IMLebanon

اوقفوا هذه المهزلة  

 

السؤال يطرح ذاته: إلى متى؟

 

إلى متى سيبقى لبنان تحت وطأة الأزمات والعراقيل المفتعلة؟

إلى متى ستظل المسائل تتناسل قضايا، والقضايا تتناسل أزمات؟ والأزمات تتناسل مآزق فيتجمّد البلد ويتكربج الإنتاج بانتظار الفرج الذي لا يأتي إلاّ متأخراً، بعدما يكون القطار قد فاتنا؟

تسع سنوات بأشهرها وأيامها ولياليها حتى جاء الفرج في الانتخابات النيابية… ومهما كان رأينا في قانون الانتخاب معروفاً وقد أعلناه هنا غير مرّة، فالمهم أنّ الانتخابات أُجريت! ولكن ألم يكن من الأجدى إجراؤها في مواعيدها أقله من أجل حفظ ماء الوجه أمام الرأي العام الدولي الذي يراقب ويسجّل ويحاسب؟

وأشهراً طويلة يستغرقها تشكيل الحكومة، وقد بلغ التأخير والعراقيل والصعوبات الذروة مع حكومة الرئيس تمام سلام التي لم تبصر النور إلاّ بعد مخاض عسير جداً استمر أحد عشر شهراً؟

فأي منطق يجيز هكذا تأخيراً؟ أي عقل سياسي ناضج يقبل أن يبقى البلد مثل هذا الوقت الطويل من دون سلطة تنفيذية؟

وهنا لا يُعْتَدّ بالمقارنة بين الوقت الواجب لتشكيل الحكومة عندنا وبين ما يستغرقه تشكيلها عند بعض الدول الغربية، خصوصاً في بلجيكا وإيطاليا… صحيح أنّ الحكومات لا تشكل في روما وبروكسيل بسهولة ولكن التأخير لا ينعكس سلباً هناك لأنّ لديهم إدارة فاعلة يمكنها أن تغطّي الفراغ وتسدّ ثغرة عدم وجود حكومة إلاّ لتصريف الأعمال، أمّا عندنا فوضع الإدارة معروف ولن نسهب في الكلام عليه لأنّه يحكي عن ذاته بذاته.

ثلاث سنوات تقريباً بقينا في ظل الفراغ الرئاسي الذي مرّ البلد خلاله بالكثير من القطوعات… والأكثر اننا كنّا على أبواب تصنيفنا بلداً فاشلاً…

وعندما انتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية استعادت الدولة رأسها… وتمّ تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري (التي تصرّف الأعمال حاليا) بسلاسة مشهودة… وتفاءل الجميع خيراً.

وها نحن اليوم نقترب من نهاية الشهر الثاني على التكليف من دون أن تتضح معالم التأليف في الأفق، فما تكاد تنعشنا هبّة باردة حتى تلفحنا هبّات ساخنة… وهكذا دواليك، فالتفاؤل لا يصمد وسرعان ما يسقط بعرقلة من هنا، وشرط من هناك، وبتغريدة من هنالك… على ما عهدناه في الأسابيع والأيام الأخيرة… وذلك كله لم يمر بسهولة بل انه ترك تداعيات لا حصر لها.

صحيح أننا ما زلنا ضمن الإطار المعقول للتشكيل، ولكننا أمام دفعات متتالية من العراقيل والصعوبات التي تفرّخ كل يوم، ما يدفع الى التساؤل عمّا إذا كان الكثيرون من السياسيين عندنا جادّين في الوصول الى الخاتمة السعيدة بقيام الحكومة التي ينتظرها العباد والبلاد، والتي يعوّل عليها العالم الخارجي الكثير، خصوصاً وأنّ تنفيذ مقرّرات بعض المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان، وبالذات “باريس 4” (سادر 1)، يتوقف على تشكيل الحكومة.

إننا ما زلنا في خلاف على جنس الملائكة بينما العالم من حولنا يتجه الى تحوّلات كبيرة جذرية قد تكون تداعياتها سيّئة جداً علينا (إن لم تكن كارثية) إذا لم نهيّئ أنفسنا لمواكبتها، وهذا لا يكون إلاّ بدءًا بتشكيل الحكومة العتيدة.

إنّ هذه الجرجرة في ابتكار العراقيل يجب أن يوضع لها حد، والذين يدّعون أنهم يسهّلون مهمّة الرئيس المكلف الشيخ سعد الحريري عليهم أن يقرنوا القول بالفعل، وليعلموا أنّ الناس تعرف ولم تعد تجوز عليها هذه الألاعيب التي تهدف الى تحقيق المكاسب الشخصية على حساب مصلحة الوطن العليا.

عوني الكعكي