IMLebanon

استكمال بنود الطائف وتنفيذه هو طريق الإنقاذ

 

غالبية الشعب اللبناني تشهد وترى بأم العين انهيار الدولة وتفكك أركانها ومؤسساتها ومسرحيات انتخاب رؤساء الجمهورية وتكليف وتأليف الحكومات وتسمية الوزراء والوزارات الموزعة عليهم بهوى أسيادهم دون أدنى اعتبار لدستور البلاد والقواعد القانونية فيها، فالمتزعم الطائفي وقراره ورغباته فوق الجميع وكل منهم الأمر له دون غيره والخطف والقتل والتفجير الخطير لمرفأ بيروت وضحاياه الأبرياء وهدم آلاف المنازل والمتاجر والمحال مع تفجير عكار وتجارة المخدرات وحبوب الكابتغون وشحنها إلى دول عربية وشعوبها وحرب المجاعة وحجز أموال المودعين من الشعب اللبناني الذي رموه في جهنم الحمرا وتركوه فريسة للغلاء والاحتكار وبقية المصائب التي ألقوها على البلاد والعباد من دواء أخفوه واستشفاء ما عاد للمواطن قدرات مالية يطبب نفسه وأولاده وعياله، وكل هذه المصائب والبلايا أصبح تردادها ممزوجا لانه بدون قدرة على التغيير وسحق هذه الطبقة الحاكمة والمتحكّمة والعمل لبناء وطن حقيقي ودولة قادرة وعادلة، ووصل الأمر بهذه الطبقة الفاسدة والمفسدة إلى استجداء الدول الأجنبية لاختيار رؤساء للجمهورية وللحكومة وهذا مسار الدول التي لا تعرف معنى الاستقلال سوى رفع علم ونشيد وننشد «كلنا للوطن للعلى للعلم ملء عين الزمن سيفنا والقلم».. أصبح معكوسا بمعانيه وما أصدق قول الشاعر اليمني الكفيف -البردوني- رحمه الله (تبكي وتندب قوما كلما خرجوا من معبر مظلم في مثله دخلوا. گأنهم وسط نار الحرب موقدها، في الأرض ما خلقوا إلّا ليقتتلوا).

1- التذكير بمسيرة النظام السياسي والدستوري، ١٥١٦/ إخضاع بلاد عربية منها سوريا ولبنان لحكم السلطنة العثمانية.، واخضاع لبنان إلى نظام اقطاعي بتأثير عثماني.

٢- حكم إبراهيم باشا ابن والي مصر محمد علي باشا الألباني الأصل وقد أجرى إصلاحات سياسية وإدارية.

٣- اشتداد التدخّل الأوروبي بالشأن اللبناني وتقسيم لبنان الى قائمقاميتين واندلاع أحداث ١٨٦٠ وإقامة نظام المتصرفية بإنشاء مجلس إداري لمختلف الطوائف في لبنان.

٤- مؤامرة إصدار اتفاقية سايكس – بيكو ١٩١٦/ وتقسيم دول المشرق ومنها لبنان وسوريا وفلسطين والأردن والعراق بين بريطانيا وفرنسا.

ه- وعد بلفور المشؤوم بتأسيس وطن قومي لليهود بفلسطين.

٦- دخول جيوش الحلفاء لبنان وسط انقسام اللبنانيين لأكثر من فريق لجهة إنشاء دولة لبنانية مستقلة لهم.

٧- انتداب فرنسي على سوريا ولبنان كل على حدى بقيادة الجنرال غورو الفرنسي. وبريطانيا على العراق والأردن وفلسطين ووقعت معركة ميسلون التي قاوم فيها السوريون الدولة المنتدبة وإجلائها عن أرضه.

٨- في الأول من أيلول ١٩٢٠/ أعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير، وأصدر مرسوم بضم مدن الساحل المعروفة بالأقضية الأربعة إلى جبل لبنان, وأصدر قرارا بتعيين حاكم فرنسي للبنان وتعيين وإنشاء مجلس تمثيلي طائفي من30 عضوا برئاسة حبيب باشا السعد وبقي حتى العام ١٩٢٥.

