IMLebanon

انتخابات بلدية صيدا «هبّة باردة» و«هبّة ساخنة» في تنافس 3 لوائح

جلسة «اللقاء التشاوري» الصيداوي الذي أعلن فيها السعودي عن ترشّحه لولاية ثانية لرئاسة بلدية صيدا التي عُقِدَتْ في مجدليون، وتبدو النائب بهية الحريري متحدّثة، وبمشاركة الرئيس فؤاد السنيورة والمفتي الشيخ سليم سوسان وأعضاء اللقاء

دوافع إعادة ترشّح السعودي لولاية ثانية.. استجابة لتمنيات أم هناك «قطبة مخفية»؟

دعم مُطلق من «تيار المستقبل» و«الجماعة الإسلامية».. وإعادة خلط أوراق وصدمة للطامحين لرئاسة البلدية

«اللقاء الوطني» يخوض الاستحقاق دون حسم الأسماء الشيخ عمّار يعلن لائحة «الإصلاح والتنمية»

ثمرة لقاء سعد والبزري.. اختيار تجربة تحالف 2004 أم افتراق 2010؟!

الأنظار شاخصة إلى استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية، المقرّر إجراؤهما في شهر أيار المقبل لولاية 6 سنوات، في ظل اقتراب شغور سدّة رئاسة الجمهورية من إتمام العامين، وتعطيل عمل المجلس النيابي، والملفات الخلافية التي تهدّد مصير مجلس الوزراء بين الحين والآخر…

وقد وفى وزير الداخلية نهاد المشنوق بما وعد به، وبوشر بتقديم تصاريح الترشيح للانتخابات البلدية والاختيارية، التي ستُستهل في محافظات بيروت، البقاع، وبعلبك – الهرمل، حيث من المقرّر أنْ تُجرى فيها الانتخابات يوم الأحد 8 أيار المقبل، على أنْ يلي ذلك إجراؤها في باقي المحافظات، بعدما كان الوزير المشنوق قد أصدر قرارات بدعوة الهيئات الناخبة، وشكّل اللجان العليا للإشراف على الانتخابات، وأنجزت المديرية العامة للأحوال الشخصية في الوزارة تنقيح لوائح الشطب، بحيث أصبحت جاهزة، وإنْ كان البعض لم يحصل حتى الآن على بطاقة الهوية، التي تخوّله المشاركة بالاقتراع…

وحتى الآن أثبت الوزير المشنوق أنّه أنجز خلال توليه مهامه كوزير للداخلية التحضير لإجراء استحقاق هام، ينتظره المواطنون بلهفة وشغف، كما الكثير من المسؤولين…

لكن هل تُجرى الانتخابات في مواعيدها، أو يتم إرجاؤها وتأجيلها، وبالتالي تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية الحالية، أسئلة ما زال البعض يصر على طرحها؟

ومردُّ ذلك إلى أنّ الكثير من الاستحقاقات كان يُعلن عنها، لكن في اللحظة الأخيرة يتم إيجاد مخارج أخرى تبرّر عدم إجرائها لدواعٍ أمنية، أو ظروف سياسية، ويكون ذلك تحت عنوان تمديد أو إرجاء أو استثناء ولمرّة وحيدة، قد تتكرّر وتصبح مِراراً وتكراراً…

جميع السياسيين يعلنون عن أنّهم مع إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مواعيدها، علماً بأنّ كُثُراً منهم حريصون على إجرائها سواء لإظهار النفوذ والقوّة، أو اختبار مدى الشعبية المؤيّدة، وآخرون يعلنون عن تأييدهم، لكن لا يريدون إجراءها، ولا تحمّل تبعات وزر الإرجاء أو التأجيل، حتى لا يرتدون القميص «الوسخ» ويكونون عرضةً لهجوم من أطراف سياسية أو حراك شعبي يؤثر اهتزازاً على صورتهم، وإنْ كان منهم مَنْ لا يأبه للعواقب، في ظل تفشّي الفساد، الذي كان مستشرياً منذ فترة طويلة، وتم تظهير صورته في هذه المرحلة، ولكل حساباته من ذلك…

