IMLebanon

السلطة تخشى خوض المغامرة الإنتخابية… والمتن الشمالي نسبي

 

فهمي لـ”نداء الوطن”: سأقوم بواجباتي… لكن الانتخابات الفرعية مستبعدة

إستبعد وزير الداخلية محمد فهمي اجراء الانتخابات النيابية الفرعية لوجود أسباب تعيق هذه العملية، وإذ أكد نيته القيام بواجباته القانونية بدعوة الهيئات الناخبة، قال ان اجراء الانتخابات أمر يقرره رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس حكومة تصريف الاعمال. غير ان مصادر سياسية مطلعة قالت ان “حصول هذه الانتخابات غير وارد لا اليوم ولا بعد شهرين والموانع كثيرة”.

 

ليست المرة الاولى التي يشهد فيها مجلس النواب شغوراً في عدد مقاعده لكنها المرة الاولى في تاريخ لبنان التي يصل فيها عدد المقاعد النيابية الشاغرة الى عشرة مقاعد بعد وفاة النائبين جان عبيد وميشال المر في غضون اسبوعين، واستقالة ثمانية نواب إثر انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب من العام الماضي.

 

وبغض النظر عن العدد، وسواء كان الشغور مقعداً واحداً أو عشرة فإن للناخب حقاً اكتسبه بموجب الدستور وهو اختيار بديل عن النائب الذي شغل مقعده بفعل الوفاة او الاستقالة. وتنص المادة (41) من الدستور على أنه إذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في انتخاب الخلف خلال شهرين، ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد أجل نيابة العضو القديم الذي يحل محله، أي أن النائب الذي يُنتخب حديثاً يكمّل الولاية إلى حين انتهاء ولاية المجلس النيابي. والتزاماً بهذه المادة فالمفترض ان تدعو وزارة الداخلية الى انتخابات فرعية لملء مقعدي عبيد والمر الشاغرين خلال شهرين من تاريخ الشغور.

 

أما ملء شغور مقاعد النواب المستقيلين فقد سبق وأن أصدر الوزير محمد فهمي كتاب دعوة الهيئات الناخبة لإجراء الإنتخابات النيابية الفرعية في الدوائر التي شغرت مقاعدها، ولم يحدد موعداً ثابتاً لها، وإنما أشار إلى وجوب إجرائها إلتزاماً بالنص الدستوري وأرسله الى الحكومة، موصياً بإجرائها قبل تاريخ 13 تشرين الأول أي خلال شهرين من تاريخ الشغور، لكن الحكومة ارتأت عدم اجراء الانتخابات لأسباب منها الاجواء التي سادت في اعقاب انفجار المرفأ والاوضاع الاقتصادية، وهو ما اعتبر مخالفة دستورية واضحة. وهذا ما تم تبريره في حينه بانه جاء بناء على رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، التي اعتبرت أنه بإمكان مجلس الوزراء اتخاذ قرار بتأجيل الإنتخابات الفرعية الى موعد يحدد لاحقاً.

 

ومع وفاة النائبين عبيد والمر بلغ عدد المقاعد الشاغرة حالياً عشرة مقاعد موزعة على النحو التالي: جان عبيد في دائرة طرابلس، مروان حمادة وهنري حلو في دائرة الشوف عاليه، سامي الجميل والياس حنكش وميشال المر في دائرة المتن، نعمة افرام في دائرة جبيل كسروان، ميشال معوض في دائرة زغرتا، نديم الجميل وبولا يعقوبيان في دائرة بيروت الأولى.

 

وكما في المرة الاولى كذلك اليوم ينوي الوزير فهمي القيام بواجبه من الناحية القانونية واصدار دعوة الهيئات الناخبة والتقدم من رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الاعمال بكتاب اجراء الانتخابات. لكن الوزير الاول المعني بهذا الملف لا يرى امكانية لاجراء هذه الانتخابات في موعدها بالنظر الى وجود صعوبات لخّصها بثلاث هي: الوضع الصحي بسبب انتشار جائحة كورونا، والوضع الاقتصادي والمالي بالنظر لكلفة اجراء الانتخابات، فهناك الوضع اللوجستي الذي لن يسمح باجراء هذه الانتخابات حكماً، فضلاً عن عدم وجود حكومة أصيلة، وهذه نقطة يأسف لها فهمي لكنها لن تحول دون قيامه بواجبه. وفي اتصال مع “نداء الوطن”، أكد فهمي أن “قرار اجراء الانتخابات الفرعية من عدمه رهن الاتفاق بين رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الاعمال”، ولو ان الامر من وجهة نظره غير ممكن، فيقول جازماً: “لا مجال لاجراء انتخابات فرعية بسبب الخوف من جائحة كورونا والوضع اللوجستي والكلفة المادية والصعوبة اللوجستية طبعاً”.