وضعت سلطة الانتداب الفرنسي دستورا للبلاد مستمدّا من دستور فرنسا المنتدبة الجمهورية الثالثة وهي المتآمرة مع بريطانيا على البلدان العربية وشعوبها، باتفاقية سايكس – بيكو ووعد بلفور، أي التقسيم الاستعماري وإيجاد كيان صهيوني بفلسطين. وكان المفوض السامي الفرنسي هو الحاكم الفعلي في لبنان وحصر الصلاحيات برئيس الدولة الخاضع لسلطة الانتداب، وكانت هذه هي الحقبة الاستعمارية الفرنسية للبنان.

في العام ١٩٤٣/ ٢٢ ت. ثاني أعلن استقلال لبنان. وظل الخلل في النظام السياسي والدستوري قائما، وأدرك مسؤولو ذلك الزمان من اللبنانيين هذه المخاطر وعبّروا عنها على اختلاف ميولهم واتجاهاتهم بالتالي:

تصاريح لموريس الجميل، الكتائب العام ١٩٦٨/ ٦٩, أننا نعاني أزمة مصير ورائها أطماع إسرائيل من الخارج والإقطاعية الطائفية من الداخل وأن البلاد تعيش اليوم مركب أزمات تتجلّى في أزمة الدولة وأزمة النظام وأزمة المؤسسات وتحدث عن إفلاس الدولة ومؤسساتها والعاملين فيها. وقال البطرك المعوشي، ان النظام الديمقراطي في لبنان في احتضار ووضعه الدستوري في انهيار وحياته النيابية في انحدار (للتحقق «النهار» ١٩٦٨).

الرئيس تقي الدين الصلح قال في الحكم القائم – استعمارا وطنيا يتحكم في الشعب ويحول كل ثورة للإصلاح والقضاء على الفساد إلى نهاية فاشلة وأمل ضائع.

وقال رئيس الجمهورية المميّز والقوي فعلا لا قولا وبدون أزلام ومحاسيب الجنرال فؤاد شهاب الذي رفض ترشيح نفسه مرة ثانية رغم نداءات النواب وقال كلمته القوية المشهورة، ماذا يقول الكتاب أي الدستور يقول برفض التمديد. وأثبت أنه هو القوي حقا الذي يعف عند المغنم ولا يقع في خطيئة تجاوز الدستور وبتوريث الحكم ومصائبه خاصة عند فشل العهد فشلا كاسحا يصيب البلاد والعباد. ومما قاله، ان المؤسسات السياسية اللبنانية والأصول التقليدية المتبعة في العمل السياسي لم تعد تشكّل أداة صالحة للنهوض بلبنان، لقد تجاوزتها الأنظمة الحديثة. وانتقد قوانين الانتخابات وسوء تطبيق النظام الاقتصادي الذي يسهّل قيام الاحتكارات وعمل لوطنه وشعبه وراح دون غيره من رؤساء الجمهورية يبني دولة القانون والمؤسسات والأمن والأمان وكانت عروبته راسخة وعلاقاته مع الدول العربية الناجحة جعلت لبنان الوطن الثاني لهم والأمراء والرؤساء بنوا قصورا لهم هنا بلبنان.

ثانيا- هذا المسار السيئ والطائفي أخذ البلاد إلى حرب أهلية ضروس في نيسان ١٩٧٥ قد أذهلت العالم بعنفها وجبروت مليشياتها وتدخّلات الدول ومشاريعها التدويلية وهدم المدن والقرى والذبح الطائفي الفاشي للمواطنين وتهجيرهم من بلدانهم وقراهم واغتنمت إسرائيل الفرص فاحتلت لبنان عام ١٩٨٢ حتى التحرير تموز ٢٠٠٠.