وكثيراً ما لا تنسحب التحالفات في الاستحقاقات البلدية، على الانتخابات النيابية، لأنّ في الاستحقاق الأوّل تلعب العائلة دوراً رئيساً في ذلك، بينما في الاستحقاق الثاني يكون للزعامات السياسية والأحزاب دور أكثر فعالية…

عندما تسأل بعض المسؤولين عن مدى إمكانية إجراء الانتخابات من عدمه، يؤكد الكثير دعمهم ومطالبتهم بإجرائها، ومَنْ يريد أن يكون واضحاً يُجيب 50% لكل منهما، وكأنّهم لا يدرون أو لا يريدون أنْ يتحمّلوا تبعات موقف، وأنْ يتحوّلوا إلى «شمّاعة» تُعلّق عليها أمنيات، ولا يحملون تبعاتها.

ويتذرّع المسؤولون تارة بالهاجس الأمني، وتارة أخرى برؤساء الأقلام، وهم من الأساتذة ورؤساء الدوائر الذين أعلنوا رفضهم المشاركة في العملية الانتخابية، إذا لم تقر سلسلة الرتب والرواتب، حيث طرحت إمكانية الاستعانة برتباء وعناصر من الجيش اللبناني للقيام بالمهمة وإضافة مهمة جديدة من المهام الملقاة على عاتقهم.

ويذهب البعض إلى أنّ هناك ضغوطاً دولية من أجل إجراء الاستحقاق، لأنّه يتعلق مباشرة بالمواطنين، ولا يجوز أنْ ينسحب التأجيل على كافة الاستحقاقات، ما يؤدي إلى التمديد، لكن يعتبر البعض أنّ هذا الاستحقاق هو إحراج للقوى السياسية بأنّه بالإمكان إجراء الانتخابات النيابية التي تنتهي ولاية المجلس الممدّد لنفسه في العام المقبل 2017، وإنْ كان الخلاف لا يزال يتركز حول إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، فيما يطالب آخرون بإجراء الانتخابات النيابية، ثم الرئاسية، وهو ما يُطيل عمر أزمة الشغور الرئاسي، بفعل الخلاف السياسي على مَنْ سيدخل إلى قصر بعبدا، وعلى قانون الانتخابات النيابية. وأيضاً هناك مَنْ يخشى من حراك شبابي، الذي كان له تأثيره في تحريك ملفات الفساد، وإنْ لم يصل الكثير منها إلى خواتيمه، وحتى البعض من السياسيين لديهم مصلحة بإجراء الاستحقاق البلدي والاختياري المقبلين للتغطية على بعض الفضائح من أزمة النفايات والفساد في أكثر من مؤسّسة ووزارة.

«هبّة ساخنة» و«هبّة باردة»

قد يكون رئيس المجلس النيابي نبيه بري حسم أمر إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مواعيدها، وهو ما سيرفع وتيرة التحضيرات لها، والتي كانت قبل ذلك لا تزال تخضع لتأثيرات «هبّة ساخنة» و«هبّة باردة».

ومن المقرّر إجراء الانتخابات في محافظتي الجنوب والنبطية الأحد 22 أيار المقبل، والتي تشمل 263 بلدية (146 في محافظة الجنوب) و(117 في محافظة النبطية)، يُضاف إليهما إجراء الانتخابات الاختيارية أيضاً، وكذلك النيابية الفرعية في قضاء جزين عن المقعد الماروني الذي شغر بوفاة النائب ميشال طانيوس الحلو (27 حزيران 2014).

وفي الجنوب توحي الأجواء بأنّ لا «معارك طاحنة» أو «معارك كسر عظم» في الاستحقاق المقبل، كما كان يتم في الاستحقاقات السابقة، وإنْ كانت هناك انتخابات قد تكون «حامية الوطس» ليس أكثر، ويعود ذلك إلى:

– استمرار تحالف القوّتين الشيعيتين الرئيسيتين حركة «أمل» و»حزب الله»، اللتين لهما نفوذهما المؤثّر في البلدات ذات الغالبية الشيعية.

