IMLebanon

مجلس الأمن: إستياء غربي ونقاشات حامية لـ”الأعمال العدائية”

 

للمرة الثالثة تفشل الاتصالات خلف الكواليس لعقد جلسة لمجلس الأمن تهدف الى إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، والسبب عدم توصل الدول الأعضاء إلى صيغة قرار مرضية للبيت الأبيض تحول دون «الفيتو» الأميركي على القرار الذي أعدّته مصر وتقدّمت به الإمارات.

 

اجتماعات متتالية عقدها رؤساء الأجهزة الأمنية لكل من مصر وقطر وأميركا وفرنسا وإسرائيل والإمارات لصياغة نصّ قرار يؤمّن صفقة تبادل أسرى جديدة بين إسرائيل و»حماس» بهدف التوصل إلى هدنة تمهّد لوقف إطلاق نار طويل. استمر الخلاف على المصطلحات التي وردت في متن القرار ما استوجب إعادة الصياغة مرات عدة وعرضها على البيت الابيض قبل النقاش في شأنها. وقد تم بالفعل حذف كل العبارات التي من شأنها أنّ تكون مستفزة لإسرائيل وأميركا وتحول دون التصويت على وقف إطلاق نار، ولو موقت.

 

تقول مصادر ديبلوماسية إنّ قرار الهدنة سيكون تحت عنوان انساني لتجنّب المعاناة الانسانية ووقف «الأعمال العدائية»، تمهيداً لوقف إطلاق النار. وبذلك يكون قد تم التوصل إلى صيغة «ضعيفة» لا تستفز إسرائيل أو أميركا ولا ينتهي التصويت بـ»الفيتو» الأميركي، كما سبق وحصل في الجلسة الأخيرة. ورجّحت الاتفاق على هدنة موقتة لتمرير مساعدات انسانية تتضمّن صفقة لتبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل. وصار وقف النار مطلباً دولياً ملحاً، لأنّ المجتمع الدولي يتعامل مع الحرب على أنّها عبء يجب وضع حدٍ لها. وإذا كانت اسرائيل تصرّ على استمرار أعمالها العدوانية إلى حين تحقيق خطوات تظهر من خلالها بمظهر المنتصر، فإنّ بعض دول الغرب يعتبر أنّ تحقيق النصر صار صعباً، وأنّ إسرائيل تغرق في مستنقع غزة أكثر فأكثر.

 

وتتحدث المصادر الأممية عن استياء غربي بدأ يعبّر عنه الديبلوماسيون في أروقة الأمم المتحدة من استمرار رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو في حربه. والانطباع السائد أنّ الرجل يغامر من دون تحقيق إنجاز عسكري يسجّل لجنوده على أرض مكسورة ومدمرة مقابل صمود «حماس» لأشهر إضافية بعد.

 

في توصيف كواليس الأمم المتحدة، أنّ الوقت الذي يراهن عليه نتنياهو انقلب ضده ولم يعد التعاطف معه مماثلاً لما كان بعد السابع من اكتوبر، وليس أقل دليل امتناع بريطانيا عن التصويت في الجلسة الماضية، والذي جاء بمثابة امتعاض من استمرار حرب لا أفق مستقبلياً لها. وتمضي المصادر قائلة حتى الجانب الأميركي يتعذر عليه الذهاب أبعد في دعمه إسرائيل في حربها على غزة.

 

تعرب المصادر عن بالغ قلقها لبلوغ فترة الاعياد قبل التوصل إلى هدنة طويلة، ولذا فالمجتمع الغربي يخطو خطوات متسارعة للخروج من مستنقع حرب غزة الذي يشكل إحراجاً له. ويكفي للدلالة ما تدلي به وسائل إعلام إسرائيلية من تصريحات لقادة إسرائيليين عن صورة اسرائيل التي تهشّمت. حتى أنّ استمرار الحرب يشكل حرجاً لحلفاء اسرائيل بدليل ما عبّر عنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بقوله إنّ الحرب لم تعد ضد «حماس»، بل ضد المدنيين. وعلى المستوى العربي تنقل المصادر عينها وجود استياء كبير لدرجة أنّ أعداء «حماس» وخصومها السياسيين ممن كانوا يتمنون خسارتها يعتبرون أنّ كلفة استمرار الحرب عالية على المدنيين، وهو أمر محرج لهم، وقد تراجع حضور السلطة الفلسطينية على حساب تقدم محمد الضيف ويحيا السنوار و»أبوعبيدة» الذين تحولوا أصحاب سلطة شرعية بشهادة الشارع الفلسطيني.

 

تحولت حرب إسرائيل على غزة إلى مستنقع تسعى دول الغرب للخروج منه. وتظهر النقاشات في كواليس أروقة الأمم المتحدة فداحة الأمر والسعي إلى إخراج يؤمّن الهدوء. وتحت العنوان الإنساني سيتم التوصل إلى قرار جديد لوقف النار، أو «الأعمال العدائية» حسب الصيغة المتفق عليها، مع شرح مسهب لكيفية إدخال المساعدات الإنسانية و»التأكيد على التزام الأطراف في الصراع بتوفير المساعدة الإنسانية، والسماح بإيصالها وتسهيل العملية بشكل آمن ومباشر للسكان المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة، وتعليق فوري للعمليات العدائية، واتخاذ خطوات عاجلة نحو وقف دائم للأعمال العدائية».