ثالثا- اتفاق الطائف، قبله كان لبنان أرضا محروقة موزعة بين المليشيات الطائفية، وكان كل شيء مستباحا والحكومة حكومتين والجيش منقسم إلى ألوية طائفية وتحركت الدول العربية وعقد بمدينة الطائف بالسعودية. اجتماعات مطوّلة للنواب اللبنانيين وبعد مناقشات مهمة ومسؤولة وعلى امتداد ٢٥ يوما أقرّ النواب اللبنانيون وثيقة الوفاق الوطني التي عرفت باسم اتفاق الطائف وفي 5ت٢/ ١٩٨٩ صدّقوا بالإجماع على الوثيقة وغضب من غضب وصرخ حقدا من صرخ، لكن انتصرت الإرادة اللبنانية بمساندة عربية كريمة وبدعم دولي مميّز للصناعة اللبنانية وسقطت المشاريع التدويلية ودعوات التقسيم والانقسام والفدرالية وانتصر لبنان، وقد تمحورت هذه الوثيقة حول ثوابت أساسية لإعادة نهوض لبنان والدولة اللبنانية بمؤسساتها وجيشها وهوية الوطن: أ- مبادئ إصلاحية. ب- بسط سيادة الدولة على كل أراضيها. ج- تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي. د- العلاقات اللبنانية – السورية.

الحكومات اللبنانية المتعاقبة والأحزاب الطائفية المذهبية أهملت الاتفاق ومنهم من عمل لضربه وإزالته والالتفاف عليه لإسقاطه وباءت محاولاتهم حتى الآن بالفشل لكنهم مستمرين وسيفشلون. وما حققه اتفاق الطائف هو وقف الحرب والاقتتال، حلّ المليشيات وتحرير الوطن منها وهو الإنجاز الأهم، وضع دستور جديد للبلاد مما أنهى المرحلة السابقة مرحلة الانتداب وحلّت المرحلة اللبنانية العربية المستقلة. حسم هوية لبنان أنه عربي الهوية والانتماء، تعديل صلاحيات رئاسة الجمهورية ونقلها من الحالة الفردية الاحتكارية الطائفية كما رسمتها الدولة المنتدبة خدمة لمصالحها إلى مجلس الوزراء مجتمعا الذي يضم كل المكونات اللبنانية، تشكيل المجلس الدستوري والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، والمجلس الاقتصادي الاجتماعي، إعادة دمج ألوية الجيش اللبناني والقوى الأمنية العسكرية ويعود الفضل بذلك إلى الرئيس المحترم بمسؤولياته بقيادة الجيش ورئاسة الجمهورية الرئيس أميل لحود والتعاون مع القوى غير الرسمية بمقاومة الاحتلال الصهيوني وتحرير أرض الجنوب والبقاع الغربي عدا مزارع شبعا والعرقوب والغجر.

المناصفة في المجلس النيابي حل قضية المهجرين وعودتهم إلى المكان الذي هجروا منه وقد نفذ طائفيا ومذهبيا في الجبل والنبعة وبقية مناطق إسلامية لم تنفذ أبرزها أول منطقة تهجير قامت بها المليشيات الطائفية منطقة المدور، الكرنتينا والخضر والمسلخ. وما زالت عقبات العودة المخططة قائمة وهي وصمة عار في تاريخ كل العهود والحكومات التي ركبت أو اركبت على السلطة اللبنانية وهذا قائم مثيله في صيدا وطرابلس بدون أي سبب سوى الحقد الطائفي ومنطقة المدور بعهدة الجيش وقبله بسيطرة المليشيات ولم يلمس مهجرو المنطقة حتى الآن بين سيطرة أي منهما أي فرق فالنتيجة واحدة للأسف.

أما ما لم ينفذ من اتفاق فالتالي: عدم إنشاء مجلس الشيوخ، وعدم انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، عدم إلغاء الطائفية السياسية وعدم تشكيل الهيئة الوطنية لها واللامركزية الإدارية، ووضع خطة إنمائية شاملة، وقانون انتخاب جديد، والفصل بين السلطات، واستقلالية القضاء وإصلاح التعليم، والإعلام، وكتاب التاريخ الموحّد وإقامة عدالة اجتماعية, والكفاءة في المواقع الرسمية.

ان مشاكل لبنان في نفوس مسؤوليه وسوء إدارتهم وليس في نصوص الطائف ودستوره فاستكمال بنود الطائف وتنفيذه هو طريق الإنقاذ والالتزام بالدستور لانتخاب الرئيس وغير ذلك هو إنهاء وطن وهذه جريمة لا تغتفر.