IMLebanon

“الجنوب الثالثة”: إستفتاء على الخيار والنهج ونسبة الاقتراع تتجاوز 80 بالمئة

 

 

موظفون يجهلون قانون الانتخاب وآلية الاقتراع في ظاهرة خطيرة

 

 

باكراً حضرت فاطمة بصحبة ابنها الى مركز اقتراع الموظفين والاساتذة في ثانوية حسن كامل الصباح، الذي خصص لاقتراع 1071 موظفاً واستاذاً، توزعوا بين قلمين في كل واحد 535 ناخباً. أرادت فاطمة ان تنتخب لاجل مستقبل ابنها، تريد له طبابة ودواء واستقراراً على حد وصفها، ترى في الانتخابات عملية تغيير حقيقية، شرط ان تستتبع ببرامج اصلاحية قابلة للتحقيق، ولا تتوقف عند الخطابات الرنانة.

 

ليست فاطمة وحدها من جاء ليقترع لمستقبل افضل، بل ايضا قاسم مشدداً على اهمية الاستحقاق وانه بداية تغيير النهج السياسي الراهن، «فهو الخطوة الاولى على طريق الاصلاح وتحصيل الحقوق».

 

فكيف بدا المشهد في مراكز الاقتراع؟

 

من النبطية، مروراً بمرجعون وحاصبيا وصولاً الى الخيام، وحده الصمت الانتخابي يلف المكان، خلافاً لصخب المعركة داخل المراكز، وقد شهدت اقبالاً كثيفاً على صناديق الاقتراع، في مشهد وصفه الجميع بعرس ديمقراطي سينعكس حتماً على معركة الاحد.

 

اذاً، مرّ قطوع «بروفا» الانتخابات بسلام، مع نسبة اقتراع تجاوزت الـ80 في المئة في مختلف مراكز اقتراع دائرة الجنوب الثالثة، حيث بدا لافتاً حجم التهافت على الادلاء بالاصوات، قبل الشروع رسمياً في المعركة الانتخابية الاحد.

 

لم يفاجئ حجم الاقبال احداً، نسب متقاربة مع انتخابات 2018، مع فارق بسيط ان نسبة المعترضين قد تكون تضاعفت مرة او اثنتين، وعدا ذلك، فالجو الديمقراطي الذي ساد يعكس طبيعة المعركة المنتظرة الاحد والتي ستأخذ طابعاً ديمقراطياً، بل عرساً شعبياً، كل ناخب سيصوت فيه لخياراته وقناعاته، مع فارق بسيط ان المعركة في هذه الدائرة، هي بمثابة تحديد «اوزان واحجام لا اكثر ولا اقل.

 

وسط اجراءات امنية مشددة اتخذتها القوى الامنية التي انتشرت على ابواب وداخل مراكز الاقتراع الاربعة، سارت عملية اقتراع الموظفين، وقد اختاروا لائحة من بين لائحتين تتنافسان: «الامل والوفاء» و»معاً نحو التغيير».

 

ساعات امضاها الموظفون في طابور الانتظار، هذه المرة لاجل الادلاء بصوتهم، وليس لاجل الحصول على بنزين وسكر مدعوم وغيره، كلّ حمل خياراته داخل ورقته وتوجه نحو صندوقة الاقتراع. هذه المرة كل استاذ وموظف اختار خياراته وإن كانت الغالبية منهم إختارت الثنائية على التغيير لاعتبارات عدة، منها الوظيفة والنهج، وهو ما عبّر عنه معظمهم في معرض قراءاتهم لأهمية هذه المعركة هذه السنة. لا يخفي احد ان الخطاب العدائي والاستفزازي الذي اتبعه كثر من لوائح المعارضة انعكس ارتفاعاً في نسبة الاقتراع، حتى المقاطعين منهم قرروا الاقتراع، بصرف النظر لمن سيذهب صوتهم.

 

كان لافتاً غياب معظم المرشحين عن الجو، ربما الصمت الانتخابي لعب دوره، وربما فضلوا قراءة المشهد عن بعد، او لأن الموظفين «بالجيبة»، وحدهم مندوبو اللوائح كانوا حاضرين، وإن كانت الغلبة للائحة ثنائي «امل» و»حزب الله».

 

عملية الاقتراع جرت تحت اعين مراقبي هيئة الاشراف على الانتخابات وقد انتشروا في كافة المراكز من بنت جبيل الى حاصبيا ومرجعيون والنبطية، ولم تسجل اي خرق يذكر، باستثناء جهل بعض الموظفين بآلية الاقتراع، وهذه ظاهرة خطيرة، لا سيما وانهم سيكونون كتبة ورؤساء اقلام، ما سينعكس حكماً على سير العملية الانتخابية الاحد، اذ بدا مستغرباً جهل عدد منهم للقانون الانتخابي، ولطريق الاقتراع وآلية اختيار الصوت التفضيلي، حتى ان بعضهم كان يجهل كيفية وضع الورقة الانتخابية في المغلف، وهذا بحد ذاته اشكالية خطيرة جداً من فئة يفترض انها في عداد المثقفين.

 

محافظ النبطية بالوكالة الدكتور حسن فقيه جال على مراكز الاقتراع وقد جهزت بمولدات كهربائية تفادياً لانقطاع التيار، ولفت الى ان عملية الانتخابات تسير بشكل طبيعي في مراكز الاقتراع ايضاً في حاصبيا ومرجعيون وبنت جبيل، وتم تأمين التيار الكهربائي، وثمّن المسؤولية التي يتولاها رؤساء الاقلام والمساعدون والقوى الامنية في اتمام وانجاح هذه العملية الديمقراطية.

 

في يوم الاستفتاء على الخيارات والاصلاحات المرتقبة، وضع موظفو دائرة الجنوب الثالثة اصواتهم برسم مرشحي اللائحتين معاً، طامحين ان يدافعوا عن حقوقهم المهدورة، وعن طبابتهم المعلقة بين ضمان متعثر ومستشفيات تطالبهم بـ»الفريش»، كانوا يقترعون لاجل ان يتجاوزوا قطوع الازمة الاقتصادية بخير وسلام، علّ صوتهم يخدم قضاياهم هذه المرة، ولا يتحول نقمة عليهم مع تفاقم الازمات في القادم من الايام.