– التحالف الجديد بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، الذي سيكون اختباراً لهما، وقد يحسن الكثير من النتائج في البلدات ذات الغالبية المسيحية.

– مواصلة «تيار المستقبل» تحالفه مع «الجماعة الإسلامية» في صيدا، وكذلك في منطقة العرقوب والقطاع الغربي من صور، ذات الغالبية السنية، وهو ما سيساهم بشكل فعال في اختيار اللوائح.

– الكفّة المرجّحة لصالح رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في المناطق ذات الغالبية الدرزية.

لكن على الرغم من قوّة أي من الحركات والأحزاب والقوى، إلا أنّها يجب أنْ تقف على آراء العائلات، وفي الكثير من الأحيان تبيّن أنّ العائلات تختار في اللائحة التوافقية، ليس الأكثر كفاءة، أو من ذوي الخبرة، بل مَنْ ترتأيه لتمثيلها.

وهذا الأمر قد يتغيّر عند تشكيل اللوائح المتنافسة، حيث تختار العائلة الأقوى ممَّنْ يؤمّن لها أصواتاً سواء لخدماته أو وضعه، أو امتلاكه للمال لتغطية تكلفة المعركة الانتخابية.

ومن خلال التجارب، كثيراً ما فشل التوافق حين تم اختيار سياسي لتمثيل عائلي، فعطّل فريق عمل الفريق الآخر، وانقلبت الصورة في الولاية الثانية، خاصة عندما تمّت المداورة في الرئاسة، فكان كل من الطرفين يريد إظهار إنجازاته ونجاحه، وليس خدمة البلدة – وإنْ كان يرى أنّه يخدم بلدته بصورة جيدة، وفقاً للزاوية التي يرى منها الأمور، ويعمل وفقها.

وفي ضوء استخلاص العبر والتجارب من عمل المجالس البلدية، تبيّن أنّ الأفضل هو فريق عمل متجانس، وتحمّل نتائج البرنامج الانتخابي إنجازاً أو إخفاقاً، فيتم تقييم الأمور وفقاً لما أنجز أو أخفق من البرنامج الانتخابي.

هذه الإشكالات التي برزت في أكثر من بلدة جنوبية، وعطّلت العمل في العديد منها، هي موضع تمحيص من المسؤولين في حركة «أمل» و«حزب الله» لاختيار فريق عمل متجانس، من خلال الوقوف على رأي العائلات، وأنْ يتم استبعاد من ثبت أنّه عطّل العمل في الولاية الحالية.

لكن إلى أي مدى يمكن أنْ يتم ذلك، خاصة أنّ كثراً يطمحون ليس إلى عضوية المجلس البلدي، بل مباشرة العين شاخصة إلى الرئاسة، أو تحقيق مكاسب في أماكن أخرى، وهو ما يُصعّب الأمور التي يسعى إليها المسؤولون في الحركة والحزب، بتأمين فوز بالتزكية في أكبر عدد ممكن من البلديات؟

وكل التمنيات قد تكون عرضة للمفاجآت، ولا يقتصر الأمر على «عقصة بعوضة» من المنتشرين بفعل الروائح المنبعثة من النفايات المتراكمة، ومنعاً لانتشار الوباء إلى انتشاره بسرعة رهيبة، ما يؤدي للوصول إلى قناعة «بالغنى عن وجع الراس».

ناهيك عن الهاجس الأمني، الذي يقض مضاجع المسؤولين الأمنيين والحزبيين، فضلاً عن المواطنين، وهو سيف مسلط على رقاب العباد، مع الأخبار المتناقلة يومياً عن توقيف شبكات إرهابية، بعدما كانت قد تم توقيف العديد من شبكات التجسّس مع «الموساد» الإسرائيلي.

