IMLebanon

لماذا دعم الثنائي ترشيح فرنجية؟

 

يجتهد كثيرون، هذه الأيام، في محاولة لترجمة الأسباب التي دفعت حزب الله وحركة أمل إلى دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. ويستند البعض إلى وقائع من الكواليس السياسية للسنوات الماضية ومن المرحلة الأخيرة، وحتى إلى تصريحات مسؤولين بارزين في حزب الله وأمل، من بينهم السيد حسن نصرالله، لاستخلاص الأسباب التي لا تزال تدفع الثنائي إلى التمسّك بهذا الترشيح.

 

الروايات المتداولة كثيرة، منها المشكّك في مدى ثبات الثنائي في دعم الترشيح، ومنها الواثق بثبات الدعم لفرنجية على قاعدة أن الأخير تلقّى وعداً من نصرالله عام 2016 بدعم وصوله إلى الرئاسة في الولاية المقبلة، في حال تنازل للرئيس السابق العماد ميشال عون وتراجع عن اتفاقه مع الرئيس السابق سعد الحريري. وهذا ما حصل عملياً. رواية أخرى، تستند إلى كلام نصرالله، وهي أن المقاومة تبحث عن رئيس لا يحوّل الدولة إلى عدوّ لها، كما حاول الرئيس السابق ميشال سليمان فعله، بتخلّيه عن معادلة «الجيش والشعب والمقاومة»، وأن فرنجية هو المرشح الموثوق الذي لا يطعن المقاومة في ظهرها.

 

صحيح أن وعد نصرالله وعدم رغبة المقاومة بإيصال خصمٍ لها إلى سدّة الرئاسة سببان قويّان للاستمرار بدعم فرنجية، إلّا أن هذه المسألة ليست إلّا جزءاً من الأسباب الفعلية لإصرار حزب الله على دعم فرنجية.

بالنسبة إلى مسؤول من الصفّ الأول في تحالف حزب الله – حركة أمل، فإن نتيجة النقاشات الداخلية التي دفعت مراكز القرار في الثنائي إلى دعم فرنجية من دون تردّد، هي الظروف السياسية المقبلة على المنطقة، والتي ستفرض على لبنان استحقاقات كبيرة.

يشرح المسؤول، باستفاضة، النيات العدوانية للعدوّ الإسرائيلي تجاه لبنان وفلسطين من خلال سياسة التوسّع الاستيطاني. فـ«حكومة (بنيامين) نتنياهو ماضية في سياسة توسعة المستوطنات من دون أي اعتبار لالتزامات أوسلو مع كل التنازلات التي قدّمتها السلطة الفلسطينية، والخطة الفعلية هي ضمّ الضفة الغربية وتهجير ما أمكن تهجيره من الفلسطينيين مجدداً». وكذلك الأمر بالنسبة إلى الجولان المحتل، إذ إن «الكيان ماض في سياسة التوسع الاستيطاني في الجولان رغم كل المعارضة الدولية لهذه الخطوات مستفيداً من الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، وهم يسعون بكلّ قوة لجلب مزيد من اليهود للاستيطان في فلسطين والجولان». ماذا يعني ذلك بالنسبة إلى لبنان؟ يجيب المسؤول: «لبنان أصلاً واقع تحت ضغط دولي هائل وخطة ممنهجة منذ سنوات طويلة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين فيه، والغربيون يبتزّون لبنان لحلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين على حساب حق العودة وعلى حسابه مقابل فتات المساعدات. في المرحلة المقبلة ستشتد هذه الضغوط بالتوازي مع تعطيل شبه كامل لدور وكالة الأونروا. ومن الواجب أن يكون هناك رئيس جمهورية قوي يواجه هذه الضغوط، يدعم حق العودة ويرفض توطين الفلسطينيين في لبنان. برأينا، الرئيس المناسب للقيام بهذا الدور هو سليمان فرنجية، بينما غالبية الأسماء الأخرى المطروحة حالياً، ليس لديها الثبات السياسي والقرار لمواجهة مثل هذه المشاريع، بل على العكس، ربّما تتماهى معها».

 

 

السبب الثاني برأي المسؤول، هو مشروع توطين النازحين السوريين في لبنان.

 

وعد نصرالله ورئيس لا يطعن المقاومة ليسا السبب الرئيس للاصرار على دعم فرنجية

 

يشرح المسؤول أن «كل ما يهم الغرب هو عدم حصول موجات لجوء نحو القارة الأوروبية انطلاقاً من الشواطئ اللبنانية، واستمرار لعبة ابتزاز الدولة في سوريا بملفّ النازحين». ويضيف: «تنظيم إعادة النازحين إلى سوريا يحتاج إلى حوار مباشر ومضمون مع الحكومة السورية، من دولة إلى دولة، والبحث عن مصلحة البلدين لا عمّا يرضي الأجندة الغربية. وهنا يظهر فرنجية، فهو موثوق من قبل القيادة السورية ويستطيع الحصول منها على ما لا يستطيع سواه الحصول عليه، وفي الوقت نفسه لديه القدرة على تحمل الضغوط الغربية لمواجهة مشروع توطين النازحين السوريين، ليس من خلفية عنصرية، بل من خلفية وطنية».

أما السّبب الثالث، فهو الطروحات الداخلية التي قد يبدأ البعض في تردادها في لبنان، حول الفدرالية وتقسيم الدولة المركزية بالتوازي مع طروحات التوطين الخارجية. بالنسبة إلى المسؤول، فإن «موقف فرنجية الواضح من وحدة لبنان والتمسّك بالصيغة الحالية يشكّل عامل طمأنينة، وهو أثبت قدرته على التواصل مع جميع اللبنانيين من مختلف الفئات من دون حواجز وكذلك مع الدول الغربية والشرقية على حدّ سواء. فرنجية ضمانة لعدم سير رئيس الجمهورية المقبل في أي عناوين تضرب الواقع الحالي في البلد لصالح صيغ تتناسب مع المشاريع الغربية لتقسيم المنطقة ومحاولات تقوية كيان العدوّ على حساب الآخرين».

 

ختاماً، يعتبر المسؤول أن المواجهة في لبنان لم تعد تقتصر على انتخاب رئيس للبلد، إنّما على المستقبل، مكرّراً أن «حزب الله وحركة أمل لا يملكان بديلاً عن فرنجية إلّا فرنجية».