IMLebanon

الطائفة السنية مستهدفة… ولو إلى حين

 

شكرا لوليد جنبلاط الذي تكرّم بالإشارة إلى أن الطائفة السنية هي قيد الإستهداف، وشكرا لكل من يعتبر نتيجة الأوضاع القائمة أن الطائفة السنية هي في موقع الإستهداف الشديد، وشكرا لكل من يرى في الوضع الميثاقي القائم خللا شديدا خبيث الغاية، شديد الوقع، يستهدف قلب التركيبة اللبنانية رأسا على عقب، وأكثر ما يدعو إلى الأسف أن هذه الطائفة أسهمت من خلال بعض قياداتها، في تعبيد الطرق الآيلة إلى محاولة محوها من الخارطة السياسية، وتعطيل دورها الوطني والشعبي والسياسي، وضمها بشكل أو بآخر إلى مسيرة خطّط لها ولفرضها بحكم السلاح وتحكمه، والإمساك بخناق الحياة الوطنية من خلال جملة من التصرفات المؤسفة وفي طليعتها ذلك القانون الإنتخابي الممهور بالاستهدافات الطائفية والمذهبية، الذي مكّن من بيدهم الشأن ومفاتيح التصرف، من الإمساك بأوضاع البلاد والعباد، والتحكّم بمقاليد المجلس النيابي وقراراته وتوجهاته، ولعل أبلغ ما مّكنهم من ذلك، تلك التغطية التي قدمها لهم التيار الوطني الحر، القابع بعيدا عن توجهات الرأي العام اللبناني عموما والمسيحي خصوصا، والمخالف للتوجهات الوطنية لمنطلقات بكركي حديثة الإطلاق والتصميم والسعي إلى تحقيق وضع وطني متوازن واستقرار أمني وسياسي شامل بعيدٍ عن الغوص في مغامرات تتجاوز الحدود اللبنانية وتنغمس في مداخلات مسلّحة خارج الحدود، شديدة الوقع والأثر على الوجود اللبناني وسلامة أرواح اللبنانيين واستقرار أوضاعهم.

 

نعم، أما وأنّ الكيان اللبناني ما زال حتى تاريخه كيانا ميثاقيا طائفيا، وأما وأن الأوضاع التي سادت بعد «ثورة تشرين» السالفة وما حققته على الصعيد اللبناني من تحولات وإنجازات تغييرية، وأما وأنّ أولي الشأن السياسي القائم قد تمكنوا بسبل شتى من كبح جماحاتها، وساعدهم على ذلك تفشّي وباء الكورونا الذي عطّل الكثير من طاقات البلاد، فإن من العدل الميثاقي أن تسود المواقع كل تلك الإشارات الصائبة إلى أن الطائفة السنية، المعروفة بوطنيتها وأصالة انتماءاتها الميثاقية، هي في الأوضاع القائمة، خارج الحسابات والإصطفافات، ويبدو أن من بيدهم شأن هذه الأيام القاتمة مرتاحون إلى هذا الوضع غير الطبيعي، المتلطّي بجملة من المخابئ والبراقع، منها تلك الحكومة القائمة التي أمسكت بشؤون الحكم بيد زعمت أنها تمثل الثوار وانتماءاتهم، وتتألف من كوادر تكنوقراطية، سريعا ما أسدلت عليها ستارات الطاعة المطلقة إلى الجهات التي أوجدتها وتبنتها، ومع ذلك عمد اللبنانيون إلى اعتبارها تركيبة جديدة علّ الخير أو بعضا منه، ينتج من خلالها، إلاّ أنها مع الأسف، أضافت إلى انتماءاتها إلى الجهات الحاكمة والمتحكمة، برودة وضآلة وضياعا في العمل، حيث سبق لرئيسها أن ذكر بأن حكومته قد حققت 97% من الإنجازات المطلوبة، فكان ذلك ضحكا على ذقون الناس وعقولهم، ومع الأسف ما زال هذا الضحك مستمرا، وهذا الجمود قائما، وهذا الوضع الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي السيّئ متماديا. هي حكومة بعض الأحزاب دون سواهم، ويبدو أنّ طاقاتها على العمل وخبرتها السياسية والإجتماعية والإقتصادية، إضافة إلى أنها محدودة المدى والإمكانيات ومتمترسة باهتزاز، وسط المطبّات والموانع والعراقيل، وفي مطلق الأحوال إن تركيبتها القائمة لا تنم عن شموليتها الميثاقية والاجتماعية. هي حكومة تختصر في تركيبتها وتصرفاتها وتعييناتها ومواقفها في القضايا العامة بما فيه الوضع الاقتصادي والمعيشي، عن انتماء مطلق إلى من بيدهم الأمر والنهي، وها هي بعيدة كل البعد، عن أي تواصل ذي شأن وذي مغزى ونتيجة، سواء في ما يتعلق بالعالم العربي أو ما تعلق بالأصدقاء الدوليين، كما هو الوضع الذي بات مكشوفا ومعروفا مع فرنسا، حيث أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ما زالت قريبة العهد، قريبة التأنيب والتعنيف والمطالبة الصارمة لأولي الشأن لدينا بتغيير نمط تصرفاتهم المستسلمة إلى واقع الإنحطاط والجمود والتراجع المأساوي إلى حدود تبعث إلى الحسرة والألم. دعوة فرنسا إلى اللبنانيين، أن ساعدوا أنفسكم لنتمكن من مساعدتكم بقيت أثرا بعد عين، ليس لها إلا الصدى، وما زالت حتى الآن بعيدة عن أي أثر واقعي يعيد البلاد إلى حدّ أدنى من الصمود أمام المآسي التي تسبب بها سياسيو هذا الوطن المنكوب والمغلوب على أمره. والغريب أن يواجه الرئيس دياب موقف لودريان بمجابهة متعنتة ومعاندة للتصرف الفرنسي الحريص على سلامة أوضاع هذه البلاد بما يشكل استفاقة مفاجئة للحكومة لا شك في أنها نتيجة لإيحاءات من بيدهم الشأن.

 

وبعد، وسط هذا الواقع المأساوي، ليس غريبا أن تكون الطائفة السنية العريقة في ميثاقيتها ووطنيتها مستهدفة بقوة وإصرار، وليس غريبا أن تكون معاناتها قابلة للانفجار الجماهيري المحتقن، خاصة وأنها مشفوعة، بوضع إقتصادي ومعيشي وصحي (كورونا) غاية في السوء والإنحدار، وخاصة أن هناك قيادات في السلطة ما زالت تمسك بزمام الشذوذ والامتناع عن اجراء الاصلاحات المطلوبة وفي طليعتها بعض مما هو معروف ومكشوف: «الكهرباء وحواشيها مثلا». تصحيح الأوضاع من منطلقات سيادية وطنية شاملة هو المطلوب، وتقويم الإعوجاج الشديد في الوضع السني الميثاقي، يأتي في مقدمة ما هو مطلوب، ذلك أن الطائفة السنية مستهدفة… ولو إلى حين.