الاستحقاق البلدي صيداوياً

تشكّل مدينة صيدا «عاصمة الجنوب» نموذجاً رائداً في العمل البلدي، حيث استطاع المجلس البلدي الحالي برئاسة المهندس محمد السعودي تحقيق جملة من الإنجازات، وإنْ كان البعض منها ثمرة تراكم لملفات كانت قد باشرت بها مجالس بلدية سابقة، وهو ما لا ينكره رئيس المجلس البلدي الحالي.

لذلك، فإنّ البناء يكون «حجراً فوق الآخر»، وهو ما يثمر بناءً متكاملاً متجانساً وفق المعايير الهندسية العلمية والمواصفات المطلوبة.

وفي مدينة صيدا، فإنّ المفاجأ الكبرى كانت بإعلان رئيس البلدية المهندس محمد السعودي عن نيّته الترشّح لولاية جديدة، بعدما كان قد أعلن مراراً عزوفه عن الترشّح، وأنّه إذا ما جرى التمديد للمجالس البلدية، فإنّه سيطلب انتخاب رئيس من بين أعضاء المجلس، لتولّي فترة التمديد.

إعلان ترشّح السعودي لولاية ثانية، قوبل بترحيب من غالبية القوى والفاعليات الصيداوية، واعترض «التنظيم الشعبي الناصري» على طريقة الترشيح.

لكن هذا الترشيح شكّل صدمة لعدد ممَّنْ كان قد صوّبوا العين على رئاسة البلدية لخلافة السعودي، بعدما كان قد أعلن عزوفه عن الترشّح.

هذه الصدمة قد تستغرق وقتاً طويلاً لمَنْ كان يدغدغ تفكيره بالدخول إلى الطابق الثالث من مبنى بلدية صيدا كرئيس للبلدية، وبعدما بدأ يتداول ببعض الأسماء ليضمها إلى اللائحة.

جاء إعلان السعودي بالترشّح خلال «اللقاء التشاوري» الصيداوي في اجتماعه الدوري الذي عقد في مجدليون بدعوة من النائب بهية الحريري (مساء الثلاثاء 29 آذار 2016).

وقد فاجأ السعودي أعضاء اللقاء بإعلان ترشّحه، وهو أبلغهم كعضو في اللقاء الذي يضم شريحة من الفاعليات الصيداوية الروحية والسياسية والحزبية والنقابية والاقتصادية والاجتماعية، ولم يكن أحد قبل اللقاء على علم بقرار السعودي الترشّح لولاية ثانية، علماً بأن فاعليات سياسية وأمنية ورسمية وروحية وشعبية ونقابية كانت قد تمنت عليه وطالبته بالترشّح.

وبين مَنْ طالبه وتمنّى عليه ذلك، الرئيس سعد الحريري، الرئيس فؤاد السنيورة، النائب بهية الحريري، ورجال دين مسلمون ومسيحيون «الجماعة الإسلامية»، الدكتور عبد الرحمن البزري وأيضاً مقرّبون من الدكتور أسامة سعد، هذا فضلاً عن أعضاء المجلس البلدي.

واستطاع السعودي منذ اليوم الأول الذي تلا الانتخابات البلدية السابقة في أيار 2010، وبعد تسلّمه مهامه من سلفه الدكتور عبد الرحمن البزري، أنْ يكرس المجلس البلدي للمدينة بكاملها، سواء من دعم لائحته «الوفاق والإنماء» التي شكّلها «تيار المستقبل»، «الجماعة الإسلامية» والدكتور البزري، أو حتى من خاض انتخابات في مواجهتها ضمن لائحة «الإرادة الشعبية» التي ترأسها كاتب عدل صيدا السابق عبد الرحمن الأنصاري والمدعومة من أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد و«اللقاء الوطني» وعائلات من المدينة.

كذلك وطّد العلاقات مع مختلف القوى السياسية اللبنانية من خارج مدينة صيدا، خاصة حركة «أمل» و«حزب الله».

