IMLebanon

مصادر سورية: التطوّرات الأخيرة غير مُقلقة والمُهم هو «الشرعية»

لا شك في أنّ التطوّرات العسكرية الأخيرة في كلٍّ من جبهتَي الشمال والجنوب السوري لافتة. ولكن هل المناخات التي أُشيعت حولها واقعية؟ وهل تدلّ فعلاً على ضعف الدولة في سوريا وتراجع الروح القتالية عند ضباط وعناصر الجيش السوري؟

تؤكد مصادر سورية لـ«الجمهورية» أنّ الضجيج الذي أحدثته المعارضة ومعها الدول الراعية لها حول «اللواء 52» مضخَّم ومفتَعَل. لم يسقط اللواء كاملاً لأنّ قطعاته منتشرة في المحافظات الجنوبية وتقاتل على مختلف الجبهات.

صحيحٌ أنّ «مقرّ اللواء» سقط بأيدي المسلّحين بعد معركة قاسية، ولكنّ هذا الموضوع لا يعني شيئاً بالمقاييس العسكرية. فالجيش يخوض معركة منذ أربع سنوات، وهذه التراجعات يمكن وضعها في السياق المنطقي للحرب، والجميع يدرك بأنّ تفعيل الزخم العسكري في الجنوب وكذلك في الشمال جاء نتيجة توحيد الجهود بين الرياض وأنقرة والدوحة عسكرياً ومن خلال الفصائل المسلَّحة التي يدعمونها.

سيطرة العناصر المسلَّحة على مناطق في الجنوب لا ينهي المعركة. ثمّة وحدات للجيش السوري تقاتل في درعا المدينة والمحافظة، وكذلك في السويداء، وكذلك في القنيطرة.

وضع السويداء ليس مقلقاً، وفي الإمكان التعاون مع قوات الدفاع الوطني من أبناء المحافظة للدفاع عن قراهم ومناطقهم والسلاح متوفر وموجود في المخازن العسكرية وفي بيوت المواطنين، أمّا في محافظة درعا وريفها والقنيطرة وريفها فلا يزال وضع الجيش السوري قوياً ومتماسكاً ولذلك فإنّ الأجواء التي تشيعها القنوات الإعلامية حول جبهة الجنوب غير واقعية والمعركة لم تنتهِ بعد.

في الشمال لم تسجّل الجماعات المسلَّحة أيّ تقدّم مهم بعد بلدة أريحا. الجميع يدرك حجم الزَخم التركي في الشمال، وعلى رغم الخسائر فإنّ الجيش السوري لا يزال يقاتل في جنوب جسر الشغور ويعمل على إستعادة المبادرة.

لا تخفي المصادر السورية وجود معلومات عن نيّة الجماعات المسلَّحة التقدّم نحوَ حمص وبلوغ أطراف دمشق. وتقول إنّ هذا متوقع ولكنه ليس مقلقاً فالعاصمة السورية محصَّنة بتحصينات عدة، وهنالك قطاعات عسكرية لم تشترك في القتال حتى الآن، ومنها الحرس الجمهوري الموضوع مع غيره من الألوية والأفواج في خطة حماية دمشق.

أمّا في محافظة حمص فهنالك بؤر متفرّقة يسيطر عليها المسلَّحون وستكون عنوان الحملة التي قد يشنّها الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني لتطهير غالبية المحافظة من الجيوب التي قد تشكل خطراً.

معركة القلمون ونتائجها الممتازة حتى الآن، سترخي بنفسها إيجاباً على واقع حمص ودمشق، ويصبح في إمكان الجيش السوري والمقاومة التعامل مع مجموعات «داعش» والنصرة المنتشرة في مناطق محدودة من ريف وبادية حمص.

في السياسة تتحدّث المصادر السورية المطّلعة عن مشهد جديد بعد موعد 30 حزيران المقبل. سوريا تدرك بأنّ الزخم الحالي للمجموعات المسلَّحة سيخفت مع الوقت. هم في سباق مع الزمن وكلّ ما يجري هو محاولات تحسين شروط، ولكنّ الاهم هو «الشرعية» والشرعية اليوم وغداً يمثلها الرئيس بشار الاسد. مَن يريد «داعش» و«النصرة» فليجرّب العيش معهما، ومَن لا يريدهما ما عليه سوى حمل السلاح لمقاتلتهما ومواجهتهما للدفاع عن نفسه وعرضه وأرضه.

كلّ الحلول الديبلوماسية التي جاء بها الموفدون الى دمشق ألمحت الى «التقسيم» أو الى نظامٍ فيدرالي يكون في المحصلة مفتتحاً لتقسيم سوريا. وجميع الردود السورية على هذه المقترحات كانت تتّسم بالرفض والتأكيد على أنّ دمشق لن توافق على أيّ حلٍّ سياسي اذا لم ينص صراحة على وحدة التراب السوري.

الحلّ السياسي لم ينضج بعد والأميركيون لا يبدون مستعجلين، ولذلك فالمعركة مفتوحة إلى حين نضوج ظروف تسوية تعترف بالواقع السياسي والعسكري، وعندها سيكتشف الجميع أنّ كلّ ما نسمعه من ضجيج ليس سوى محاولات كسب سياسي لما عجزوا عن كسبه ميدانياً تختم المصادر السورية المطّلعة.