IMLebanon

ما لا يُدرَك كُلُّه…

 

إذا كان “الثنائي الشيعي” متوقِّعاً أن يحتفل اللبنانيون بعودته الى مجلس الوزراء مظفَّراً أو متحسّساً لموجبات الشأن العام، فهو – بلغة أمينه العام- “مشتبه”، أو مقتنع بأن العالم يبدأ وينتهي عند جمهوره المفرط الولاء، أو غير مدرك أن أكثرية الناس سئمت الاستقواء ولا تتمنى لـ”الثنائي” الخسارة أو الانفكاك، بل “الله يسعدو ويبعدو ويجعل أشرف الناس في مصاف الأولياء”.

 

فـ”الثنائي” كان سيعود، سواء عضَّه التعطيل بنابِه بعد تململ بيئته المتوكئة على رواتب تحتاج موازنة “زلمة” رياض سلامة في وزارة المال، أو بتمنِِ لائق هو عملياً “أمرٌ بالطلب” من طهران، أو بإدراكه أن تسلق الشجرة يليه نزول وليس وصولاً الى السماء… ثم أن “الثنائي” لم يرغب أصلاً في “قبع” حكومة الرئيس ميقاتي، لأنه بالنسبة إليه “حِلِس مِلس… لكنه في النهاية مطواع”.

 

ربما هي جملة أسباب دفعت “الثنائي” الى قرار العودة. الإغراق في التحليلات يودي الى احتمال ربطها بمفاوضات فيينا أو بمسلسل هزائم الأذرع الايرانية الميدانية في اليمن، والسياسية في العراق، والنكسات في سوريا بعدما أخذت روسيا تزيد فيالقها وتغض الطرف علناً عن الغارات الاسرائيلية. أما الواقعية المباشرة فتقتضي القول إن “الثنائي” خسر أخلاقياً أمام عوز اللبنانيين جميعهم، رغم ان “لعبة الوقت” حققت ما اشتهاه لعرقلة مسار التحقيق في جريمة المرفأ عبر الردود والمخاصمات المعيبة، وحماية حصانة المطلوبين للعدالة بواسطة “دورة استثنائية” للبرلمان.

 

لا يذهب “الثنائي” الى الخيارات القصوى متخلياً عن القضم والهضم إلا مضطراً وحين يصمم على تبديل المسار. احتاج “7 أيار” لتغيير المعادلة وكسر غالبية 14 آذار وضرب مفاعيل جريمة 14 شباط. وكانت مناسبة “ذهبية” لاستكمال الانقلاب على “الطائف” بواسطة “اتفاق الدوحة”. فصار مجلس الوزراء رهينة التوافق المفروض، وأضحى الفيتو المغطى بميثاقية مذهبية جاهزاً للاستعمال، سواء تعلق الأمر بسلاح أو بمأموري أحراش.

 

“قبع” البيطار كان الهدف “الأسمى”، لكن “الثنائي” سقط في حفرة الانهيار الذي ساهم في حفره على مدى سنوات، فاكتفى بالمستطاع في انتظار التطورات. وهو حتماً درَس استحالة البناء على قضية البيطار لـ”تطيير الانتخابات”. فلا الخيار الأمني قليل الكلفة ومضمون العواقب في ظل تفلت وانهيار اقتصادي واجتماعي، ولا “بروفا” بسام طليس في “يوم الغضب” الفاشل وصلت الى جزء ضئيل من “انجاز” غسان غصن الذي مهَّد لـ”اليوم المجيد”.

 

“القبع” أعلى مراحل النقاش، وهو ثالث “الثلاثية التنفيذية” المتدرجة “نقاش، تعطيل، قبع”. ويبدو انه تمَّ الأخذ هذه المرة بمبدأ “ما لا يُدرك كلّه لا يُترك جلُّه” خصوصاً في “زمن الفقر” الضاغط بعيداً عن أهازيج “الانتصارات”.