IMLebanon

سفن الخلافات السياسية تسير على عكس التيارات الإقليمية والدولية

سفن الخلافات السياسية تسير على عكس التيارات الإقليمية والدولية

محاولة ابتداع صيغة لآلية العمل الحكومي تصطدم بحائط مسدود.. والنفايات إلى «الترقيع»

الوضع السياسي غير الصحي يفرض الذهاب باتجاه طاولة حوار موسعة تتسع للجميع

الوضع صعب والأمور لا تبشر بالخير، بهذه العبارة يلخص أحد الوزراء الناشطين في متابعة المساعي الآيلة لمعالجة الملفات المفتوحة من آلية مجلس الوزراء مروراً بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب، وصولاً لملف النفايات القديم – الجديد، وهو لا يرى أي أفق مفتوح ولو نصف فتحة لمعالجة أي من الملفات الثلاثة بشكل جذري ونهائي، وأن الهروب في اتجاه الحلول «الترقيعية» سيكون الحل الأنسب للحكومة التي تعوم على بحر من الخلافات والتناقضات التي يجعل مصيرها على كف عفريت.

ويؤكد هذا الوزير ان هناك حتماً قطبة مخفية تجعل الحكومة مكبلة اليدين وعاجزة عن مقاربة أي ملف وحله من دون ان يواكب ذلك جولة من المناكفات والتجاذبات بشكل يعكس حقيقة الواقع الحكومي الذي يفتقد إلى الحد الأدنى من التجانس المطلوب لتمرير هذه المرحلة التي تعج بالصراعات السياسية والدموية على المستويين الإقليمي والدولي، مشدداً في هذا المجال على ان المناخات المحيطة بالاتصالات الجارية لتقريب وجهات النظر في ما خص آلية عمل الحكومة لم تصل إلى النتيجة المتوخاة وهو ما يعني اننا سنبقى امام مشكل مفتوح داخل مجلس الوزراء، اما في ما يتعلق بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب فالامور ليست أفضل حال مع ميل ضئيل إلى إمكانية ابتداع صيغة تسوية تنهي الخلاف حول هذا الأمر.

وفي رأيه في ما خص ملف النفايات الذي أزاح عن واجهة الاهتمام ما عداه من ملفات بعد اقفال مطمر الناعمة وتوقف شركة «سوكلين» عن العمل ان هناك ربما صفقات تحكم معالجة هذا الملف الذي لو كانت الحكومة قادرة على معالجته لكانت قامت بذلك منذ زمن كونه ليس وليد الساعة أو برز بشكل مفاجئ، معرباً عن اعتقاده بأن الحلول الجزئية أو المبتورة لمثل هكذا ملف يطال كل شرائح المجتمع ويهدد الموسم السياحي الذي يعول عليه لبنان كثيراً في ظل هذه الضائقة الاقتصادية والمالية سيكون لها سلبيات أكثر من الإيجابيات كونها ستكون على مدى الأيام كالقنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أية لحظة.

ويتلاقى تشخيص هذا الوزير للواقع الحكومي على خلفية الملفات التي تواجه مجلس الوزراء، مع قراءة لمصادر سياسية للمشهد اللبناني الذي تصفه بأنه غير صحي في كثير من جوانبه، وهي ترى استحالة في معالجة الملفات الخلافية طالما كل فريق سياسي يتمترس خلف موقفه، وطالما كل مكون من مكونات الحكومة ينظر إلى المعالجات من زاوية المصالح السياسية وغير السياسية.

وتعرب هذه المصادر عن اعتقادها بأن عدم حدوث أي تقدّم في المساعي الجارية لإعادة الحصان امام العجلة الحكومية والمضي قدماً في ترتيب الشأن الداخلي في أجواء حكومية صحية لا يبعث على الاطمئنان على الإطلاق لا بل يزيد الهواجس من وجود مناخات تعمل على التعطيل لاعتبارات متعددة.

وإذا كان العديد من الوزراء لا يرون ان وضع العمل الحكومي يبشر بالخير في ظل الخلافات التي تحيط بآلية هذا العمل، فانهم في الوقت ذاته لا يقرأون لا في المشهد المحلي ولا في المشهد الإقليمي أو الدولي أي إمكانية لتفجير هذه الحكومة واسقاطها، لا بل يرون انها ضرورة ملحة في هذا الظرف، رغم العلل التي تعتري عملها، كون ان الظروف الداخلية والخارجية لا تسمح على الإطلاق بأي تهور حكومي في ظل تعذر الوصول إلى بديل، وفي ظل الفراغ الرئاسي والشلل التشريعي، وهو ما يعني اننا سنكون امام مرحلة من «الستاتيكو» إلى حين تظهير الصورة الإقليمية والدولية بعد الاتفاق على الملف النووي الإيراني الذي قد يساهم في تذليل بعض العقبات من امام الحلول للأزمة اللبنانية المتعددة الجوانب من دون ان ينجح في حل كل المشاكل وإعادة الساحة السياسية إلى وضعها الطبيعي.

وامام هذه المشهدية السياسية المقززة للنفس فإن جلسة مجلس الوزراء يوم غدٍ الخميس ستكون محفوفة بالمخاطر كون ان الملفات المدرجة على طاولة النقاش هي ملفات ملتهبة ومقاربتها ستكون بالتأكيد في غياب الحد الأدنى من التوافق عليها وخصوصاً ملفي الآلية والنفايات، اللذين عجزت كل المشاورات التي جرت الى الآن في احداث أي خرق بسيط يمكن النفاذ منه باتجاه حلول مقبولة من جميع الأطراف، مما يجعل المشهد الحكومي الخميس امام الكثير من التعقيد والغموض خصوصاً وأن المبادرات الإنقاذية التي عادة ما كانت تحصل في ظروف مماثلة في السابق هي الآن مفقودة في ظل الانشطار السياسي الموجود وتقدم العامل السياسي على اي عالم دستوري أو قانوني، وهذا الواقع ينبئ بأننا سنكون امام مرحلة من المراوحة القاتلة كون ان السفن اللبنانية تسير عكس التيارات الإقليمية والدولية الجارفة.

وخلاصة لما تقدّم فإن انسداد الأفق امام أي حل للأزمات الموجودة بات يتطلب أكثر من أي وقت مضى السعي من أجل جلوس كافة القوى حول طاولة حوار موسعة من شأنها المحافظة على الوضع اللبناني الحالي والنأي به عن الانهيار إلى ان تصبح الظروف مؤاتية للشروع في خوض غمار الاستحقاقات وإعادة القطار اللبناني إلى سكته الصحيحة.