IMLebanon

لا عودة إلى سوريا… النازحون غير خائفين من الحرب!

 

 

«ما حدا رِجِع». بهذه العبارة يختصر مسؤولون وعاملون على ملف النزوح السوري الإجابة على سؤال عما إذا كانت هناك عودة ملحوظة لنازحين إلى بلادهم، إثر عملية «طوفان الأقصى»، والتخوُّف من احتمال اندلاع حرب واسعة بين لبنان وإسرائيل في ظلّ الاشتباكات الدائرة في الجنوب.

 

ويقول الباحث في «الدولية للمعلومات» الدكتور محمد شمس الدين لـ»نداء الوطن»: «حتى في الجنوب غادر أهل الجنوب وبقي النازحون ولم يخافوا»، مشيراً إلى أنّ هناك «قرى جنوبية باتت خالية من أهلها ولم يبق فيها إلّا السوريون». كذلك يوضح أن لا حالة نزوح داخلية كبيرة للسوريين من الجنوب إلى مناطق أخرى على غرار نزوح اللبنانيين، هذا على رغم أنّ النزوح من الجنوب ازداد مع توسُّع رقعة المواجهة التي لم تعُد محصورة بقرى الشريط الحدودي من شبعا إلى الناقورة، حتى أنّ هناك عائلات نزحت من النبطية. وفي حين بلغ عدد النازحين مع بدء الاشتباكات جنوباً 25 ألف شخص بات الآن نحو 75 ألف شخص.

 

في أزمة النزوح الداخلي، تدعم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والتي تقدّم مساعدات أساساً للنازحين السوريين، جهود الحكومة اللبنانية في الإستعداد والإستجابة، بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة، لمساعدة الفئات السكانية المتضرّرة كلّها، من لبنانيين ونازحين سوريين. ومن ضمن المساعدات التي تقدّمها المفوضية في هذا الإطار، تدعم إعادة تأهيل ملاجئ جماعية للعائلات النازحة، ومعظمها لبنانية، بحسب مصادر المفوضية. وهذا يدلّ إلى أنّ معظم النازحين داخل لبنان إثر عملية «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الأول 2023 والحرب الدائرة في غزة، هم من اللبنانيين.

 

وإذ سرق شبح الحرب والاشتباكات جنوباً الأضواء من ملف النزوح السوري وخصوصاً «النزوح الجديد» خلال الأشهر الأخيرة، لوحِظ تراجع في أعداد السوريين الذين يحاولون الدخول خلسةً إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية خصوصاً عبر الحدود الشمالية. إلّا أنّ تراجع وتيرة «النزوح الجديد» غير مرتبط بالتخوف من حرب في لبنان بحسب مصادر أمنية، لأنّ هذا التراجع بدأ قبل «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الماضي.

 

وتعود أسباب هذا التراجع بالدرجة الأولى إلى الإجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني على الحدود وجهوده لمنع تسلّل السوريين إلى لبنان بطرق غير شرعية، إضافةً إلى اقتراب موسم الشتاء وبدء العواصف ما يصعّب التهريب براً والهجرة غير الشرعية نحو أوروبا بحراً، فضلاً عن أنّ الجيش يعزّز إجراءاته داخلياً ويرحّل من نجحوا بالدخول خلسةً ولا يحوزون الأوراق القانونية، هذا إلى جانب الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان وعدم تمكّن السوريين المقيمين غير الشرعيين من إيجاد عمل في لبنان، فلم يعد أصحاب العمل يتساهلون بذلك نظراً إلى الإجراءات الرسمية من البلديات ومؤسسات الدولة.

 

إلى ذلك، تشير مصادر متابعة لهذا الملف، إلى أنّ نحو 6 آلاف سوري تمكّنوا من الدخول إلى لبنان منذ حزيران الفائت، إلّا أنّ هذه الموجة انتهت لأنّ أسبابها أمنية وسياسية وليست اقتصادية كما يُشاع.

 

ربطاً بأنّ «طوفان الأقصى» قد يؤدّي إلى خلط معادلات كثيرة في منطقة الشرق الأوسط، تتخوّف مصادر ديبلوماسية من أن يتعزّز طرح المجتمع الدولي القاضي بتوطين النازحين السوريين أو دمجهم في المجتمع اللبناني، وتعرب عن قلقها من تكرار سيناريو «اللجوء الفلسطيني» الذي تحوّل بقاءً دائماً منذ 75 عاماً. في المقابل يعتبر وزير سابق معني بهذا الملف أنّ الحلّ بإعادة الإعمار في سوريا، إذ إنّ الإعمار يحتاج إلى يدٍ عاملة ومن المعروف أنّ اليد العاملة السورية بارعة على هذا المستوى، وعندها سيعود النازحون طوعاً بإرادتهم إلى سوريا من دون أي دفع، ولن يبقوا في لبنان إلى الأبد. في كلّ الحالات، لا عودة إلى سوريا حالياً، وإلى حين حلول موعدها، يجب وقف الخلافات اللبنانية والوصول إلى مقاربة واحدة جامعة تتبناها الدولة بكلّ سلطاتها ومؤسساتها، وتسوّقها في الخارج مانعةً فتح أي باب للدمج أو تسهيل الوجود السوري الدائم، وليس أن يختلف التعامل مع هذا الملف بحسب الهوية السياسية للوزير المعني به.