IMLebanon

منعاً للإنتحار الجماعي…في أي مصرف يُصرَف هذا التحرُّك؟

لدى رجل الاقتصاد، عادة، معادلة حسابية دائماً حاضرة في اللاوعي، عنوانها: هل تستطيع أخذ الموضوع الى البنك؟ هل الخطوة مُربحة اقتصادياً أو خاسرة؟

لنبدأ ببعض الاسئلة أو التساؤلات، لبناني اشترى قطعة أرض ويريد بناء مركز تجاري او سكني… فهل سيستمر في هذا المشروع بعد لقاء البيال أو سيُفرمِل؟ موظفة لبنانية ادّخرت بعض المال وتريد شراء سيارة، هل ستتوجه الى صالة لبيع السيارات بعد لقاء البيال؟

وصديقتها التي كانت تريد التوجّه الى مجمّع الـABC بُغية التسوّق لفصل الصيف هل ستنطلق بثقة أكبر الى المجمّع التجاري للتسوّق وتمضية النهار؟ وصديقنا الذي باع «ورتِة الأهل» ووضع المليون دولار في المصرف اللبناني، هل سيأخذ بنصيحة أخيه في لندن وينقل مدّخراته من المصرف اللبناني الى المصرف البريطاني أو سيترك مدّخراته في لبنان؟

وزميلي الصناعي الذي يريد الانطلاق بخط إنتاج جديد او مَن يدرس مشروعاً استثمارياً جديداً، هل سيستمر بعد اجتماع البيال ام سيتوقف؟ وهل اللبناني المغترب في كندا سيقرر ان يسوح في لبنان على أثر لقاء البيال؟ وهل اصدقاؤنا الخليجيون سيتحمسون اكثر فأكثر لزيارة لبنان على أثر لقاء البيال؟

وهل المريض العراقي يأتي للاسشتفاء في لبنان على أثر لقاء البيال؟ واذا لم نبدأ بحملة على سلامة الغذاء والمطاعم او حتمية انهيار الوضع الأمني كما نفعل في بداية كل موسم صيفي، نتكلم اليوم عن الانتحار الجماعي في بدء الموسم الصيفي؟

كلها أسئلة ذات بُعد اقتصادي، هل يُصرف هذا التحرّك اليوم في اي مصرف؟ وما هي جدواه الحقيقية وانعكاسه على الثقة الاقتصادية في البلد؟ أي بمعنى آخر، ما موقع هذا التحرّك بحسب المعادلة التي تحدّثنا عنها في بداية المقال؟ وما هي النتيجة المتوخّاة من هذا اللقاء؟

تعود بي الذاكرة الى الاضراب الذي أعلنته الهيئات الاقتصادية للضغط على الرئيس ميقاتي للاستقالة. المقولة التي أطلقتها هذه الهيئات بأنّ الخير آت بعد استقالة هذه الحكومة، وبقي هذا الضغط أشهراً، استقالت بعدها حكومة الميقاتي، وبقينا 11 شهراً من دون حكومة… وهنا أسأل القارىء: هل تحسنت الاوضاع الاقتصادية او لم تتحسن مع تغيّر الحكومات؟ وهل أدّت الاستقالة الى استقرار أو نمو اقتصادي؟ وهل الوضع الاقتصادي اليوم افضل ممّا كان عليه يومها؟ هل من مُجيب؟

أعود الى تحرّك البيال أمس، لا شك عندي بنوايا الهيئات الاقتصادية وغيرتها على المصلحة الاقتصادية في البلاد، وخصوصاً تصريح الصديق محمد شقير الذي أعلن بوضوح ان لا أبعاد سياسية لهذا التحرك. وهنا أسأل كأيّ مراقب اقتصادي: هل زيادة اليأس عند اللبنانيين هي من باب الحكمة الاقتصادية؟ وهنا لا بد من الاشارة الى انّ الارقام في الماكرو لا تشير الى الانهيارات. نعم، يوجد تراجع في رخص البناء.

وهذا نتيجة طبيعية للاوضاع في المنطقة، وله علاقة بالعرض والطلب. امّا التراجع في التصدير فيعود الى الحصار البري والكلفة المرتفعة للشحن بحراً، ولكنّ نسبة النمو تبقى مقبولة كما الايداعات المصرفية ونسَب الاستيراد.

ما هي النتائج التي يتوخّاها المجتمعون في البيال؟ الإقتصادي لا يتحرك عادة الّا بعد إجراء حساب دقيق عن جدوى التَحرّك. لقد أصبح من الواضح انّ محاولات جَرّ الهيئات الاقتصادية الى مواقف سياسية واستغلال الهيئات لتسويق وجهة نظر سياسية نجحت الى حد بعيد، فأصبحت الهيئات أداة لبعض القوى السياسية تُحرّكها غبّ الطلب. وأغرب ما قرأتُ وسمعت بأنّ هذا التحرك هو أوّل الغيث، فهل رؤساء وحكماء الهيئات يعتبرون انّ هذا التحرك له ردود فِعل إيجابية وهو سيُجبر اهل السياسة على اعتماد سياسة اقتصادية تختلف عن السياسة المتّبعَة اليوم؟

فلنأخذ بعض المواقف الاقتصادية الواضحة وضوح الشمس، والتي لم تحرّك الهيئات الاقتصادية ساكناً لاتخاذ موقف تجاهها. البلد معزول عن العالم برّاً بأغلى تكاليف تصدير في العالم، لكنّ الهيئات لا تتحرك بأيّ شكل من الاشكال لمعالجة المشكلة. مرفأ بيروت يكلّف المستورد والمصدر رسوماً نوعية بحسب نوع البضاعة ولا تدخل هذه الرسوم الى مالية لبنان، والهيئات الاقتصادية لا يعنيها الموضوع لا من قريب ولا من بعيد.

نعم ان الواقع الاقتصادي يمر بظروف صعبة والاسباب ليست محلية فقط ولكنها اسباب اقليمية ولكن لا بد من الايضاح بأن وضع الاقتصاد العالمي ومنه انخفاض اسعار النفط وانخفاض الفوائد المصرفية كان له اثر ايجابي على الوضع الاقتصادي اللبناني واعطى لبنان فرصة ثانية او كما يقولون Time Out لاعادة النظر بسياسة اقتصادية ومالية واضحة المعالم يكون فيه راي الهيئات الاقتصادية مرجحاً كما نتمناه لسياسة اقتصادية مستقبلية للبنان.

واخيرا سأتكلم بصراحتي المعهودة والتي يلومني البعض عليها ، الغاية الاساسية من اللقاء لنقول للبنانيين « انتخبوا رئيسا كيفما كان « وبأسرع وقت ممكن وهذا كفيل بعودة الاستقرار والامن والبحبوحة تماماً كما قيل لنا تخلصوا من حكومة الميقاتي تنحل كل مشاكلنا الاقتصادية ، جوابي واضح كل الذين ذكرتهم اعلاه لن يستثمروا ولن ينفقوا من دون الشعور بان الرئيس العتيد هو رئيس قوي قادر على تغيير كل المعادلات ومنها المعادلات الاقتصادية المتبعة سابقاً ، رئيس يملك العدة لاجراء التغيير ومن بين هذه العدة فريق عمل وكتلة نيابية وازنة لفرض تغييرات اقتصادية.