وعلى الصعيد الفلسطيني، تمكّن السعودي خلال فترة وجيزة من نسج علاقات مع مختلف القوى السياسية الفلسطينية، بما في ذلك داخل المخيّمات، وهو الذي ناضل من أجل القضية الفلسطينية في ريعان الشباب، فتسنّت له زيارة قطاع غزّة (10 كانون الأول 2012) ضمن الوفد الصيداوي برئاسة النائب الحريري.

وتمكّن السعودي مع فريق العمل المتجانس في المجلس البلدي، الذي سجّل نسبة حضور ومشاركة كبيرة لأعضائه الـ21، تحقيق البرنامج الانتخابي الذي وضعه، حيث أنجز ما يفوق الـ50 مشروعاً، في طليعتها إزالة جبل النفايات وتحويله إلى حديقة عامة أطلق عليها المجلس البلدي إسم رئيسه السعودي، وتم افتتاحها (21 نيسان 2016)، هذا فضلاً عن جملة من المعالم الهامة في المدينة، من: مرفأ المدينة، مرفأ الصيادين، وتشغيل معمل معالجة النفايات، وإنْ كانت هناك مشاريع عدّة يتوق المجلس البلدي لإنجازها وإيجاد حلول لها في الولاية المقبلة.

دوافع إعادة ترشّح السعودي

لكن ما الذي غيّر قرار السعودي، ودفعه للعودة إلى الترشّح؟

لا شك في أنّ التمنيات بإعادة السعودي للترشّح مجدّداً، كانت كثيرة من صيدا وخارجها، لكن المطلعين على بواطن الأمور يرون أنّ نقطة التحوّل باتخاذ قرار اعادة الترشح، كانت ما جرى عندما اعترض بعض الشبان من «التنظيم الشعبي الناصري» والمناصرين شاحنتين محملتين بالنفايات، كانتا في طريقهما إلى «معمل معالجة النفايات» عند المدخل الجنوبي لمدينة صيدا (21 آذار 2016).

ومرد ذلك إلى أنّ نقل النفايات من ذوق مكايل والحازمية، كان يتم إلى المعمل منذ حوالى الشهرين وبعلم من البلدية، بمجموع تقريباً بين 80-100 طن يومياً، على اعتبار أنّ لا سيولة لدى الشركة التي تتولى إدارة المعمل، لأنّه لم يتم تسديد المستحقات عن معالجة النفايات في «اتحاد بلديات صيدا – الزهراني»، فيما كانت بلديتا ذوق مكايل والحازمية تدفعان بدل كلفة المعالجة نهاية كل شهر.

هذا الحادث وما تلاه، شكلا منعطفاً هاماً، خاصة بعد قيام القوى الأمنية الرسمية في صيدا، بتوقيف سائقي الشاحنتين، بعدما أعلن قائد شرطة بلدية صيدا المؤهّل الأول بلال الصياد عن أنّ لا علم للبلدية بنقل الشاحنتين للنفايات، قبل أنْ يتم إطلاق سراح السائقين والإفراج عن الشاحنتين، حيث تبيّن أنّ البلدية على علم بذلك، وكذلك الإفراج عن الشبان الذين أوقفوا من قطاع الطلاب والشباب في «التنظيم الشعبي الناصري» وإطلاق أحد عناصر قوى الأمن الداخلي النار في الهواء خلال تجمّع الشباب، وهو ما كان يخشى من دخول مندسين على الخط للتوتير، وكأنّ هناك مَنْ يريد إشعال فتنة انطلاقاً من مدينة صيدا.

وبعد أنْ أعلن السعودي عن ترشّحه، خلال «اللقاء التشاوري» الصيداوي، بارك أعضاء اللقاء قراره.

كما أعلنت «الجماعة الإسلامية» عن تأييدها لقرار السعودي بالترشّح.

وأصدر «التنظيم الشعبي الناصري» بياناً اعتبر فيه أنّ «مباركة أعضاء «اللقاء التشاوري» الصيداوي لقرار المهندس السعودي بالترشّح لولاية ثانية في رئاسة المجلس البلدي، تدخل سافر غير مقبول في الانتخابات البلدية المقبلة التي تشكّل استحقاقاً ديمقراطياً، يعود فيه لأبناء مدينة صيدا كافة، القرار باختيار رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي القادمين، من دون وصاية أو توجيهات أو إملاءات».

