IMLebanon

جلسة الرقم «13» النيابية

من المعروف عن الرومان، أنهم كانوا يَضَعون التعاويذ على روزنامة أيام السنة، ويميِّزون بين أول الأسبوع وآخره، فإذا كان مع إطلالته ألفَأْلُ، كان الشُؤْم في نهايته والعكس بالعكس.

عندنا، لمْ تكنْ روزنامة الأيام تحتاج الى الجلسة النيابية الثالثة عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية، لتظهر لنا معالم الشؤم في مجلس النواب من خلال الرقم «13».

نحن منذ تعيين الجلسة النيابية الأولى لانتخاب الرئيس، وقلْ: منذ الدورة الأولى لانتخاب أعضاء هذا المجلس، كانت تلاحقنا طوالع الأسابيع المشؤومة وأواخرها، ولم نعد نعرف متى يبدأ الشؤم ومتى يبدأ الفَأْل، لا بحسب التقويم الروماني، أو التقويم الغربي، ولا بحسب التقويم الشرقي وحركة تطوُّر القمر.

المفارقة الصارخة في هذا المجلس، هي أنه تخطّى كل مقاييس علم النفس في ازدواجية الشخصية، هذه التي تُعْرفَ بمرض الهذيان حين يشعر المصاب معها، أنه في شخصيتين متنافرتين: إحداهما حقيقية والأخرى خيالية، ومثلما تسيطر أحياناً الشخصية الخيالية على الشخصية الحقيقية، فإنَّ كلَّ شخصية من هاتين الشخصيتين تراها في أحيان أخرى تجهل أختها، وهذا يعنيه أيضاً علم «قياس الإحراج» حيال انقسام كل قضية الى قضيتين متناقضتين، فإذا كانت إحداهما صادقة كانت الأخرى كاذبة.

كلُّ النواب، كلهّم أصحاب السعادة ولا استثناء، يتبارزون في الصالونات ومن على الصحف والشاشات حيال ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، وكلُّهم يضرب الأرض برجليه غضباً واحتجاجاً على تغييب هذا الإنتخاب.

وإنْ أنت أحرجتهم بتحميلهم مسؤولية الإنتخاب أو تطيير النصاب، ترى أنَ ألسنتهم شاردة وأقدامهم مقيدة، وحدها أيديهم متحركة ليمارسوا بها لعبة تنويم الشعب مغناطيسياً ببهلوانية الحركات المبتذلة.

وكلّهم أصحاب السعادة بلا استثناء، يلقون محاضرات بعفّة أجراء الإنتخابات النيابية على أنهم مع احترام الدستور ومع الديمقراطية والشرعية ومدة الوكالة التي منحهم إياها الشعب.

وكلّهم يبتهلون الى ربّهم ليُبْعد عنهم كأس التمديد، ولكن، عندما حددت مواعيد تقديم الترشيحات النيابية زحفوا جميعاً الى وزارة الداخلية لتقديم مستندات الترشّح، لهم ولأبنائهم وبناتهم وزوجاتهم، وسائر الأسماء الواردة في إخراج قيدهم العائلي لدى دوائر النفوس.

أيها السادة النواب: إن كنتم حقاً ترفضون التمديد والتمدّد والتوريث، فهاتوا برهانكم إن كنتم صاقين، وقدّموا استقالاتكم بدل تقديم مستندات الترشح الكاذب، وإلّا، فقد يصدق معكم أيضاً القول: كذب المنجمون ولو صدقوا… المنجمون المنتسبون الى عالم التنجيم، والمنجمون المنتسبون الى عالم ساحة النجمة.