IMLebanon

«المستقبل» يُلدغ من جحر دار الفتوى: تعيينات «نكْث الوعود»!

 

 

أصدر مفتي الجمهوريّة، الشيخ عبد اللطيف دريان، أمس قراراً بتعيين 8 أعضاء في «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى». نظرياً، يُحسب هؤلاء من حصّة «تيّار المستقبل»، لكنّهم فعلياً من حصّة دار الفتوى، خصوصاً بعدما تراجع دريان عن وعودٍ أعطاها لقياديين في «المستقبل» بتعيين بعض الشخصيات، خصوصاً النائب السابق سمير الجسر نائباً لرئيس المجلس

 

نهج العقاب الذي اعتمده مفتي الجمهوريّة، الشيخ عبد اللطيف دريان، أثناء تشكيل لائحة توافقيّة لخوض انتخابات «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» في بيروت، هو نفسه الذي انتهجه أيضاً في اختيار الأعضاء الثمانية الذين عيّنهم في المجلس، بناء على أحكام المرسوم 18 المُنظّم لشؤون الطائفة السنيّة.

 

كلّ من والاه في التمديد، كان نصيبه «تفاحة» في «المجلس الشرعي»، فيما الغضب نزل على أولئك الذين تغيّبوا ورفضوا إدخال التعديلات على المرسوم 18. لذلك، أعاد في قرار التعيين أمس جميع الأعضاء المُعيّنين سابقاً لحضورهم جلسة التمديد أو المفتين الجدد، الذين لم يُعارضوا القرار، لتكون النتيجة تعيين كلّ من: رئيس المحكمة الشرعية السنيّة العُليا الشيخ محمّد عساف (بيروت)، مفتي طرابلس الشيخ محمد إمام (الشمال)، مفتي عكّار الشيخ زيد بكّار زكريا (عكّار)، القاضي المدني إيّاد بردان (الجنوب)، نقيب المحامين السابق محمد المراد (عكّار)، محمود صميلي (البقاع/ راشيا)، أحمد وهبة (البقاع/ بعلبك) وكامل دمياطي (بيروت).

 

في العلن، لم تحمل هذه التعيينات إلا محاولة لإرضاء «الزرق» باعتبار أنّ معظمهم من صقور «التيّار» (وهبة، صميلي، المراد). لكنّ بين السّطور، الأمر مختلف بعدما عرف دريان «كيف يلعبها» بضربةٍ على الحافر وأُخرى على المسمار، إذ انتقى من بين «المستقبليين» من «ينام على يده» ومن يختار المفتي في حال كانت المفاضلة بينه وبين «التيّار».

والأهم من ذلك، أن دريان دخل من ثغرة الخلافات الدّاخلية في «المستقبل»، أو على الأقل أوحى بذلك، بعدما قرّر إرضاء الرئيس سعد الحريري وعمّته بعضوين محسوبين عليهما، فيما «ضرب» الأمين العام، أحمد الحريري، ورئيس «جمعيّة بيروت للتنمية الاجتماعيّة»، أحمد هاشميّة، رداً على دورهما في انتخابات «الشرعي»، بعدما رأى أنّ دعم بعض الشخصيّات، كالمستشار الديني لرئاسة الحكومة، الشيخ فؤاد زرّاد، ورئيس «جمعية الفتوة الإسلاميّة»، الشيخ زياد الصاحب، والقاضي الشرعي، الشيخ عبد العزيز الشافعي، وإلحاق الهزيمة ببعض المقربين منه، بمنزلة «صفعة» تلقّاها من «الأحمدين». وكان أوّل الغيث بردّ الصفعة نكث دريان بوعوده، بعدما اتفق مع «المستقبل» على تعيين النائب السابق سمير الجسر نائباً لرئيس «المجلس الشرعي»، والمنسّق العام للإدارات المحليّة والجمعيّات الأهليّة في «المستقبل» جلال كبريت عضواً عن بيروت. فاختار دريان المفتي إمام بدلاً من الجسر، بعدما تناغم الرجلان في انتخابات «الشرعي» ونجحا سوياً في «تطيير» الشيخ أمير رعد، الذي لم يُشارك في جلسة التمديد. فيما اختار شخصيّة مغمورة في العاصمة (دمياطي) ليتبيّن أنّه أقصى الرّجل المقرّب من أحمد الحريري كُرمى لعيون النائب فؤاد مخزومي، بعدما تردّد كلام أنّ الأخير يدعم دار الفتوى بمساعدات شهريّة!

وإذا كان دريان عرف كيف يدير الأمور بالحسابات السياسية، فإنّ الحفاظ على امتلاكه ثلثي المجلس كان أيضاً من أولويّاته. وهو ما بدا باختياره أشخاصاً محسوبين عليه في التعيينات من دون أن يكون في مقدورهم مُعارضته، خصوصاً بعدما فوجئ بالنتائج في بعض المناطق كبيروت وعكّار.

في المقابل، يبدو أنّ هويّة نائب رئيس المجلس قد تتحوّل إلى «أزمة»، علماً أن العرف يقضي باختيار قانوني مدني من الشمال كالوزير عمر مسقاوي، وكان من المتفق أن يخلفه الجسر. ولأنّ الأمر لم يحصل، لم يعد في إمكان دريان إلا اختيار أحد المدنيين المنتخبين (كالمراد باعتباره قانونياً، ولكن من عكّار وليس الشمال) أو تعيين إمام، وهو ما عارضه البعض كوْن عسّاف أعلى منه في رئاسة المحكمة، ولا يمكن أن يرأسه في المجلس في حال غياب المفتي. فيما تردّد كلام عن إمكانية تعيين عسّاف، مع ما سيتبع ذلك من «نقمةٍ شمالية».