤاد السنيورة التي كانت بمثابة خارطة طريق لقوى 14 آذار في التعامل مع الحوار، أنّ رفض الانقلاب على الطائف والدستور يَحظى بإجماع هذه القوى، التي ستلتزم بهذه الخارطة في كلّ جلسات الحوار، لأنّ مجرّد التهاون بالانتقال الى بحث الملفات الأخرى يعني بداية الطريق نحو التسليم بالفراغ الرئاسي كأمر واقع، كما يَعني بداية الطريق للمؤتمر التأسيسي الذي يريده حزب الله متخفّياً وراء العماد عون.

لا تعدو معارضة خطة الوزير أكرم شهيّب لمعالجة النفايات كونها مجرّد مؤشّر على طريقة تعامل 8 آذار، فهذه القوى وافقَت على الخطة ثمّ انقلبَت عليها، وهو انقلاب يشَكّل نموذجاً لوجود قرار بتعطيل كلّ المؤسسات الدستورية، التي لم تنجُ منها حكومة تمّام سلام.