IMLebanon

مشهد التمديد الثاني نبشَ القبور المسيحيّة من جديد

 

سيناريوهات عدة تحّضرت بهدف إيجاد مخرج لائق للتمديد للمجلس النيابي، بعد ان اطلقوا مسرحية نيابية لأشهر اعلنوا خلالها رفضهم للتمديد، فكرّروا مراراً اسطوانة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري منعاً للفراغ ، لكن المعمعة السياسية أوحت منذ اشهر بأن مشهد التمديد الثاني اصبح قريباً جداً، فتم البت بالقرار، تقول مصادر نيابية، وكان الجميع على علم بما يُحّضر قبل موعد انتهاء الولاية في 16 تشرين الثاني الجاري. وهذا يعني غياب التسوية من جديد، لان التمديد اصبح ضرورة ملحة لجميع الاطراف السياسيين بحسب ما يعتبر اغلبية النواب، فضلاً عن استعانتهم بأسطوانة ان الوضع السياسي لا يسمح بمثل هذه العملية بسبب الظروف الداخلية والاقليمية الراهنة، وهذا يعطي الفرص للفراغ الكامل .

سنتان وسبعة اشهر من جديد، «سيناريو» تقدّم به النائب نقولا فتوش فحوّله الى إقتراح قانون معجّل مكرّر من الأمانة العامة لمجلس النواب، طلب فيه التمديد للمجلس النيابي لان الظروف الاستثنائية تولد معطيات استثنائية استناداً إلى مواد الدستور، بحسب ما ذكر فتوش في اقتراحه، وقد تبيّن بأن الظروف الاستثنائية تعطي الحق للمجلس النيابي وحده بالتمديد لنفسه لولاية كاملة وبالقانون في حال الخطر الداهم .

وعلى خط المواطن المتروك من نوابه وسياسييّه، وحده لم يكن له اي رأي في كل هذا، على الرغم من انه صاحب القرار الاول الذي اعطى الوكالة لممثلي الامة، لذا لم يجد امامه سوى «انتفاضة البندورة والبيض» التي بدورها لم تمنع النواب من تطبيق هذا السيناريو، وحتى الهيئات المدنية التي إتهمها نقولا فتوش بأنها لا تفهم في القانون!، لم تستطع بدورها التصّدي لهم .

الى ذلك وكالعادة كان للمسيحيين الدور الاكبر في الانقسام، وهذا إعتدنا عليه كما يقول مصدر سياسي مسيحي مراقب لما يجري على الساحة اللبنانية والمسيحية بشكل خاص، معتبراً بأن اي ملف يُطلب تمريره من قبل البعض يُترك دائماً للقوى المسيحية ان تمررّه على حساب شعبيتها في الشارع ، لذا كان لحزب « القوات اللبنانية وتيار المردة» الدور الاكبر في تغطية التمديد الثاني، فيما على خط آخر كان رفض مطلق لحزب «الكتائب والتيار الوطني الحر».

اذا القصة تتكرّر، يتابع المصدر، والمسيحيون الى تراكم جديد في الانقسام خصوصاً بين «القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر»، وهذا يعني المزيد من التشرذم في الشارع المسيحي، وتحويل السجالات السياسية مجددّاً الى اتهاماتٍ متبادلة كما جرى في الامس، وبالتالي تذكير بالحروب العبثية ونبش القبور وغيرها من المآسي التي يحاول المسيحيون نسيانها، لكنها تعود لهم في المرصاد من خلال البعض الذي يعمل على التذكير بها في اي مناسبة، وابرزها ما جرى عبر وسائل الاعلام العونية والقواتية من اتهامات متبادلة، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي لمناصري الفريقين، مما زاد الطين بلة وأشعل الوضع المترّدي منذ عقود، على الرغم من سعي البطريرك الماروني بشارة الراعي الى تجاوز كل ويلات الماضي، والعمل على نسيانه خصوصاً في هذه الظروف التي تتطلب كلمة موّحدة بين المسيحيين، الذين يتعرّضون للاضطهاد في بعض الدول العربية على يد الارهاب، فيما المطلوب تضامنهم اكثر من اي وقت مضى، من دون ان ننسى إنقسامهم السياسي على خط الرئاسة التي ساهموا في ضياعها.

من هذا المنطلق يعتبر المصدر المذكور بأن ابواب الرابية – معراب ستبقى مقفلة الى اجل غير مسمى، واليوم تبدو بعيدة جداً في مسافاتها، اذ لم يفلح احد ولو لمرة في تقريب وجهات النظر بين عون وجعجع، بحيث تبقى الكيمياء السياسية غائبة بينهما وستبقى بحسب المؤشرات ، خصوصاً انهما ما زالا يعيشان في الماضي، وُيذكّران بعضهما في المآسي التي اوصلت المسيحيين الى هذا الوضع السيئ الذي لم يشهدوه منذ تواجدهم في لبنان، وهذا يعني ان الرجلين يعيشان في معسكرين مختلفين على الرؤية السياسية، وبالتالي لن يلتقيا ابداً، لان المصالحة الحقيقية بينهما يُضيف المصدر المسيحي، ما زالت تحكمها آثار الحرب الاليمة، على الرغم من وجود حاجة ملحة وضرورية لخروجهما من صراعات الماضي لان لقاءهما الفعلي والحقيقي اصبح ضرورة لتحقيق المصالحة ونسيان الحرب وإن كانت لا ُتنتسى، لكن تباعد مشروعيهما السياسيين هو الذي يحول دون اللقاء، ما دام لا شيء يمكن البحث به والاتفاق عليه في ظل خلاف عميق يدور حول خيارين. وختم المصدر المسيحي بدعوتهما للنظر الى لبنان آخر جديد قائم على الشراكة كما تأمل بكركي، والى النسيان اذا اردنا حقيقة التطلّع الى مستقبل المسيحيين البعيد عن الانقسامات السياسية.