سعد – البزري

وبعد ذلك قام سعد بزيارة الدكتور عبد الرحمن البزري (4 نيسان 2016) وجرى التطرّق إلى الاستحقاق البلدي مع اقتراب موعده في مدينة صيدا، والتأكيد على استمرار البحث والتشاور، وعقد لقاءات مستقبلية قريبة بهدف مقاربة الاستحقاق البلدي بما يضمن مصلحة مدينة صيدا وسكانها، ويسمح لهم بالتعبير عن رأيهم بأفضل السبل وأكثرها ديمقراطية.

وحسم البزري خلال اللقاء، أنّه غير معني بالترشّح لرئاسة البلدية، وهو القرار الذي اتخذه في العام 2009 – أي قبل الانتخابات البلدية السابقة بأكثر من عام.

ويبقى التساؤل: هل يكون هناك تحالف بين سعد والبزري كما جرى بالانتخابات البلدية في العام 2004 أم افتراق كما جرى في انتخابات العام 2010؟

وأكد «اللقاء الوطني الديمقراطي» في مدينة صيدا، خلال الاجتماع الاستثنائي الذي عقده بمشاركة الدكتور سعد وفاعليات وطنية وشخصيات صيداوية على «خوض معركة الانتخابات البلدية من أجل النهوض بصيدا واستعادة موقعها ودورها وازدهارها».

اللوائح المتداولة

بعد هذه التطوّرات، كيف هي صورة الاستحقاق البلدي في «عاصمة الجنوب»؟

يبدو أنّ الظروف ذاتها تتكرّر في استحقاق الانتخابات البلدية في مدينة صيدا بالعودة إلى ما جرى خلال التحضير للاستحقاق السابق في أيار 2010، بعدما كان يُتوقّع أنْ يتم تشكيل لائحة توافقية في المدينة برئاسة السعودي، الذي حظي بدعم «تيار المستقبل»، «الجماعة الإسلامية»، و«التنظيم الشعبي الناصري» والبزري وفاعليات المدينة، لكن «الشياطين» كان لها دور مغاير، ما أدّى إلى عدم التوصّل إلى لائحة توافقية، فخاض السعودي الانتخابات مدعوماً من «تيار المستقبل» و»الجماعة الإسلامية» والبزري وعائلات وقوى في المدينة، وفاز بكامل أعضاء اللائحة الـ21، على اللائحة المدعومة من «التنظيم الناصري» و«اللقاء الوطني» وعائلات في المدينة.

كثيرة هي الأسماء التي يتم تداولها في الشارع الصيداوي لخوض الاستحقاق البلدي رئاسة أو للعضوية، ومرد ذلك إلى جملة من الأسباب، لجهة أنّ عدداً من الأسماء جدي، والآخر ينتظر إشارة ما أو تزكية للترشيح، وغيرها ممن يتداول اسمه، دون الإقدام على الترشّح.

وحتى الآن تشير المعلومات إلى أنّه ستكون في «عاصمة الجنوب» 3 لوائح رئيسية، اثنتان مكتملتان والثالثة غير مكتملة، وذلك وفق الآتي:

– لائحة سيشكّلها السعودي، وهي مكتملة وستضم أعضاء المجلس البلدي الحاليين مع احتمال التبديل بعضوين، لأن فريق العمل المتجانس أنجز الكثير من المشاريع، والبعض الآخر منها ما زال بحاجة إلى فترة 3 أعوام لاستكمالها، وهذه اللائحة مدعومة من النائب الحريري و»تيار المستقبل» و«الجماعة الإسلامية»، وهم ممن أعلنوا صراحة وبوضوح وعلانيةً دعمهم للائحة، وكذلك من المتوقع أن تحظى بدعم الرئيس السنيورة – وإن كان لم يعلن ذلك علانيةً حتى الآن – وأيضاً يتوقع أن يعلن الدكتور عبد الرحمن البزري دعمه للائحة، خاصة أنه يتمثل في المجلس البلدي الحالي بـ3 أعضاء.