 

بارود: أسباب لا تعيق إجراء الانتخابات

 

لكن الأسباب التي أوردها وزير الداخلية والبلديات، لا يراها وزير الداخلية الأسبق الخبير الدستوري زياد بارود تعيق اجراء الانتخابات الفردية، إنما “يمكن من خلال التعاون بين وزارتي الصحة والداخلية تنظيم الانتخابات خصوصاً وان المدارس فارغة من طلابها، كما يمكن تأمين النفقات المالية من احتياطي الموازنة بناء لموافقة استثنائية”.

 

ويؤكد بارود ان اجراء هذه الانتخابات ليس موجباً بفعل ما ينص عليه قانون الانتخاب فحسب وانما بموجب دستوري نصت عليه المادة 41 من الدستور، التي تتحدث عن وجوب الشروع في انتخاب الخلف خلال شهرين، وبالتالي فان النص يتحدث بصيغة الوجوب ما يجعل الفعل واجباً وليس خياراً وتأجيله او التمنع عن اجراء الانتخابات يعد مخالفة دستورية بلا جدل.

 

حين تسلم مهامه كوزير للداخلية أصدر بارود مرسوماً باجراء الانتخابات الفرعية لملء مقعد نيابي شغر باغتيال النائب انطوان غانم في دائرة بعبدا، قبل ستة اشهر من انتهاء ولاية مجلس النواب وارسله الى رئاسة الحكومة لرفع المسؤولية الدستورية عنه، حتى ولو كان يعرف ان هذه الانتخابات لن تحصل.

 

ولذا يجد ان توقيع فهمي على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وارسال كتاب بشأن موعد الانتخابات الى الرئيسين “واجب لا بد منه، بمعزل عما تقرره السلطة السياسية واذا قررت هذه السلطة الا تجري الانتخابات الفردية فهي بذلك ترتكب مخالفة كبيرة للدستور”.

 

ورغم ذلك تؤكد مصادر سياسية عليمة ان اجراء الانتخابات الفرعية غير وارد في المرحلة الراهنة بالنظر الى الظروف التي تعيق اجراءها، واولها عدم وجود حكومة والاجواء السياسية المتأزمة.

 

نسبي أو اكثري؟

 

وفي حال حصلت الانتخابات الفرعية فهي ستجرى حكماً بناء على الفقرة الرابعة من المادة 43 من قانون الانتخاب 44/2017، التي تنصّ على أن “تجرى الانتخابات النيابية الفرعية لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرى العائد لها هذا المقعد، وفقاً لنظام الاقتراع الأكثري على دورة واحدة، أما إذا تخطّى الشغور المقعدين في الدائرة الانتخابية الكبرى، فيُعتمد نظام الاقتراع النسبي وِفق أحكام هذا القانون”. ما يعني أن قضاءي الشوف وعاليه سيخوضان الانتخابات وفقاً للنظام الأكثري ولأن عدد المقاعد الشاغرة في دائرة بيروت الأولى هو مقعدان فإن الانتخابات ستجرى أيضاً على أساس النظام الأكثري. فيما ستجرى في المتن الشمالي، حيث ثلاثة مقاعد شاغرة، وفقاً للنظام النسبي على المقعدين المارونيين (خلفاً للجميل وحنكش) والمقعد الأرثوذكسي (خلفاً لميشال المر). أما في كسروان التي استقال منها النائب نعمة افرام، فسيُعتمد النظام الأكثري. الأمر نفسه في زغرتا حيث استقال ميشال معوض وفي طرابلس حيث النائب الراحل جان عبيد.

 

شغور يفتح شهية الكثيرين لخوض المغامرة ترشحاً وتحالفاً لا سيما في المتن الشمالي، ومن اليوم وحتى فرضية اجراء هذه الانتخابات بعد شهرين تكون المعطيات قد تغيرت، واذا كانت في الشوف كما عاليه محسومة فالانتخابات في بيروت لا يمكن حسم وضعها بالنظر الى حجم الاقبال الضئيل على صناديق الاقتراع، الذي شهدناه في الانتخابات الاخيرة وفوز يعقوبيان بأصوات قليلة، لكن الانتخابات الاهم ستكون حكماً في المتن حيث فاز المر الاب بنحو 13000 صوت تفضيلي ولكن من غير المعروف بعد ما اذا كانت عائلة المر ستتفق في ما بينها على مرشح واحد، وماذا سيكون قرار الوزير السابق الياس المر الذي يفكر بترشيح نجله ميشال المر عن مقعد جده، وماذا سيكون وضع ترشيحات “الكتائب” في المتن وهل سيعاود نعمة فرام الترشح في كسروان ام سيدعم بديلاً عنه، ام سيعيد “التيار” المقعد الى حضنه مجدداً فيما لم يعرف موقف “القوات” حيث من المرجح ألا تدخل المعركة مباشرة.

 

مغامرة جديدة قد لا تجد السلطة مصلحة بخوضها وهي المنقسمة على ذاتها الى سلطات، وطالما يتم الحديث عن احتمال عدم إجراء انتخابات نيابية في موعدها الدستوري ربيع 2022 فكيف يمكن أن تجري السلطة الإنتخابات الفرعية؟