IMLebanon

كلام عن «العلاقات المتردّية» مع الدول الخليجية!

 

على لبنان أن يعتمد على إمكانياته، وسواعد أبنائه المقيمين والمغتربين، لإعادة النهوض باقتصاده، وتجاوز الصعوبات المالية والاقتصادية التي نسمع عنها كثيراً في الإعلام اللبناني.

بهذه الكلمات الواضحة، والتي تحمل أكثر من رسالة، أنهى وزير خليجي سابق، نقاشنا الطويل عن تداعيات تردي العلاقات العربية على بلدان المنطقة وشعوبها، وخاصة العلاقات الخليجية مع عدد من الدول العربية، لا سيما لبنان بالذات!

يعترف أهل الخبرة والتجربة في الخليج، أن بلادهم تمرّ بواحدة من أدق المراحل في تاريخها، بما فيها حقبة الاجتياح العراقي للكويت، لأن أجواء الحروب والصراعات السياسية المحتدمة، تخيّم على كل دول مجلس التعاون، التي وجدت نفسها في السنوات الاخيرة في قلب الإعصار الحالي، بعدما وصل التمدد الإيراني إلى حدودها، وحقق اختراقات مهمة في بعض النواحي، مثل اليمن والبحرين، ولولا التصدي السعودي – الإماراتي الحازم لانقلاب الحوثيين في اليمن، لكان توسّع النفوذ الإيراني يطرق أبواب بعض العواصم الخليجية.

أدت أحداث وتطورات السنوات الأخيرة إلى تغييرات جذرية في الأولويات الخليجية، والاستراتيجيات المتبعة، محورها مواجهة التهديد الإيراني، وإعطاء الاهتمام الضروري لمتطلبات الأمن القومي، والعمل في الوقت نفسه على متابعة خطط التنمية وبرامج التطوير والتحديث، وتلبية حاجات الناس، ومواكبة طموح أجيال الشباب.

على خلفية الواقع الجديد، كان لا بد من إعادة النظر في السياسات المالية، وترشيد الإنفاق بما يخدم التوجهات الجديدة، فكان من الطبيعي، يتابع محدثي الخليجي، أن يتم تخفيض موازنات صناديق التنمية والمساعدات الخارجية، وإعطاء الأولوية للخطط الداخلية الجديدة، الأمر الذي بدأ يعكس تراجعاً في حجم القروض والمساعدات للأشقاء، لا سيما لبنان الذي طالما اعتمد على العلاقات المميزة مع الدول الخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات!

ولكن أين أصبحت هذه «العلاقات المميزة» بين بلدنا وهذه الدول الشقيقة؟

يبتسم محدثي، قبل أن يبادرني: أنتم أهل الإعلام والسياسة أدرى، كيف كانت، وأين أصبحت!

ويتابع بلهجة من افتقد شيئاً عزيزاً: لا أخفيك أن العلاقات راهناً ليست كما كانت دائماً وتاريخياً مع لبنان، الذي أحببناه جميعاً، ملوك وأمراء وشيوخ، رجال أعمال وكتّاب ومثقفون، وكثيرون كانوا يعتبرونه بلدهم الثاني، أما اليوم فالوضع في مكان آخر، حيث ثمّة تقييم خليجي أن لبنان حالياً واقع تحت هيمنة النفوذ الإيراني، من خلال الدور الذي يقوم به «حزب الله» في إدارة الأوضاع السياسية والأمنية، وسيطرته على مفاصل القرار في الدولة اللبنانية.

ويستطرد محدّثي، وكأنه يتذكر بعض المجريات الأخيرة: موقف دول مجلس التعاون التقليدي والدائم هو الحفاظ على الاستقرار والأمن في لبنان، وحمايته من تداعيات ما سمي زوراً الربيع العربي. وعندما حصل الفراغ الرئاسي قلنا إننا مع كل ما يتفق عليه اللبنانيون. وعندما طرح اسم العماد ميشال عون، اعتبرت دول خليجية أن تحالفه مع «حزب الله»، سيخل بمعادلة السلطة في لبنان، فجاء مَن يقول أن وصول العماد عون إلى قصر بعبدا، يعني ابتعاده عن التحالف مع الحزب، لأنه سيكون رئيساً لكل اللبنانيين، فضلاً عن أن الداعمين الأساسيين له الآن، هما «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية»، المعروفين بعدائهما للحزب.

ويتابع: وأراد البعض اعتبار زيارته الرسمية الأولى إلى الرياض، بمثابة رسالة تؤكد المنهج الجديد للرئيس الجديد.

ويصمت محدثي عن الكلام مبرراً عزوفه عن متابعة تقييمه للعلاقات الخليجية المتردية مع لبنان، بأن ما حصل بعد ذلك معروف ولا داعي للخوض في تفاصيله، التي تتكرر بين حين وآخر، من دون الأخذ بعين الاعتبار متطلبات صون العلاقات والمصالح اللبنانية مع الأشقاء الخليجيين.

وعندما توقفت عند كلمة «المتردية» رد مستغرباً: من هي الوفود الخليجية التي زارت لبنان بعد انتهاء مراسم التهنئة للرئيس عون، وما هو مستوى الوفود التي تأتي من لبنان؟ وماذا تعني تغريدات وزير الدولة السعودي ثامر السبهان المتكررة في الفترة الأخيرة؟

وكأن صاحبنا اكتفى بهذا القدر من الكلام المباح، تاركاً للبنانيين تدبّر أمورهم قبل فوات الأوان!!