– اللائحة المدعومة من «التنظيم الشعبي الناصري» و«اللقاء الوطني» والتي يبلور أمين عام التنظيم الدكتور أسامة سعد بالتشاور مع حلفائه وعائلات في المدينة من ستضم، ولمن ستكون رئاسة البلدية، علماً بأنّ ما يجري تداوله حتى الآن مجرد أسماء لم يتم حسم أي منها، ولم يبحث حتى الآن بإسم الرئيس والأعضاء، والتي ما زالت في إطار التشاور بين الحلفاء، وهي ستكون مكتملة.

– لائحة «الإصلاح والتنمية»، التي سيترأسها رئيس «المنظمة اللبنانية للعدالة» الدكتور علي الشيخ عمار، وستضم 17 مرشّحاً (أي بدون تسمية 4 أعضاء: اثنان للشيعة واثنان للمسيحيين)، ومن أبرز أركانها الشيخ يوسف مسلماني وتضم عدداً من أعضاء «لجنة الدفاع عن حقوق المعتقلين الإسلاميين»، وهي التي قامت بسلسلة لقاءات ومشاورات مع فاعليات وعائلات صيداوية.

وبذلك فإنّ التطوّر الجديد هو وجود لائحة ثالثة تخوض هذا الاستحقاق، خلافاً لما كان يجري سابقاً باقتصار الأمر على لائحتين اثنتين.

هذا فضلاً عن احتمال ترشّح عدد من المستقلين الذين قد يستمر بعضهم لمجرد إثبات وجود، إذا لم يجد له مكاناً في إحدى اللوائح الثلاث.

وبانتظار إقفال باب الترشيحات والعودة عن طلبات الترشيح وموعد انطلاق العملية الانتخابية، فإنّ جملة من التطوّرات قد تشهدها الساحة الصيداوية، تُعيد خلط بعض الأوراق، لكن دون أن يعني ذلك أن الانتخابات في صيدا ستكون بالتزكية وبلائحة توافقية، بل إن ثلاث لوائح ستخوض هذا الاستحقاق، ولكل حساباته.

وحتى موعد إقفال الترشيحات (أمس) الثلاثاء فإنّه لم يتقدّم للتنافس على الأعضاء الـ21 للمجلس البلدي في صيدا إلا مرشّح واحد هو أحمد حبيب الجويدي، علماً بأنّ باب إقفال تقديم طلبات الترشّح لمحافظتي الجنوب والنبطية ينتهي (الأربعاء 11 أيار المقبل).

ويبلغ عدد الناخبين في مدينة صيدا (66648) يتوزّعون على 13 حيّاً، وينتخبون 21 عضواً للمجلس البلدي و23 مختاراً، علماً بأنّه كان قد اقترع في الانتخابات التي جرت في العام 2010 (30789) من أصل (54766 ناخباً) – أي ما نسبته 56.22%، وتبيّن الفرق الشاسع في الأصوات، حيث نال السعودي (19145 صوتاً)، فيما نال الأنصاري (9381 صوتاً) – أي بفارق ضعفي عدد الأصوات – فيما نال آخر الذين فازوا من لائحة السعودي، وهو محمد السيد (18449 صوتاً)، بينما نال آخر الذين لم يحالفهم الحظ من اللائحة التي ترأسها الأنصاري نوال صافي (8573 صوتاً) – أي بفارق (9876 صوتاً).

ويرى مراقبون أنّ هناك فارقاً شاسعاً في الأصوات في الانتخابات السابقة، فهل سينعكس ذلك في الاستحقاق المقبل في ضوء ترشّح السعودي مدعوماً من «تيار المستقبل»، «الجماعة الإسلامية» والبزري وعائلات في المدينة، أم إنّ النتائج ستكون غير ذلك؟

هذا ما ستكشف عنه نتائج فرز صناديق الاقتراع، التي تتبلور في ضوء أسماء المرشّحين والتحالفات!