IMLebanon

لا مُتغيرات برغم الضغط العسكري المواكِب للسياسي

 

 

عشيّة الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه الى بيروت، ومن خلال الاتصالات التي يجريها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين وغيره مع المسؤولين اللبنانيين وعبرهم مع «حزب الله»، حول تهدئة جبهة الجنوب، تأكّدت مخاوف لبنان من أنّ دول الغرب لا تهتمّ لمصلحته بل لمصلحة الكيان الاسرائيلي، ولذلك يتعرّض لبنان لكل هذا الضغط السياسي بالتوازي مع الضغط العسكري.

شهدت الاشهر القليلة الماضية زيارات العديد من الموفدين الاميركيين والاوروبيين والامميين الى لبنان لإقناعه بوقف المواجهات العسكرية في جبهة الجنوب، مُرفقة بتحذيرات من توسّع الحرب وعدم ربط حرب غزة بتهدئة جبهة الجنوب وإلّا تُرِك لبنان يعاني منفرداً من تصاعد الاعتداءات والتدمير، وهو ما ظهر لاحقاً في توسيع العدو الاسرائيلي غاراته الجوية على مناطق بعيدة جداً عن خطوط الجبهة واستهداف المدنيين وتدمير المنازل على رؤوس اصحابها كما حصل مؤخراً في حانين واكثر من منطقة، واستهداف فرق الاسعاف والاطفاء وصيانة البنى التحتية من كهرباء ومياه وسواها في القرى الجنوبية وإحراق الاحراج والبساتين، كنوعٍ من الضغط العسكري الاسرائيلي المترافق مع الضغوط السياسية الغربية، هذا عدا عن عمليات اغتيال كوادر المقاومة، اضافة الى تأكيد قادة الكيان بأنه بعد الانتهاء من غزة سيأتي دور لبنان، ويقع في هذا الموضِع ما قاله وزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت قبل يومين.

 

ويبدو من هذا التوجه أيضاً، انّ كل المقترحات الاميركية والاوروبية لم تُقنع كثيراً قادة الكيان الاسرائيلي بأنّ المطروح سيوفّر الامن والامان بصورة مستدامة لمستوطني مناطق شمال فلسطين المحتلة ولجيش الاحتلال فيها، وان المطلوب إنهاء وجود المقاومة في الجنوب بشكل تام. وحتى لو تم الاتفاق لاحقاً بعد وقف حرب غزة على وقف المواجهات في الجنوب وإجراء مفاوضات حول تثبيت الحدود الجنوبية، فإنّ التجارب الطويلة بين لبنان واسرائيل منذ «تفاهم نيسان» عام 1996، وحتى اتفاق «وقف الاعمال العدائية» بعد حرب تموز 2006 بناء لقرار مجلس الامن 1701، أثبتت انّ اسرائيل لا ولن تلتزم بأي اتفاق وستواصل اللعب على حبال الدعم الدولي لها لتحقيق اهدافها التكتية والاستراتيجية.

 

200 يوم من المواجهات والمجازر الاسرائيلية في لبنان كما في غزة لم تُقنع دول الغرب بأن المطلوب من اسرائيل اكثر بكثير من المطلوب من لبنان، ولم تُحفّزها لطرح اقتراحات متوازنة وعملية لوقف التصعيد من جهة الكيان الاسرائيلي كما من جهة لبنان. ولم تُسلِّم دول الغرب بأن الورقة الفرنسية المُعدلة او اقتراحات الموفد الاميركي هوكشتاين، سواء تطابَقت او اختلفت في بعض التفاصيل والاولويات، لا يمكن أن تمر إلّا بعد وقف الحرب في غزة، وقد باتت هذه ثابتة لن تتغيّر برغم الضغوط السياسية والعسكرية، فالمطلوب معالجة اساس وسبب المشكلة وهو تثبيت حقوق لبنان وسيادته في ارضه ومياهه وسمائه، ووقف التمادي الاسرائيلي في التعدي.

ويأتي قرار رئيس الحكومة الاسرائيلية واركان حربه باقتحام رفح بعملية عسكرية واسعة تستمر لـ 6 اسابيع وتؤدي الى تهجير اكثر من مليون فلسطيني، ليعني حُكمَاً انّ المواجهات في جبهة الجنوب ستستمر وستتطور بحسب تطور الوضع في غزة وارتكابات اسرائيل في القطاع، وبالتالي بحسب ما تقوم به من تعديات على لبنان ومن تصعيد عسكري يَطال المدنيين والمناطق البعيدة عن خطوط المواجهة.

 

ولكن بحسب طبيعة المواجهات القائمة منذ سبعة أشهر والمواقف السياسية لـ»حزب الله» وحلفائه من كل الاقتراحات والمبادرات، وبحسب طبيعة الردود المتدرجة للمقاومة على توسيع اي اعتداء اسرائيلي، لن تغيّر هذه الضغوط العسكرية والسياسية في واقع الامر شيئاً على الارض، ما لم يجترح الغرب اقتراحات وحلولاً مستدامة تعطي لبنان ما تعطيه لإسرائيل واكثر، بإعتباره صاحب الحق.

 

ومع انّ لبنان سيستمر في دفع ثمن المواجهات وحيداً، فإن الكيان الاسرائيلي سيدفع ايضاً اثماناً اضافية في جيشه ومستوطنيه… «والحرب سجال يوم لك ويوم عليك».